حكومة «الغويل» تعيد جوازات السفر لليهود وتل أبيب ترعى لقاء رودس دول الربيع العربى تشهد موجات عودة لليهود والمطالبة باسترداد أملاك مزعومة!
كان الاجتماع الذى عقده عدد من القوى السياسية الليبية مع عدد من اليهود الليبيين، الأسبوع قبل الماضى فى جزيرة رودس اليونانية بحضور إسرائيلى رسمى، ودعا صراحة إلى المصالحة وبدء حوار بين اليهود الذين طردوا من ليبيا عام 1967 محاولة من الإخوان للحفاظ على مصراتة بعيداً عن أيدى الجيش الوطنى الليبى الذى قد ينقض فى أي لحظة على معقل الدواعش وأنصار القاعدة.. وبالتالى البحث عن مخرج إسرائيلى لتخفيف الضغط عن الإخوان.. مصادر مطلعة أشارت إلى أن هذا اللقاء يأتى أيضاً متزامنا مع إحياء ذكرى مرور 50 عاما على طرد يهود ليبيا من البلاد، الأمر الذى يمثل رسالة سياسية وإستراتيجية مهمة سعى اليهود الليبيون إلى الترويج إليها والحديث عنها فى مختلف وسائل الإعلام.
غير أن الحديث عن مثل هذه الاجتماعات يطرح عددا من النقاط المهمة، أبرزها الشخصيات الرفيعة التى ظهرت بها بداية من الشخصيات الليبية التى تقدمها معيد الكيكية، الذى وصفته دوائر إسرائيلية بالمرشح الأوفر حظا لرئاسة الحكومة الليبية، فضلا عن السفير الليبى فى البحرين الدكتور فوزى عبد الله العلى وهو مرشح أيضا لمنصب وزير الخارجية. فضلا عن الكاتب الصحفى الليبى أحمد رحال. وعمر القويرى الرئيس السابق لهيئة إعلام الحكومة المؤقتة التابعة للبرلمان، أما فى إسرائيل فتقدم الحاضرين أيوب كرا، وزير الاتصالات ورئيس ما يسمى باتحاد يهود ليبيا رفائيل لوزون. ووزيرة المساواة الإجتماعية جيلا جمليئيل،ما يؤكد أن الرعاية الإسرائيلية للحدث كانت رسمية ، ذلك أن حضور وزيرين بالحكومة يدحض مزاعم تل أبيب بأن اللقاء كان غير رسمى وأن من حضروه كانوا مجرد «نشطاء»
إنجاز عظيم من جانبه وصف رئيس اتحاد يهود ليبيا، رفائيل لوزون، رسالة رئيس حكومة الإنقاذ الوطنى خليفة الغويل إلى مؤتمر المصالحة الليبى اليهودى ب «التاريخية». وكتب رفائيل لوزون على صفحته ب «فيس بوك» أنه تلقى تحيات وصفها بالحارة من رئيس الوزراء الليبى الغويل إلى مؤتمر اليهود الليبيين فى رودس، وأعلن من هنا أهمية اليهود فى ليبيا، وأننا جزء من ليبيا وأنه يحق لنا العدالة والتعويض، إنها رسالة تاريخية. المثير للانتباه أن الكثير من المواقع الإخبارية الليبية نشرت نص هذه الرسالة، فى خطوة بات من الواضح أن وراءها آلية لنشر هذه الرسالة وتعميمها بين مختلف الطوائف الليبية.
غير أن الملاحظ فى هذا الاجتماع أنه يمثل تحديا واضحا ورغبة فى الكشف الصريح عن كل تفاصيله، وهو ما تجلى مع تسريب محاضر اجتماعاته وصور المشاركين به أولا بأول.
أهمية خاصة
ويشير مصدر فلسطينى متخصص فى الشئون الإسرائيلية ل «الأهرام العربى» أن هناك أكثر من ظاهرة يجب الالتفات إليها عند التطرق لهذه القضية، أولها أن هذا الاجتماع عقد فى اليونان، وهو ما يطرح فرضية مهمة وهى دور اليونان فى التوسط بين اليهود الليبيين من جهة، والحكومة الليبية من جهة أخرى، أو بالأصح أحد أفرع هذه الحكومة.
بالإضافة إلى ذلك يبدو أن الفرع البارز فى هذه الاجتماعات، بحسب المصدر، كان فرع المسئول الليبى خليفة الغويل، رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطنى الليبية، وهى الحكومة التى تحظى بقوة فى بعض من قطاعات الدولة الليبية.
