نقيب المحامين: هناك 232 مادة مستنسخة من قانون الإجراءات الجنائية القديم    نقيب المحامين: الرئيس أعاد المادة 105 لزيادة ضمانات حقوق المواطن    انخفاض البتلو والضاني، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    تعرف على أداء البورصات الخليجية بتعاملات اليوم الأربعاء    السفير ماجد عبد الفتاح: ضغط دولي على واشنطن لدعم القضية الفلسطينية    البيت الأبيض: ترامب بعد فحص روتيني قد يتوجه للشرق الأوسط    بيان أمريكي مرتقب بشأن التوصل إلى اتفاق إنهاء الحرب في غزة    «أكسيوس»: إسرائيل طلبت استبعاد روبيو من اجتماع باريس حول مستقبل غزة    رياضة ½ الليل| مصر في المونديال.. العميد يكتب التاريخ.. الأهلي يفضح الجميع.. وأكتوبر وش السعد    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    خالد بيبو: كأس الأمم الإفريقية اختبار حقيقي لحسام حسن    شاهد، رقص محمد صلاح ابتهاجا بالتأهل ل كأس العالم (فيديو)    انخفاض كبير في درجات الحرارة، الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الخميس    مصرع عنصر إجرامي وإصابة رئيس مباحث شبين القناطر في تبادل إطلاق نار بالقليوبية    السجن المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل عمه في جلسة صلح عرفية بالإسكندرية    رصاص الغدر لا يوقف الأبطال.. إصابة المقدم محمود إسماعيل أثناء مطاردة عناصر إجرامية    مدير حملة العناني ل بوابة أخبار اليوم: دعم الرئيس ساهم في الإنجاز التاريخي لمصر    استشاري نفسي: نسبة الطلاق بين الأزواج في مراحل متقدمة من العمر    إعلان أسماء الفائزين بمسابقة بيت المعمار لشباب المعماريين لإعادة تأهيل مراكز الإبداع    محمد رمضان يطرح أحدث أغانيه «واحد اتنين تلاتة»| فيديو    أخبار الفن اليوم: مي فاروق تحتفل بإطلاق أول ألبوماتها، محطات في حياة فارس السينما أحمد مظهر، أول ظهور لعمر زهران بعد أزمته مع زوجة خالد يوسف    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    سعد سمير: فتح استاد القاهرة مجانا أفضل احتفال بتأهل مصر للمونديال    «بي بي سي» تشيد بأداء صلاح ودوره في تأهل مصر إلى المونديال    مجلس التعاون الخليجي يدين اقتحام مسؤولين ومستوطنين إسرائيليين المسجد الأقصى    مروان عطية: فخورون بالتأهل لكأس العالم ونسعى لتحقيق الإنجاز في إفريقيا    وزير خارجية إيران ينفي لقاء ويتكوف    رمز القلم.. مرشحو مستقبل وطن على المقاعد الفردية بكفر الشيخ يتقدمون أوراقهم لانتخابات النواب 2025    برشلونة يكشف تفاصيل مواجهة فياريال في أمريكا.. وخصم لمن لا يستطيع السفر    محكمة الجنايات: المؤبد لمتهم بجلب 6500 كيلو جرام مخدرات فى الإسكندرية    «مبني على تجارب».. ضياء رشوان: تخوف الفلسطينيين من عدم التزام إسرائيل في محله    بعد إصابة منى فاروق.. تعرف على أسباب واعراض شلل المعدة    «تعليم المنيا» يكرم معلمي التربية الموسيقية الفائزين بمراكز متقدمة على مستوى الجمهورية    شيرين عبدالوهاب.. أبرز محطات في حياة صاحبة «الوتر الحساس» بعيد ميلادها ال45    «أرواح في المدينة» تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    نائب رئيس جامعة الإسكندرية يلتقى سفير باكستان بالقاهرة لبحث التعاون الأكاديمي والبحثي المشترك    مواقيت الصلاة فى الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    عضو «الشؤون الإسلامية»: أحمد عمر هاشم حج بيت الله لمدة 42 سنة متصلة وتوقف لهذا السبب    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 للموظفين في مصر بعد بيان المالية    تنظيم قافلة طبية بجامعة السادات ضمن مبادرة حياة كريمة.. ومشروع تنموي جديد ب «كفر العشري»    