رغم تأكيدات وزارة المالية، عدم صحة ما تردد مؤخرًا، عن تغيير شكل العملة المحلية بفئاتها المختلفة خلال الفترة المقبلة، إلا أن فكرة تغيير العملة شغلت بال الكثيرين، وأهم ما تبادر إلى أذهانهم هو تجارب الدول سواء إقليمياً أو عالمياً في هذا الشأن، والأسباب التي دفعتهم للقيام بتلك الخطوة ومدى جدواها على المدى القصير والمتوسط. وقالت الوزارة، في بيان لها، إن تغيير شكل العملة، يخضع لحسابات اقتصادية معقدة، تشمل معدلات الادخار وعدد الحسابات المصرفية، التى تستهدف البنوك زيادتها، ومعدل التضخم، والحد من الفساد.
وتركزت معظم الأسباب إلى انتشار العملات المزيفة في السوق وارتفاع معدلات التضخم إلى نسب كارثية وصلت إلى 400% في بعض الدول وكذلك رواج التعامل عبر السوق السوداء أو تغيير شكل العملة مع اختلاف النظام الحاكم، فضلاً عن هبوط قيمة العملة المحلية مع تحرير سعر الصرف.
ومن تلك التجارب ما قوبل بنجاح كبير نتج عنه القضاء على تلك المسببات في التغيير ومنها ما تسبب في اندلاع احتجاجات شعبية نتيجة صعوبة عملية التحول من القديم إلى الجديد ومنها ما تم بدون أي نتائج سلبية على الاقتصاد بسبب قصره على تغيير الشكل الخارجي للعملة فقط.
السعودية:
في 26 ديسمبر 2016، أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" طرح الإصدار السادس من العملة الورقية والمعدنية للتداول والمرسوم عليها صورة العاهل السعودي الحالي الملك سلمان بن عبد العزيز.
وقال محافظ "ساما"، أحمد الخليفي، إن سيتم تداول الإصدار الجديد جنبا إلى جنب مع العملة المتداولة حاليا، ولتلبية احتياجات السوق من النقد، فسوف تستمر المؤسسة في طرح ما لديها من مخزون من الإصدار الخامس للعملة.
وبررت مؤسسة النقد إصدار العملة المعدنية لفئة الريال الواحد، بتأكيدها أنه "مع ارتفاع كميات فئة الريال الواحد الورقي في التداول، الذي أصبح يشكل نصف عدد الأوراق النقدية المتداوَلة، زادت التحديات التي تواجه المتعاملين بالنقد، بما في ذلك المؤسسة والبنوك والمحال التجارية، ما فاقم صعوبة عد وفرز الكميات الضخمة منها".
وأضافت مؤسسة النقد: "وعليه، فقد تقرر أن يحل الريال المعدني تدريجيا محل الريال الورقي، إذ إن سك وتداول الريال المعدني له العديد من الآثار الإيجابية على الاقتصاد السعودي، فالعمر الافتراضي للعملة المعدنية يقدر بما بين 20 و25 سنة، مقارنة بالعمر الافتراضي للعملة الورقية الذي يقدر بما بين 12 و18 شهرا، حسب ظروف تداولها".
وقالت المؤسسة: "أظهرت الدراسات أن إضافة فئة جديدة إلى فئات العملة المعدنية ستؤدي إلى تقليل عدد القطع المعدنية التي يحملها الشخص، وتساعد على إيجاد نوع من التوازن بين العملتَيْن المعدنية والورقية، خاصة ما دون فئة (الخمسة ريالات الورقية)، وهي الممارسة المعتادة في العديد من الدول. وبناء عليه، تقرر إصدار فئة نقدية معدنية جديدة للتداول، قيمتها ريالان".
وعلى غرار كنداوأستراليا وبعض الدول الأخرى، تحاول "الكويت" لكي تكون من ضمن دول قليلة اعتمدت على تغير نوعية عملتها إلى الأوراق البلاستيكية والمعدنية. وكانت أستراليا السباقة في اعتماد تلك المادة في أوراقها المالية قبل 25 عامًا تقريبًا، بيد أن بعض الدول بدأت تحذو حذو تلك القارة.
