استضافت جزيرة رودس اليونانية مؤتمرا، يهدف إلي بدء حوار بين ليبيا واليهود الإسرائيليين ذوي الأصول الليبية، وهو مؤتمر يحمل في ظاهرة معاني الإنسانية، وفي باطنه خطرا كبيرا قد يضر بليبيا ومصر علي المدي الطويل، فعودة اليهود إلي ليبيا بعد أن غادروهاعقب حرب 1967م، أمر يثير عديدا من الشبهات والتساؤلات عن دوافعه وغاياته، ويمثل شوكة في خصر مصر الغربي وخطرا علي أمنها القومي، خاصة أن رحيلهم قبلا كان بمحض إرادتهم، وبتدبير من الوكالة اليهودية وبعض مخابرات دول أوروبا التي يحملون جنسياتها، ولم تعد لأي منهم ممتلكات هناك، لأن الحكومة الليبية آنذاك علي ما أخبرني الروائي الليبي الكبير د. أحمد إبراهيم الفقيه وفرت الحماية للجالية اليهودية، وأنشات لهم أماكن لإقامتهم وحمايتهم إلا أن أغلبهم آثر الهجرة إلي إيطاليا كمحطة أولي، دون أن تجبرهم الدولة علي المغادرة، ودون أن تمتد يدها إلي مصادرة أموال أو أملاك أي منهم، ولكنهم باعوا أملاكهم أو صنعوا توكيلات لأصدقاء لهم أو محامين للتصرف باسمهم، في العقارات والمزارع بالبيع وأخذوا أثمانها، فهم إذا لم يتركوا أملاكا وراءهم ليعودوا إليها أو يطالبوا بتعويض عنها، ولكنهم يستغلون الوضع غير المستقر في البلاد لزرع إسفين لهم في أرض ليبيا، بحيث يكونون شوكة في جنب الوفاق الوطني، ويحققون أهداف الصهيونية العالمية في حصار مصر شرقا وغربا. ومما يدلل علي خطورة هذا المؤتمر الذي استغرق الإعداد له شهرين، ونظمه «اتحاد يهود ليبيا» برئاسة رفائيل لوزون، حضور وزير الإعلام والاتصالات الاسرائيلي أيوب قرا مبعوثا رسميا من قبل بنيامين نيتانياهو، ومشاركة موفدين رسميين من حكومة خليفة الغويل، منهم وزير الثقافة والإعلام السابق في الحكومة المؤقتة د. عمر القويري، ومحمد علي التريكي ممثلا لرئيس حكومة الإنقاذ الوطني، ووفقا لما نشرته الإعلامية الليبية المقيمة في هولندا وفاء البوعيسي التي حضرت المؤتمر، فقد رحب التريكي بعودة اليهود الليبيين، واعترف بحقهم في نيل الاعتراف والتعويض مثلهم مثل غيرهم، وكذلك فعل د. عمر القويري في كلمته، مما شجع رفائيل لوزون رئيس اتحاد يهود ليبيا في إسرائيل، علي القول إن «جميع الفصائل في ليبيا تريد بناء علاقات مع إسرائيل علي الرغم من أن الدولة تعاني الانقسام في الراهن». الحقيقة أن معظم مثقفي ليبيا وقفوا ضد المؤتمر وشن العديد من المواقع والصحف الليبية انتقادات عنيفة للمشاركين الليبيين، وصلت إلي حد الاتهام بالخضوع لابتزازات صهيونية ضد مصلحة ليبيا، ووصف مشاركتهم بأنها نوع من الشو الإعلامي أمام الصحافة الغربية، وهذا ما أكده لي أصدقاء ليبيون مقيمون في مصر، حين اعتبروا أن المشاركين يتحدثون باسمهم وليس باسم الشعب الليبي، وأن المؤتمر يجسد الدهاء اليهودي الذي مورس عبر التاريخ فهم محترفون في ذلك، لكن الزمن تغير ولم تعد ألاعيبهم تنطلي علي الشعوب العربية، ومنها الشعب الليبي الطيب. لمزيد من مقالات أسامة الألفى