عضو الجمعية المصرية للحساسية: الوقاية والالتزام بالتطعيم هما الدرع الأقوى لمواجهة فيروسات الشتاء    زاخاروفا: تزويد كييف بصواريخ توماهوك يهدد العلاقات الأمريكية الروسية بشدة    شهر رجب يتكرر للمرة الثانية فى عام واحد ب 2025    مدرسة النيل بالأقصر تحتفل بانتصارات أكتوبر.. عروض فنية وتكريم أسر الشهداء.. صور    تأجيل محاكمة 21 متهما بخلية "دعاة الفلاح" لجلسة 24 ديسمبر    نوح: رفضنا الفطار فى رمضان ولقنا العدو درسًا فى معركة «العبيد»    استقرار وانخفاض طفيف في أسعار الحديد بأسواق المنيا الأربعاء 8 أكتوبر 2025    نبيلة مكرم: التحالف الوطني نموذج فريد للحماية الاجتماعية على أرض الجيزة    فوز «العنانى» التاريخى    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    الأمن العام بالقاهرة يضبط مرتكبي جرائم سرقة متعلقات وسيارات وهواتف محمولة    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير الحالة الدينية فى مصر خلال 5 سنوات يرصد: التهجير القسرى للأقباط.. من العامرية حتى رفح
نشر في الأهرام العربي يوم 05 - 03 - 2017

على عهدة الدراسة: مبارك استخدم «فزاعة الإسلاميين» لحصر الأقباط داخل أسوار الكنيسة وجعل البابا شنودة الأب السياسى المعبر عنهم

عدد اليهود فى مصر 15 بدون حاخام.. و هى الطائفة الوحيدة التى يرأسها رئيس مدنى

يهود مصر لم يشاركوا فى ثورة يناير.. ورئيستهم أيدت 30 يونيو ووصفت حكومة الإخوان بالفاشية

دستور 2012 يرد الاعتبار لمؤسسة الأزهر .. و«الإفتاء» تتبنى توجهات الدولة

ما حدث فى شمال سيناء مع الإخوة الأقباط على يد تنظيم «داعش» هو امتداد لحوادث شبيهة شهدتها مصر على يد تيارات سلفية فى قرية شربات بالعامرية وبعض قرى أسيوط، استنادا إلى الأفكار الشاذة والفتاوى المتطرفة نفسها، وقراءة التقرير التفصيلى عن الحالة الدينية المعاصرة فى مصر فى الفترة من 2011 -2014، الذى أصدره مركز «دال» للأبحاث بالتعاون مع منظمة «مؤمنون بلا حدود»، للدراسات والبحوث يكشف لنا كيف أسهمت الفتاوى الشاذة وعلى رأسها فتاوى الدكتور ياسر برهامى فى تنامى أحداث العنف ضد الأقباط.
وزعم التقرير أن هناك تيارات سلفية شاركت فى التهجير القسرى للأقباط وتخويفهم، ومارست الاضهاد الدينى ضدهم، وأدت دون اتفاق مباشر دورًا لا يختلف كثيرًا عن الشركات القبطية المتخصصة فى "بيزنس" الهجرة، كما ظهرت حركات قبطية جديدة مثل حركة "أقباط من أجل مصر"، و"جبهة الشباب القبطي"، و"اتحاد شباب ماسبيرو"، و"الاتحاد القبطي"، وشاركت فى أهم الفعاليات القبطية بعد الثورة، مثل اعتصامى ماسبير الأول والثاني، ولجنة العدالة الوطنية، والمسيرات الجنائزية.
أما عن الصورة السلبية للحالة القبطية، فقد رصد التقرير على نحو تفصيلى حالات العنف الموجه ضد الأقباط من قبل قوى الإسلام السياسى، مثلما حدوث فى الهجوم على كنيسة رفح، ومطاردة السكان الأقباط وتهجيرهم، بالتزامن مع محاصرة كنيسة كوم أمبو، حيث تجمهر الأهالى بالقرب من أسوار الكنيسة وأبوابها، وحاولوا اقتحامها من الداخل، وصدرت 14 فتوى تزدرى الديانة المسيحية والمسيحيين للدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، عبر الموقع الإلكترونى (أنا السلفى)، الذراع الإعلامية للدعوة، وموقع (صوت السلف).
كما تجددت ظاهرة التهجير القسرى للأقباط، منذ أحداث قرية شربات فى العامرية، ثم بعض قرى أسيوط، ورفح بسيناء، بهدف تفريغ مناطق بعينها من الأقباط، بالإضافة إلى المواجهات بين الإخوان والأقباط، والتى كان أبرزها فى أغسطس 2012م حين دعا اتحاد شباب ماسبيرو، وحركة الحقوق المدنية للمسيحيين، وأقباط بلا حدود، إلى التظاهر أمام قصر الاتحادية، ضد جماعة الإخوان المسلمين.
