د. فخرى الفقى: الخطوة لم تكن محسوبة من جانب قطر د. سلطان أبو على: قد تتضرر العمالة المصرية فى قطر
هرع المواطنون القطريون والمقيمون إلى المحال التجارية لشراء احتياجاتهم من السلع الغذائية وتخزينها، بعد فرض الحظر البرى والبحرى والجوى على قطر من قبل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ومصر وليبيا واليمن.
فعلى إثر هذا القرار الخليجى بشكل خاص والعربى بشكل عام، سادت حالة من الفزع والخوف من عدم توافر السلع الغذائية، خصوصا ونحن فى شهر رمضان الكريم، والذى عادة ما تزيد فيه المشتروات بشكل كبير على بقية أشهر العام.
وفتحت البورصة القطرية أبوابها يوم الإثنين الماضى على انخفاض حاد وصل إلى 5,3 ٪ وأنهت يومها على انخفاض قارب 8 ٪، وهو أول انخفاض بهذا الشكل تشهده البورصة القطرية منذ عام 2009 فى أعقاب الأزمة المالية العالمية.
وستتكبد الشركة القطرية للطيران المدنى ملايين الدولارات كخسائر نظير إغلاق المجال الجوى للدول التى فرضت الحظر عليها، ومما سيظهر الطائرات القطرية إلى سلوك مسارات مغايرة مما سيطيل المسافات بشكل كبير.
لا توجد لقطر حدود برية مع أى دولة سوى السعودية منفذ أبو سمرة القطرى الذى تعبر منه الشاحنات المحملة بمختلف أنواع البضائع، خصوصا السلع الغذائية التى يصل عددها إلى 800 شاحنة يوميا تعبر من السعودية إلى قطر.
فبحسب وزارة التخطيط التنموى والإحصاء القطرية، تعتمد قطر فى ملف الأمن الغذائى على السعودية والإمارات، فقد سجل التبادل التجارى بين قطر والدول الخليجية 37.9 مليار ريال قطرى أى ما يعادل 10.5 مليار دولار أمريكى ووفقا لتلك البيانات فإن السعودية والإمارات تسهمان ب 82 ٪ من قيمة هذا التبادل التجارى مع قطر. ومنفذ سلوى السعودى يوفر 40 ٪ من احتياجات قطر الغذائية، فالسعودية تأتى فى المرتبة الأولى فى تصدير المواشى لقطر، وتحتل الإمارات المرتبة الخامسة كأهم الدول المصدرة لقطر، بإجمالى 310 ملايين دولار فى عام 2015.
أما بالنسبة لتجارة الخضراوات فتأتى الإمارات فى المرتبة الثانية والسعودية فى المرتبة الرابعة، من حيث المصدرين بإجمالى 187 مليون دولار سنويا، وتحتل البحرين المرتبة الأولى فى تجارة الوقود، تليها الإمارات فى المرتبة الثانية بإجمالى 200 مليون دولار سنويا، أما بالنسبة لتجارة المعادن، فالإمارات تحتل المرتبة الأولى فى تصدير المعادن لقطر بإجمالى نصف مليار دولار سنويا.
نقل الغذاء
ويتوقع الخبراء الاقتصاديون، أنه سيكون على قطر توفير وسائل أخرى لنقل الغذاء بعيدا عن المنافذ العربية الخليجية المتاحة، وهو ما سيدفع الدوحة إلى اللجوء إلى الشحن الجوى أو الشحن البحرى، وهو ما سيزيد من تكلفة النقل وسيرفع ذلك معدلات التضخم فى قطر.
أما بالنسبة لتأثير قطع العلاقات الدبلوماسية المصرية القطرية وفرض حظر على الطيران القطرى فى الأجواء المصرية، فيرى الدكتور سلطان أبو على وزير الاقتصاد الأسبق، أنه من المؤسف أن تصل العلاقات العربية إلى هذا الحد، وأن الآثار السلبية سيكون الجانب الأعظم منها على الاقتصاد القطرى لأنه الاقتصاد الأصغر من حيث الحجم والتصنيع والزراعة، وهذه الآثار السلبية تتوقع على طول مدة قطع العلاقات، فإذا كانت الفترة قصيرة وشعرت قطر بالخطأ الذى وقعت فيه، فإن تلك الآثار ستكون محدودة، أما إذا استمرت فى حالة عنادها فإنه سيكون هناك تفاقم لتلك الآثار، خصوصا على البورصة والتى تشهد مضاربات أو ما يعرف ب hot mony التى ستضارب.
ويجب ألا ننسى قطاع الإنشاءات والذى يعمل فيه عدد كبير من الشركات العالمية، والتى تقوم بإنشاء العديد من الملاعب والمنشآت الرياضية والتى هى فى حالة ترقب وانتظارا لقرار الفيفا، والشركات العاملة فى هذا المجال تعتمد على استيراد مواد البناء من السعودية.