وأضاف المصدر أن هناك ظاهرة أخرى تتمثل فى علنية هذا الاجتماع، والظهور فى صور علنية طبيعية بين المسئولين الإسرائيليين من جهة والليبيين من جهة أخرى، وهو ما يمثل رسالة واضحة ليس فقط للعالم ولكن للعرب أيضا.
وبجانب كل هذا عرض لوزون، وهو مهندس هذا اللقاء بين الليبيين وإسرائيل، من قبل صورة لحصوله على الجنسية الليبية من جديد، وهو أمر يمثل تغيرا دراميا بالتأكيد فى توجه الحكومة الليبية، أو أحد فروعها الذى منح لوزان هذا الجواز، وتعاملها مع هؤلاء اليهود.
وبجانب كل هذا هناك نقطة أخرى وهى اهتمام الحكومة الإسرائيلية ورعايتها لهذا المؤتمر، على ما يبدو، خصوصا مع حضور وزير الاتصالات أيوب كرا رسميا لهذا الاجتماع الأمر الذى يمثل بالتأكيد موافقة ضمنية بصورة أو بأخرى لحكومة نيتانياهو على عقد هذا الاجتماع مع منح وزير بها حرية هذا الحضور.
الربيع العربى ... والممتلكات المزعومة
وبجانب كل ما سبق هناك قضية مركزية أخرى وهى أن الحديث الدائم عن الحقوق العينية لليهود العرب فى الدول العربية، هو أمر دائما ما يثار مع ضعف الدول العربية ومعاناتها سواء على الصعيد الأمنى أم السياسي. وعلى سبيل المثال تم طرح هذه القضية بوضوح مع ثورة يناير بمصر، فضلا عن الإلحاح بها أيضا مع تصاعد رحى القتال سواء فى ليبيا أم اليمن أم حتى سوريا . والملاحظ أنه ومع تصاعد ضعف الدولة أو تشتتها بين الحروب أو الخلافات الداخلية الداخلية تتصاعد المطالب سواء المصرية أم اليمنية أم الليبية أم السورية بوجود حقوق لهؤلاء اليهود فى تلك الدول.
والمتابع للساحة الإسرائيلية يلاحظ أن الحديث عما يسمى باسترجاع ما يسمى بحقوق هؤلاء اليهود بالدول العربية يمثل قضية مركزية تتناولها الصحف ووسائل الإعلام المختلفة .
الأهم من هذا أن عدداً من اليهود العرب بدأوا فى السفر إلى الدول العربية التى شهدت ثورات للربيع العربى أخيرا. ويهدف هؤلاء اليهود من وراء هذه الخطوة إلى عرض ممتلكاتهم والتأكيد على أحقيتهم بها، فى خطوة تتداولها وسائل الإعلام الإسرائيلية بمختلف توجهاتها.
معابد يهودية فى ليبيا
وأخيرا تداولت بعض من منصات التواصل الاجتماعى الإسرائيلية صوراً للناشط اليهودى دافيد جربى، الذى سافر أخيرا إلى ليبيا وقام بأداء الصلوات فى أحد المعابد اليهودية المهجورة، فضلا عن زيارته أيضا للقبور اليهودية بالبلاد.
وبرغم رمزية هذه الخطوة فإن الكثير من الدوائر الإسرائيلية ألقت الضوء عليها واهتم بها، حتى إن بعضاً من هذه الدوائر اعتبرتها خطوة فى طريق استرجاع الحقوق اليهودية المزعومة بالدول العربية.
المثير للانتباه أن هناك ما يشبه لغة التحدى التى يستخدمها الكثير من اليهود العرب, مطالبين باستعادة ما يسمونه بالحقوق اليهودية من الدول العربية. ويقول البرفيسور إيدى كوهين، وهو واحد من أنشط الإسرائيليين فى هذه القضية الذى يطالب بضرورة استعادة ما يسميه بالحقوق اليهودية من الدول العربية، فى بيان سابق له نشره عبر الفيس بوك, أنه يطالب الحكومات العربية والشعوب باسترجاع أموال اليهود من ثلاث دول رئيسية، وهى مصر والعراق وليبيا. وربط كوهين بين التصالح أو التعاون بين إسرائيل وهؤلاء اليهود من جهة، وبين إعادة هذه الممتلكات من جهة أخرى، مشيرا إلى أن اليهود لن يتنازلوا عن أى شبر أو قرش من الأموال التى أخذها العرب، على حد وصفه.
عموما مثل اجتماع جزيرة رودس اليونانية الأخير بين اليهود الليبيين والإسرائيليين بالتأكيد تحولا جذريا، تحولا يضاف للكثير من التحولات التى تعيشها المنطقة الآن التى تعصف بها تغيرات متواصلة.