ورصد التقرير المشاركة الإيجابية الملحوظة فى أحداث 30 يونيو، لكن نهاية العام ليست بقوة بدايته فى نضال النخب القبطية، حيث فقد نضال الأقباط من خلال الأحزاب بريقه، وعادت قيادات أغلب النخب القبطية للتكتل والاجتماع كشخصيات عامة قبطية، وليس كشخصيات حزبية، وعادت القضية مرة أخرى إلى نقطة الصفر –حسب وصف التقرير.
وقد ناقش التقرير دور الكنيسة القبطية فى تمتين العلاقات المصرية الإثيوبية، كأحد أدوات الدبلوماسية المصرية الناعمة، مشيرًا إلى أن نظام مبارك حرص على حصر الأقباط داخل أسوار الكنيسة، وعزلهم واختزالهم فى رأس الكنيسة، وتحويل البابا شنودة الثالث إلى الأب السياسى المعبر عن الأقباط، مستخدمًا "فزاعة الإسلاميين"، فى الوقت الذى أغلق فيه أبواب حزبه السياسى (الحزب الوطني) فى وجه الأقباط، حيث لم يتجاوز عددهم فى البرلمان أصابع اليد الواحدة، وكانت بمثابة منحة من الحاكم.
وكشف التقرير عن انهيار منهج مبارك فى التعامل مع الأقباط، بعد أحداث نفجير كنيسة القديسين فى الإسكندرية، بعد أن شهدت شوارع سيدى بشر وشبرا مظاهرات من أقباط ومسلمين تطالب بإسقاط اللواء حبيب العادلي، وزير الداخلية، ومبارك، مما أزعج الكنيسة والدولة على حد سواء، مما أدى لتغير العلاقة بين الكنيسة والنظام بعد 30 عامًا من الاستقرار النسبي، والتأييد المعلن، إلى المقاومة المكتومة، فشارك جموع المواطنين من الأقباط فى ثورة يناير ضد نظام مبارك، على الرغم من مواقف قيادات الكنيسة المحافظة الرافضة للتمرد، وتأخر تأييد رءوس الكنائس الثلاث (الأرثوذكسية، الكاثوليكية، البروتستانتية) للثورة إلى ما بعد تنحى الرئيس الأسبق مبارك، لكن ذلك لم يمنع العديد من القساوسة من مختلف الطوائف من المشاركة فى المظاهرات والاحتجاجات –وفق التقرير.
وكانت أحداث ماسبيرو بمثابة الحد الفاصل فى تحول العلاقة بين الكنيسة والنظام، ما بعد ثورة يناير، فانتقلت الكنيسة من القبول السلبى بسياسات النظام، إلى ما يمكن تسميته ب"المقاومة المكتومة"، حتى تعالت أصوات داخل الكاتدرائية منادية "يسقط يسقط حكم العسكر"، أثناء إقامة القداس على أرواح ضحايا ماسبيرو، دون تعليق من البابا، وكان ذلك –حسب التقرير- بمثابة تعبير عن عدم الرضا عن سياسات النظام تجاه الأقباط، وانتهاء التوافق الرسمى بين الطرفين.
وأشار البحث إلى أن الأنظمة المصرية تعاملت مع ملف أقباط المهجر تعاملًا أمنيًا، دون التطرق إلى أية جوانب أخرى خاصة بهم، باعتبار هذه القضية من القضايا المحفوفة بكثير من الإشكاليات، بسبب تداخل السياسة والدين فيها إلى حد كبير، مؤكدًا عدم وجود إحصاء دقيق حول أعداد أقباط المهجر، إلا أن دورهم السياسى تراجع بعد الثورة مع ميلاد حركة قبطية جديدة هى "اتحاد شباب ماسبيرو"، التى ولدت بإخصاب من الثورة لرحم الكنيسة عبر مجموعة من الشباب الكنسي.
وطفت على السطح ظاهرة المسيحية السياسية مع تطور المشاركة السياسية للأقباط بعد ثورة يناير، فتشكلت من الجانب الثورى لجان للوعى الانتخابي، خارج الكنيسة وأثرت فى الإكليروس، وليس العكس، واستطاعت أن تتمتع بحس براغماتي، وتتخطى التصويت الطائفي، مركزة على التصويت المصلحي.
ويفيد البحث بأن الحالة القبطية الآن تشهد العديد من التناقضات السياسية والاجتماعية، فهناك فئة تمردت على الكنيسة وتبنت مواقف ومسارات سياسية ووطنية، ولكن جل اهتمامها ينصب على نقد الكنيسة والإكليروس، وهى لم تخرج من الكنيسة بعد، وهناك فئة أخرى انخرطت فى الصراع الاجتماعى والسياسى دون الالتفات إلى موقف الكنيسة من تلك الصراعات، وفئة ثالثة تسعى للخروج بالأقباط من الوطن.