مرت الهند بتجربة مريرة بعد قرار السلطات الهندية، في نوفمبر الماضي، بإلغاء التعامل بعملات من الفئات الكبيرة، والتي تمثل أكثر من 80% من العملة المتداولة في الهند، وحض رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، الشعب الهندي على المساعدة في القضاء على الفساد والتهرب الضريبي وتنظيف البلاد من الأموال السوداء، وتحمل الآثار السلبية المترتبة على قرار تغيير العملة.
ومع تصاعد الغضب الشعبي من طول الانتظار في طوابير تغيير العملة أمام البنوك وماكينات صرف النقود، ومطالبات شعبية وسياسية بإلغاء القرار، منحت السلطات المواطنين فرصة شهرا، لاستبدال العملات القديمة التي بحوزتهم أو إيداعها في حسابات مصرفية.
وأدى القرار لتعثر الملايين من الشعب الهندي لعدم قدرتهم على سحب أموال لتغطية نفقاتهم اليومية وشراء متطلباتهم الأساسية من الغذاء ودفع نفقات المواصلات، خاصة في ظل وجود اعتماد كبير على التعاملات النقدية.وزاد من المعاناة إعلان وزير المالية تأخر ضخ الفئات النقدية الجديدة في ماكينات صرف النقود بسبب مشكلات تقنية. كما اشتكى العديد من المواطنين البسطاء، الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية ويحتفظون بالأموال في منازلهم، من ضياع جميع مدخراتهم وتراجع قيمتها.
كانت فنزويلا من أغنى دول أميركا اللاتينية حتى نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وكانت أكثر الدول سعادة، إلى أن وصل بها إلى تجاوز معدلات التضخم 400%، واضطرت السلطات إلى طبع العملة دون رصيد اقتصادي، وخسر البوليفار الفنزويلي ما يتجاوز 60% من قيمته في شهر واحد فقط وذلك خلال نوفمبر الماضي، مقابل الدولار الأميركي بالسوق السوداء، وسجل سعر الدولار الواحد نحو 4000 بوليفار.
وأصبحت المؤسسات الحكومية في فنزويلا، التي تمتلك أكبر احتياطي من النفط في العالم، تعمل يومين فقط من الأسبوع في محاولة من الحكومة لخفض فاتورة استهلاك الكهرباء والمياه يرافق ذلك نقص كبير في السلع الغذائية والدواء وغيرها من الضروريات مما جعل هذا البلد يعاني أكثر من زيادة معدل الجريمة بسبب الضغوط التي يتعرض لها الشعب الفنزويلي وفقا لتقارير دولية وعالمية.
يذكر أن قوة الاقتصاد الفنزويلي قبل انهياره والتي استند عليها الرئيس السابق هوجو تشافيز طيلة فترة حكمه، كانت عبر النفط، حيث اعتمدت اعتمادا كليا على البترول كمصدر وحيد لاقتصادها وناتجها الإجمالي.. كما أن سياسة تشافيز في التأميم والمصادرة دفعت المستثمرين للهروب برؤوس أموالهم الضخمة إلى الخارج، ما أدى إلى انهيار القطاع الخاص.
وقرر الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، في ديسمبر / كانون الأول الماضي، إلغاء العملة من فئة 100 بوليفار، وقامت الحكومة الفنزولية بطرح أوراق نقدية بقيمة 500 و5000 بوليفار، ستتبعها طباعة فئات من 1000 و2000 و10000 و20000 بوليفار، لتدخل في الدورة النقدية خلال النصف الأول من العام الجاري 2017.
وفي تركيا بعد أن بلغ سعر صرف الليرة التركية عام 2005، نحو مليون و514 الف ليرة للدولار، قامت الحكومة التركية في تجربة اقتصادية ناجحة، باستبدال العملة القديمة وسحبها من التّداول عام 2005، حيث طرحت بدلاً منها العملات الجديدة الخالية من الأصفار، ومنحت المواطنين فترة 10 سنوات لاستبدال عملاتهم القديمة بالعملة الجديدة وذلك من مقر البنك المركزي وفروع بنك "زراعت" الحكومي.
وفي 1 يناير2009، طرحت الحكومة التركية ورقة بفئة 200 ليرة بعد أن كانت ال100 ليرة هي أكبر ورقة مالية متداولة، وتم تغيير شكل العملة وزيادة تأمينها وصعوبة تزويرها، حيث تم وضع 10 علامات على العملات الورقية بدءا من الليرة الواحدة إلى المائتي ليرة.