أما بالنسبة للاقتصاد المصرى، فإنه لن يتضرر وستكون الآثار السلبية محدودة عليه، فيمكن أن تمتنع قطر عن استثمار أى أموال لها فى مصر، وهناك جانب مهم هو العمالة المصرية فى قطر، والمفترض أن القيادة القطرية لا تعاقب العمالة المصرية هناك، لأنها ستضطر إلى دفع تعويضات لهم فى حالة فسخ عقودهم، أما بالنسبة للعقود المبرمة مع التجار المصريين، فقد أعلن محمد المصرى رئيس اتحاد الغرف التجارية، أنهم ملتزمون بتوريد ما تم الاتفاق عليه، وتشير التقارير الاقتصادية أن حجم التبادل التجارى بلغ 1,8 مليار جنيه.
انهيار البورصة
يتوقع الخبراء أن تتأثر الشركات القطرية مثل صناعات قطر والمسيعيد للبتروكيماويات والناقلات وغيرها، والتى تتوزع أعمالها فى دول مختلفة وعملياتها بقرار قطع العلاقات، وهذا ما يفسر عمليات البيع على أسهمها فى حركة استباقية من جانب المستثمرين.
وبحسب وكالة رويترز، انخفضت السندات الدولارية السيادية لقطر، والتى تستحق فى عام 2026 بواقع 1,8 سنت، لتصل إلى أدنى مستوى لها مند مارس الماضى، كما انخفضت السندات الدولارية الأقصر أجلا التى تستحق فى 2019 إلى أدنى مستوى لها منذ أواخر 2013.
وقد أوضحت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، أن تلك الأزمة قد تؤثر على التصنيف الائتمانى لقطر، إذ أدت بالفعل إلى تعطل حركة التجارة وتدفقات رؤوس الأموال. وهنا يوضح الدكتور فخرى الفقى مساعد مدير صندوق النقد الدولى الأسبق أن الأثر المباشر سيكون على البورصة، وقد ظهر ذلك على الأسهم فى اليوم الذى أعلنت فيه الدول العربية الست قطع علاقاتها مع قطر، حيث انخفضت البورصة إلى ما يقرب من 8 ٪ وسيؤثر على الشركات التى لها تعاقدات مع قطر والتقرير الصادر عن موديز، يعنى دراسة المخاطر التى ستتعرض لها التجارة، وكذلك تعاملات البنوك القطرية مع البنوك العالمية وللحقيقة فإن هذه الخطوة لم تكن محسوبة من قبل قيادة قطر، وستتوالى الآثار خلال الفترة القليلة المقبلة، بعد أن يظهر رد فعل قطر، فإذا حدثت مصالحة عربية عربية بشكل سريع فإن الآثار ستكون محدودة.
تكاليف الحظر
ستتأثر الشركة القطرية للطيران المدنى بحظر الطيران فى الأجواء للدول العربية الأربع السعودية والإماراتيةوالبحرينية والمصرية، وهو ما سيؤدى إلى توقف الرحلات من وإلى قطر، فالرحلات من الدوحة وإليها وتصل إلى 19 رحلة يوميا إلى دبى، 6 رحلات إلى مطار أبو ظبى، 6 رحلات إلى مطار الكويت، 5 رحلات إلى المنامة، 3 أو 5 رحلات إلى جدة، و4 رحلات إلى الرياض وكذلك الرحلات إلى مصر.
ويعنى قرار حظر الطيران فى أجواء تلك الدول، عدم السماح للطائرات القطرية سواء بالدخول فى الأجواء أم إجراء عمليات الترانزيت، فمثلا الرحلة من الدوحة إلى لندن فى المسارات الجوية العادية تأخذ 6 ساعات، وأنها تستطيع العبور من الأجواء السعودية، ولكن بعد قرار الحظر فإن الرحلة ستأخذ 12 ساعة بدلا من 6 ساعات، حيث ستضطر إلى عبور الأجواء الإيرانية ثم المرور بالأراضى العراقية ثم الأجواء السورية، وهو ماسيزيد من التكاليف التى ستتحملها الشركة القطرية، هذا بخلاف الرحلات التى ستكون متجهة إلى إفريقيا، هو ما سيقوض نموذج عمل شركة الطيران القطرية المعتمدة على مسافرى الترانزيت.
بديل سريع
يبدو أن قطر تعتمد على إيران فى توفير بديل سريع للمواد الغذائية، التى كان معظمها من السعودية والإمارات، وأعلن اتحاد المزارعين الإيرانيين أنهم على استعداد لتلبية احتياجات قطر من المواد الزراعية والغذائية عن طريق الموانئ الإيرانية الأربع المقابلة لقطر، فهناك اتفاقية وقعتها قطر مع إيران فى 14 نوفمبر عام 2014 لتسيير التجارة بين البلدين. ولكن تلك الاتفاقية وغيرها من الاتفاقيات لن يستطيع توفير الاحتياجات الإنسانية للقطريين، فالعمق العربى هو الأهم بالنسبة للشعوب العربية، والفترة المقبلة هى التى ستوضح فى أى الاتجاهات ستسير العلاقات العربية العربية سواء إلى مزيد من التصعيد أم فى اتجاه رأب الصدع العربى بناء على التصرفات القطرية.