الأزهر
وأشارت الدراسة إلى تأثير ثورة 25 يناير على الأزهر الشريف، باعتباره المؤسسة الدينية الإسلامية الرسمية، لا سيما بعد أن صادق الرئيس المعزول محمد مرسى على القانون رقم (3) لسنة 2013م، الخاص بإعادة تنظيم الأزهر والهيئات التى يشتمل عليها، بما يضمن استقلال الأزهر، وجعله المرجع النهائى لكل ما يتعلق بشئون الإسلام، وكفالة الدولة لهذا الاستقلال، من خلال انتخاب هيئة كبار العلماء لمنصب الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وترشيح مفتى الجمهورية، بعد 5 عقود من الثبات والجمود فى ظل العمل بالقانون رقم (103) لسنة 1961م.
كما استعرضت الدراسة حضور مؤسسة الأزهر فى الدساتير المصرية المختلفة، وأولها دستور 1923م الذى منح كبار علماء الأزهر حق الترشح لمجلس الشيوخ، وكذلك علاقة الأزهر بالملك والتى كان يكتنفها المزيد من الغموض –وفق التقرير- إلى أن جاء دستور 1930م ليمنح الملك وحده سلطة تعيين شيخ الأزهر، دون مشاركة من أى مؤسسة من مؤسسات الدولة، فيما تجاهل دستوريا 1954م، و1971م مؤسسة الأزهر ولم يرد ذكرها إلا بشكل غير مباشر، بعكس ما ورد فى دستور 2012م الذى حرص على إفراد هذه المؤسسة بمواد خاصة فى أكثر من موضع.
ولم يهمل التقرير علاقة الأزهر بقوى الإسلام السياسى المختلفة، وفى القلب منها جماعة الإخوان المسلمين، منذ تأسيسها عام 1928م، بالإضافة إلى علاقته بالسلطة السياسية بعد ثورة يناير، وموقف شيخ الأزهر والدكتور على جمعة الرافض للثورة، والمحاولات التى قام بها الإمام الأكبر للتوفيق بين التيارات المتصارعة بعد الثورة، مثل "وثيقة الأزهر الأولى"، ودور هذه المؤسسة بقيادة الدكتور أحمد الطيب فى الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، لإنقاذ البلاد من خطر الانقسام"، إلا أن جبهة علماء الأزهر اتخذت نهجًا مختلفًا عن ذلك، وأعلنت تأييدها لثورة يناير منذ اللحظة الأولى، ووجهت اتهامًا صريحًا للدكتور على جمعة بمعاداة الثورة، وأيدت الرئيس الإخوانى فى قراراته التى جانبه الصواب فيها، مثل الإعلان الدستوري، وكذلك رفضت الإجراءات التى اتخذت على إثر تظاهرات 30 يونيو 2013م، واعتصم أعضاء الجبهة فى ميدانى "رابعة العدوية" و"النهضة"، مطالبين شيخ الأزهر بتقديم استقالته.
الأوقاف ودار الإفتاء
بالإضافة إلى الدور السياسى للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، التابع لوزارة الأوقاف، والذى يعتبر انعاكاسًا لسياسات الدولة واتجاهاتها، وظل محافظًا على موقفه الداعم لهذه السياسات طوال فترات حكم الرئيسين السادات ومبارك، وحتى صعود الإخوان إلى الحكم، وهو ما أدى بدوره لسيطرة القيادى الإخوانى صلاح سلطان على أمانة المجلس بقرار من الوزير طلعت عفيفي، فى إطار ما عرف وقتها ب"أخونة الدولة"، ولم يتوقف ذلك على الأمين العام للمجلس فحسب، وإنما بدا جليًا فى إعادة تشكيل اللجان العلمية للمجلس، والتى ضمت أكثر من 40 شخصية إخوانية، بالإضافة إلى فريق من السلفيين الذين كان ينظر إليهم وقتها على أنهم حلفاء للإخوان، وفريق آخر من الإسلاميين المستقلين، الذين لا ينتمون تنظيميًا إلى الجماعة، وإن كانوا يؤمنون إجمالًا بفكرها، وتوجهاتها الدينية.
أما مؤسسة دار الإفتاء فقد أولاها التقرير اهتمامًا كبيرًا، ونشر عددًا من المواقف السياسية التى اتخذتها الدار لتكون متوافقة مع توجهات الدولة، مثل الفتوى الشهيرة للشيخ جاد الحق فى نوفمبر 1979م، والتى أجاز فيها الصلح مع إسرائيل، بعد توقيع اتفاقية السلام ب 7 أشهر تقريبًا، مع الاعتراف بوجود فتاوى أخرى للدار عارضت سياسة الدولة، مثل فتوى الشيخ جاد الحق عام 1979م بتحريم إصدار قانون لتحديد النسل، وهو ما كانت تسعى إليه الدولة فى عهد الرئيس السادات.