وبلغت تكلفة حملة الترويج لاستخدام العملة الجديدة بلغت 14 ر1 مليار يورو، فى حين أن تكلفة تغيير الليرة الجديدة بالليرة السابقة يتراوح ما بين 11 إلى 12 ليرة لكل ورقة بنكنوت.
وفي أبريل2016، أعلن البنك المركزي التركي عن انتهاء فترة تبديل العملة التركية القديمة ذات الأصفار الستة مع نهاية العام 2016. وحذّرت إدارة البنك المواطنين بالإسراع في عملية تبديل العملة القديم الموجودة في حوزتهم بالعملة الجديدة الخالية من الأصفار.
ورسميا، فقدت العملة القديمة صلاحيتها منذ تاريخ 1 يناير عام 2016، حيث لم يعد بإمكان المواطنين الأتراك منذ ذلك التاريخ، تغيير العملات الموجودة في حوزتهم. وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15يوليو 2016. أصدرت سلطة النقد التركية نسخا معدنية جديدة من عملة الليرة التركية تحمل صورا ورموزا جديدة تكريما للقتلى والجرحى الذين سقطوا في أثناء محاولة الانقلاب الفاشلة التي قادها عدد من ضباط الجيش التركي، ضد الرئيس رجب طيب أردوغان.
واستطلع بنك إنجلترا المركزي رأي المواطنين في خطوة لتغيير المواد التي تصنع منها العملة البريطانية الورقية، وتحويلها إلى بلاستيكية، على أن تحافظ على شكلها الحالي. وحدد البنك المركزي حينها عدة مزايا للأوراق البلاستيكية، وخاصة ما يتعلق بصعوبة تزويرها ومقاومتها للرطوبة والغبار، ما يحافظ على نظافتها لفترة طويلة، إلى جانب قدرة البلاستيك على مقاومة التلف، ما يطيل عمر الورقة النقدية المصنوعة من مواد بلاستيكية بأكثر من مرتين ونصف المرة مقارنة بتلك المستخدمة حاليًا، إلى جانب التكلفة الزهيدة للطباعة على البلاستيك مقارنة بالأوراق المستخدمة حاليًا.
وأشار المركزي البريطاني إلى أنه وضع خططًا لتحويل جميع فئات أوراق الجنيه الإسترليني إلى العملة البلاستيكية تدريجيًا حتى العام 2016.
بعدما وقّع عشرات الآلاف على عريضة إلكترونية عبر موقع، أطلقها توماس بروست، مطالبين بتغيير اسم الدولار الأسترالي إلى دولاريدو، نسبة إلى إحدى حلقات هذا المسلسل، التي يفاجأ فيها رجل أسترالي باكتشاف فاتورة هاتف تبلغ 900 دولاريدو، نتيجة اتصال استمر ست ساعات من الولاياتالمتحدة.
جاء في هذه العريضة أن الاقتصاد الأسترالي يعاني بسبب تراجع أسعار السلع العالمية، "لذلك نحن بحاجة إلى شيء يحرك هذا الاقتصاد، وهذا الشيء هو تغيير اسم العملة الأسترالية إلى دولاريدو".
وفي عام 2015 قررت الأرجنتين تحرير سوق الصرف المحلي تنفيذًا لوعد الرئيس المنتخب ماوريسيو ماكري، حيث كان من المتوقع انخفاض سعر البيزو الأرجنتيني من أقل مستوى رسمي له وهو 9.83 بيزو لكل دولار ليصل إلي ما يقرب من سعره في السوق السوداء الذي يتراوح بين 13.5 و15 بيزو لكل دولار، ولكن نجحت خطة تحرير سعر الصرف.
وفي عام 1999 قررت البرازيل اتخاذ خطوة قاسية في ظل ظروف اقتصادية أكثر من صعبة، حيث قررت تغيير عملتها، بعد انخفاضها ما أدى إلى ارتفاع السلع المستوردة وزيادة التضخم، وبالتبعية انعكس ذلك سلباً على الطبقات الكادحة والمتوسطة، قبل أن يعتدل سعر العملة البرازيلية في 2004، مع الإصلاحات الاقتصادية، التي باشرها الرئيس البرازيلي السابق، لولا دا سيلفا، لتتعزز قدرات البرازيل التنافسية.