وصل الملياردير الأمريكي ومؤسس شركة "مايكروسوفت" العالمية، الأمريكي "بيل جيتس" مساء أمس الأربعاء إلى مدينة "جنيف" السويسرية للمشاركة في اجتماع الشركاء الدوليين في مجال مواجهة الأمراض المدارية المهمَلة، تحت إشراف منظمة الصحة العالمية وحضور مديرتها د.مارجريت شان، والسكرتير العام الأسبق للأمم المتحدة "كوفي عنان"، حيث يتم الاحتفال بالوصول بالعلاج إلى نحومليار شخص في نحو 150 بلدًا أغلبها في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. تأتي مشاركة "جيتس" باعتباره رئيس مؤسسة "ميليندا وبيل جيتس" للأعمال الخيرية، صاحبة النصيب الأكبر في مجال التبرعات بمبلغ قدره مليار دولار على مدار عقد كامل، والتي ذهب جزء منها لعلاج الأمراض المدارية المهمَلة التي تضم 18 مرضًا تصيب نحو مليار شخص سنويا في الدول والمناطق الفقيرة وتودي بحياة مئات الآلاف سنويًا، يشكل الأطفال نسبة كبيرة منهم، حيث تسبب تلك الأمراض التي تنتشر عن طريق الديدان والحشرات أعراضًا مؤلمة وحادة مصحوبة بالعجز الجزئي أو الكلي أو تشويه مناطق من جسد المصاب بها بصورة تعوق عملية التنمية وتحقيق التقدم المرجو في تلك الأماكن الفقيرة، التي يفتقر سكانها إلى الظروف المعيشية الصحية من ماء نظيف، وغذاء متعادل، ومناطق للعيش الصحي. ثَمَن "جيتس" في كلمته أمام الشركاء الدوليين مواصلة دعم مكافحة هذه الأمراض التي بدأت منظمة الصحة العالمية في التحرك بشكل مكثف لمواجهتها لتحظى بكثير من الاهتمام في العقود الأخيرة، بعد أن كانت منسية أو مهملة، ومن هنا جاء اسمها الذي أصبح متعارفًا عليه The neglected Tropical Diseases (NTD). اللافت للنظر، أن أحد أهم الأسباب لانتشار تلك الأمراض صعوبة نطق أسمائها، ولهذا تقود مؤسسة "جيتس" الخيرية حملات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بها، حيث قام "جيتس" بمشاركة إحدى تلك الفيديوهات القصيرة –دقيقتان- على مدونته الخاصة، ومن ثم على حسابه الشخصي على تويتر قبيل وصوله إلى جنيف للمشاركة في مؤتمر المانحين لتمويل علاج الأمراض المدارية المهمَلة. كما حرص "جيتس" صبيحة توجهه إلى "جنيف" على الكتابة لقراء مدونته عن تلك الأمراض، ومنها: داء المثقبيات الأفريقي البشري (مرض النوم)، وداء التنينات (دودة غينيا)، وداء الفيلاريات اللمفاوي (الفيل)، حيث قال: "تخيل قرصة ذبابة أو بعوضة مصابة بطفيليات ضارة، وكيف قد يؤدي هذا إلى الحمى، والصداع، وآلام المفاصل، والحكة (الهرش).وقد تنتقل تلك الطفيليات عبر الدم المخ، مما قد يؤدي إلى فقدان الجسم للسيطرة على عضلاته، ومن ثم إلى الموت تدريجيًا. أو تخيل شرب كوب من المياه الملوثة بحشرات أو براغيث دقيقة تحمل يرقات أدق حجمًا لطفيليات تنمو في داخل الجسم البشري لتظهر بعد عام واحد أو أقل على شكل بثور يحتاج الأطباء لأسابيع للتخلص من الديدان المتحوصلة بها، والتي يصل طولها إلى ثلاثة أقدام. أو تخيل لدغات البعوض المصابة باليرقات التي تستوطن وتتزاوج في العقد الليمفاوية، مما يتسبب في انتفاخ الأطراف إلى عشرة أضعاف حجمها الطبيعي والمعتاد". 4 ذكر "جيتس" على مدونته أن الشركاء والمانحين من الحكومات والمنظمات الصحية والجمعيات الخيرية ومن بينها جمعيته التي تحمل اسمه واسم زوجته، قد حددوا قبل 5 سنوات هدفًا يتمثل في السيطرة على ما لا يقل عن 10 من بين هذه الأمراض أو القضاء عليهم بحلول عام 2020. وأضاف "جيتس" أن العالم يشهد اليوم تحسنًا نتيجة تبرعات الأدوية والالتزامات السخية من جانب المانحين مما أدى إلى انخفاض أعداد المرضى بصورة واضحة، ونجاح العديد من البلدان في القضاء على بعض تلك الأمراض تقريبًا، ومنها: داء التنينات، الذي أصاب في عام 1985 ما يقدر ب 3.5 مليون شخص في 21 بلدًا في أفريقيا وآسيا. وفي العام الماضي، وبفضل عمل الاتحاد من أجل مكافحة الأمراض المنقولة جنسيا، ومركز كارتر، وشركاء آخرين، انخفض عدد حالات دودة غينيا بأكثر من 99 في المائة إلى 25 حالة. قبل خمس سنوات، كان هناك نحو 1.5 مليار شخص بحاجة إلى العلاج الوقائي لحمايتهم من داء الفيلاريات اللمفاوي، الذي تم القضاء عليه في ستة بلدان وانخفضت نسب الإصابة به 18 بلدا آخر. كما يتراجع اليوم داء المثقبيات الأفريقي البشري، ووصل الانخفاض في عدد حالاته إلى أكثر من 90%، من 26 ألف حالة في عام 2000 إلى نحو 733 2 حالة في عام 2015. واختتم "جيتس" مقاله قائلًا: "إذا استمر العالم في مكافحة هذه الأمراض، يمكننا تحسين حياة الملايين من أشد الأشخاص فقرًا، الذين لن يتم إهمالهم بعد الآن".