ومع اندلاع ثورة يناير أبدى الدكتور على جمعة مفتى الديار دفاعًا مستميتًا عن شرعية الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بوصفه رئيسًا منتخبًا، قائلًا:"إن الخروج على الشرعية حرام.. حرام.. حرام"، وطالب المتظاهرين فى ميدان التحرير بالعودة إلى بيوتهم، وعدم السعى إلى إسقاط الشرعية، معتبرًا أن ذلك سيدخل البلاد فى مرحلة الفتنة، ولكن رأيه هذا لم يكن متوافقًا إلى حد كبير، مع الفتوى التى أصدرتها دار الإفتاء تحت عنوان (حكم المظاهرات والاعتصامات)، والتى أجازت فيها التظاهرات من حيث الأصل، مع الأخذ فى الاعتبار أنها قد تعتريها باقى الأحكام مثل: الحرمة، الوجوب، حسب مقصدها، ووسيلتها، فتكون المشاركة فيها على حسب حكمها، ولم تصدر دار الإفتاء فتوى بحرمة الخروج على الحاكم فى 30 يونيو 2013م قياسًا على ما فعلته مع مبارك فى 2011م، واكتفى الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية بإصدار تصريح على هامش لقاء دبلوماسى ألمانى قال فيه:"إن حق التظاهر والاحتجاج السلمى جائز ومباح شرعًا"، مشددًا على أن التخريب والعنف وتعطيل مصالح الناس حرام شرعًا، مما يؤكد أن دار الإفتاء قد دخلت على خط التجاذبات السياسية بعد ثورة يناير.
أما عن موقفها من جماعة الإخوان المسلمين، فقد أشار التقرير إلى أن دار الإفتاء اتخذت من قوى الإسلام السياسى وفى القلب منها جماعة الإخوان، الموقف الحكومى نفسه الذى يمثله الأزهر الشريف، باستثناء الفترة التى تولى فيها الشيخ محمد حسنين مخلوف مهمة الإفتاء، حيث لم يكن ضالعًا فى الخلاف بين الجماعة والرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وواجهت الدار تيار السلفية الجهادية بسلسلة من الفتاوى والبيانات التى تبين الفهم الخاطئ للجهاد فى الإسلام، فى حين شكلت السلفية العلمية التى انخرطت فى العمل السياسى بعد 2011م خطرًا على الفتوى فى مصر، لا سيما بعد ظهور الفضائيات الإسلامية، التى صنعت رموزًا سحبت البساط من تحت أقدام رجال الدين الرسميين، ما دفع الدولة لغلق عدد من هذه القنوات عام 2010م.
وألمحت الدراسة إلى عدد من الفتاوى من مصادر غير رسمية مثل السلفية الجهادية بأطيافها المختلفة، باستثناء السلفية المدخلية، بالإضافة إلى الإفتاء المستقل الذى تقوم به الجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة، وجماعة الإخوان، وفتاوى بعض الأزهريين المستقلين أمثال الشيخ أحمد المحلاوى والشيخ يوسف البدري، مشيرة إلى فتوى الدكتور يوسف القرضاوى بحرمة الاستفتاء على دستور 2014م، وفتوى مظهر شاهين بوجوب تطليق الزوجة الإخوانية، ومطالبة مفتى مصر الأسبق الشيخ نصر فريد واصل بتطبيق حد الحرابة على متظاهرى الإخوان، وطلبة الأزهر، وفتوى على جمعة بأن الإخوان خوارج، وفتوى التكفيرى محمد عبد المقصود، بعد عزل مرسي، بجواز حرق سيارات الشرطة، ومداهمة منازل الضباط.
وأشارت إلى أن ثورة يناير، فجرت الصراع بين وزارة الأوقاف من ناحية والإخوان والسلفيين من ناحية أخرى، فحرصت الوزارة على إبعاد المساجد التابعة لها عن الدخول فى المعركة الانتخابية البرلمانية أو الرئاسية، بالترويج لمرشح، أو حزب أو جماعة، والعمل على إخضاع النشاط الدينى للمساجد للسلطة المركزية لوزارة الأوقاف.
وشهدت ساحات المساجد حالة صراع عنيفة أثناء فترة حكم الإخوان وما بعدها، وعودة النفوذ الأمني، وتدخله فى النشاط الديني، وطبيعة الخطاب الدعوي، بدرجة تفوق ما كانت عليه الحال فى عهد مبارك –حسب التقريرالذى تعرض إلى سعى الشيعة فى بناء مساجد خلال عهدى مبارك ومرسي، وقد قوبلت طلباتهما بالرفض فى العهدين.
ورصد التقرير استغلال المساجد للحشد للمرشح الإخوانى فى انتخابات الرئاسة محمد مرسي، ما تسبب فى كثير من الأحيان فى اشتباكات وخلافات بين المصلين، بالإضافة إلى استغلالها كساحة للصراع السياسى بعد عزل مرسي، مثلما حدث فى مسجد الخازندار والقائد إبراهيم، بالإسكندرية، ومسجد الشهيد بطنطا، وأحداث مسجد الفتح برمسيس، وما وقع فيه من اشتباكات وفرض حصار أمنى من الداخلية والقوات المسلحة.
أما عن الموقف السياسى للطرق الصوفية أكدت الدراسة، أن تلك الطرق لم تبتعد عن الساحة السياسية المصرية، حيث شارك قطاع من المتصوفة فى ثورة 25 يناير كغيرهم من جموع الشعب المصرى، واعتصم بعض شبابهم فى ميدان التحرير، ولكنهم لم يكونوا بالحضور الذى ظهر به الإخوان والسلفيون، كما لم يبتعد مشايخ الصوفية عن حالة التوالد الحزبى التى أعقبت الثورة فاعتزم 18 شيخًا منهم تأسيس حزب (التسامح الاجتماعي)، حتى تأسس أول حزب صوفى فى سبتمبر 2011م تحت اسم (التحرير المصري) برئاسة إبراهيم زهران، ثم حزب (النصر) فى أكتوبر 2011م.
اليهود المصريون
أما عن الطائفة اليهودية المقيمة فى مصر، والتى تبلغ اليوم نحو 15 مواطنًا (بحسب تقدير ماجدة هارون، رئيسة الطائفة اليهودية فى القاهرة) موزعين على محافظتين فقط،منهم 12 سيدة فى القاهرة، و3 أفراد بالإسكندرية، فلم تكن لها أى مشاركة ولو بصورة رمزية فى ثورة يناير، ولكن بعد فوز الدكتور محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية، بادرت الهيئة اليهودية المصرية فى باريس بإرسال برقية تهنئة لفوزه، ونوهت إلى حقوق اليهود الذين طردوا من مصر، معلنين رفضهم تدخل الكنيست فى إقرار مشروع قانون لاستعادة أملاك اليهود، باعتباره شأنًا مصريًا، وأنهم يفضلون رفع قضايا فى المحاكم المصرية.
ويقتصر تمويل نشاط الطائفة اليهودية فى مصر على صتاديق النذور والتبرعات، وترفض تلقى أى تمويل من إسرائيل، كما ألغى مجلس الشورى فى عهد حكومة هشام قنديل، الدعم المخصص سنويًا للطائفة اليهودية، بحجة أنه يأتى تحت بند سرى فى الميزانية، وترفض الطائفة العديد من المشروعات التى يحاول يهود إسرائيل المنحدرون من أصول مصرية تقديمها.
وألمح التقرير إلى أن المادة الثالثة من الدستور المصرى الذى وضعه الإسلاميون وتنص على:"أن شرائع المسيحيين واليهود المصريين هى المصدر الرئيسى لتشريعاتهم، واختيار قياداتهم الروحية، وشئونهم الدينية" ما هى إلا رسالة توجهها التيارات الإسلامية إلى الولايات المتحدة توضح قدرة هذه التيارات على التعايش مع الآخر، فإن التقرير أكد أنه تعايش رمزى على الورق فقط، لأن الوزن النسبى لليهود فى مصر لم يكن شيئًا مذكورًا.
وعلى الرغم من عدم مشاركة الطائفة اليهودية فى ثورة يناير، فإن ماجدة هارون رئيسة الطائفة أكدت مشاركتها فى مظاهرات 30 يونيو التى طالبت بإسقاط حكم جماعة الإخوان، مشيرة إلى أن إزاحة الرئيس السابق تقدم يستحق التحية فى "الحرب على الإرهاب"، ووصفت حكومته بالحركة الفاشية، مؤكدة أن الطائفة تبرعت بمبلغ رمزى لصندوق "تحيا مصر".
الجدير بالذكر أن الطائفة اليهودية لا تستطيع إقامة الصلاة منذ سنوات عديدة، لأن الصلاة اليهودية تحتاج إلى 10 رجال لإقامة الطقس، وهو ما لم يعد يتوافر إلا فى المناسبات، التى يأتى إليها زوار أجانب، كما أنه لا يوجد فى مصر حاخام لرعاية شئون الطائفة الدينية، لتصبح الطائفة الوحيدة فى مصر التى يرأسها رئيس مدنى يعنى بشئونها الاجتماعية.
الشيعة
وقصد التقرير بالمهمشين دينيًا أولئك المنتمون إلى طوائف دينية غير معترف بها من الدولة والمجتمع على حد سواء، ويعانى أصحابها صعوبات اجتماعية تتمثل فى عدم القدرة على ممارسة شعائرهم وطقوسهم بحرية، ويفضلون فى أغلب الأحوال إخفاء هوياتهم الدينية، هربًا من الملاحقات الأمنية، أو التنكيل والإقصاء المجتمعي، مثل الشيعة، والبهرة، والقرآنيون، والبهائيين.
تفاقمت مشكلة الشيعة فى مصر فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك وتوالى القبض عليهم بتهم مختلفة يجمع بينها اتهامهم بالإخلال بأمن الدولة المصرية، والتجسس لصالح إيران.
وأشار تقرير الحالة الدينية فى مصر إلى عدم وجود إحصائية دقيقة بأعداد الشيعة فى مصر بسبب حظر أنشطتهم، حيث تضاربت الإحصاءات فى هذا الشأن، فيشير تقرير الحرية الدينية فى العالم الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2006م، إلى أن عددهم أقل من 1% من إجمالى عدد السكان، فى حين يبالغ بعض الشيعة فى ذكر أعدادهم، إلا إذا كانوا يدخلون ضمن الإحصاء أتباع بعض الطرق الصوفية.
ومن الناحية الجغرافية ينتشر الشيعة فى أرجاء القطر المصرى كافة، مع وجود ملحوظ فى بعض مدن وقرى محافظات الدلتا، أما جنوب مصر، فيضم 3 محافظات ذات امتداد طولى هى: أسوان، وقنا، وسوهاج، يوجد فيها بعض الأنشطة الشيعية، ويواجهون صعوبة فى العمل المؤسسي، وعدم وجود مراجع شيعية، أو وكلاء لهم فى مصر، وصعوبة التعارف بين الموالين، والاضهاد الأمني، وقلة الكوادر العلمية، والتشويه الإعلامي، والربط بينهم وبين إيران، مع ندرة الموارد المادية التى يحتاج إليها العمل الشيعى.
وعلى خلفية زيارة الرئيس الإخوانى مرسى لإيران، وزيارة الرئيس الإيرانى لمصر، دشن حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، حملة لمواجهة المد الشيعى فى مختلف المحافظات بعنوان (الشيعة .. هم العدو فاحذروهم)، (معًا ضد الشيعة)، ليشهد عام 2013م جريمة قتل 4 من الشيعة من بينهم حسن شحاتة وشقيقاه، على يد مجموعة من الأهالى الغاضبين.
المهمشون دينيا
أما طائفة البهرة الشيعية، فهم ينتشرون بالقرب من منزل زعيمهم فى حى المهندسين بالقاهرة، ومنطقة وسط البلد، ويتخذون من المساجد الأثرية أماكن عبادتهم وتجمعاتهم، مثل مسجد الحاكم بأمر الله، فى شارع المعز لدين الله الفاطمي، وكذلك فى منطقة روض الفرج شمالى القاهرة، حيث يوجد ضريح المالك الأشتر، الذى يحتفلون جميعًا بمولده السنوي، ويؤدون شعائرهم بلغة "الأوردو" ويفضلون العزلة وعدم التحدث مع الآخرين.
وأوضح التقرير أن الأزهر أصدر فتوى فى مارس 2010م باعتبار البهرة فرقة غير مسلمة وغير كتابية، وتعامل معاملة المشركين، أو المرتدين فى الأحكام، فلا يجوز الزواج منهم ولا أكل ذبيحتهم.
أما القرآنيون فلم تفلح محاولاتهم لانتزاع الاعتراف بهم كتيار له حق التعبير عن آرائه، وكان موقف الأزهر حاسمًا، حيث قال بردتهم عن الدين الإسلامى، لإنكارهم أمرًا معلومًا من الدين، وهو السنة النبوية، وقد شاركوا فى ثورة يناير، ومع نجاحها ارتفعت أصواتهم، مطالبين بحريتهم فى ممارسة شعائرهم، وأعلنوا رفضهم للإخوان والسلفيين، وانخفض سقف مطالبهم بعد تولى مرسى حكم البلاد.
وفى يناير 2012م هاجم الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر "القرآنيين"، مؤكدًا أنهم يخالفون صحيح الدين، وأكد مفتى الجمهورية وقتها الدكتور على جمعة، أن السنة النبوية والقرآن الكريم هما جناحا الشريعة الإسلامية، ولا يمكن التنازل عنهما، فى حين حذر الدكتور أحمد عمر هاشم، من أن السنة تواجه تحديات من قبل منكريها.
وأضاف التقرير إلى المهمشين دينيًا طائفة البهائية، دون أن يذكر عددًا محددًا لهم فى مصر، فإنه قال إن عددهم يتراوح بين عدة مئات إلى أكثر من 5 آلاف، ويعانون من مشاكل لا تنتهى مرتبطة بحقوقهم المدنية، مثل توثيق عقد الزواج، واستخراج شهادات الميلاد، والوفاة، وجوازات السفر، وتصاريح العمل، وأوراق التأمينات والمعاشات.
فى يونيو 2011م تقدم البهائيون بمذكرة للدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء، تطالبه بإعادة فتح المحافل البهائية فى مصر، وقد حرصوا على عدم تبنى أى توجه سياسي، استنادًا إلى عقيدتهم التى تنهاهم عن المشاركة فى الحياة السياسية.
ومثل البهائية توجد طائفة الأحمدية القاديانية الذين لا يملكون بيوتًا للصلاة، وإنما يصلون فى المساجد وحدهم، ولا يصلون خلف مشايخ السنة، ويتواجدون فى محافظتى القاهرة والجيزة، وبعد الثورة اتخذ بعضهم من منطقة المقطم مقرًا لهم، ويتحركون فى الخفاء والسرية والغموض، والرصد الحقيقى لأعداد القاديانية داخل مصر صعب للغاية، لأنهم يلتقون ببعضهم عبر المواقع الإلكترونية الخاصة بهم.
وتقدر تقارير صحفية عدد المنتمين للقاديانية فى مصر بالآلاف، ويواجهون حملات هجوم مختلفة، ففى يوليو 2012م وصفهم الدكتور عبد المعطى حجازى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، بالطائفة الشاذة.
التيارات السلفية
أما الجزء الثالث من التقرير فهو بعنوان (التكوينات الأهلية غير المؤسسية ذات الطبيعة الدينية) كالطرق الصوفية، والتيارات الدينية والعمل الأهلي، والإسلاميون والعمل النقابي، والتيارات السلفية الدعوية، حيث أكد التقرير اتساع دور الجمعيات الأهلية الإسلامية والمسيحية على حد سواء، والتى أصبحت وسيلة من وسائل الحشد، من خلال تقديم الخدمات، لا سيما لسكان الأحياء الفقيرة، ومحافظات الصعيد الأكثر احتياجًا.
وازداد عدد هذه الجمعيات بعد ثورة يناير، وتفجرت أزمة "التمويل الأجنبي" التى اتهم فيها نحو 17 منظمة بتلقى تمويل من جهات أجنبية، وبعد 30 يونيو تم تجميد أموال 1055 جمعية تابعة للإخوان المسلمين، فى القاهرة ومختلف المحافظات، ولكن قرار التجميد لم يتطرق إلى أموال جمعية الدعاة الخيرية، التابعة للدعوة السلفية بالإسكندرية، وهو ما أرجعه التقرير إلى الموقف السياسى للسلفيين الداعم للدولة، وموقفها المناقض لجماعة الإخوان المسلمين.
كما رصد التقرير المطول خطة الإخوان فى تقويض العمل النقابى لا سيما فى النقابات العمالية من خلال مشروع قانون يقيد الحركة العمالية، وتفريغ هذه النقابات من مضمونها، وتصاعدت الانتهاكات العمالية فى عام حكم محمد مرسي، سواء على مستوى الكم أو الكيف، تصاعدًا غير مسبوق، وارتفعت وتيرة المواجهات الأمنية للاحتجاجات العمالية المطالبة بالحد الأدنى للأجور، وغيره من الحقوق المشروعة، مثل (الحق فى العمل)، و (الحق فى الأجر العادل)، كما ارتفعت وتيرة الملاحقات القضائية للقيادات العمالية، استنادًا إلى قانون حماية الثورة، الذى أصدره مرسى فى نوفمبر 2012م، ليساوى بين العمال المضربين وقتلة الثوار، ومضى عهده دون أن يخرج قانون النقابات العمالية إلى النور، مما دفع العمال للمشاركة فى مظاهرات 30 يونيو المناهضة لحكم الإخوان، أملًا فى تحسين أوضاعهم، التى لم تتحسن بحجة محاربة الإرهاب وجماعات الإسلام السياسى –حسب التقرير.
وقدمت الدراسة خريطة لأهم التيارات السلفية فى مصر كالسلفية العلمية الدعوية (السلفية الكلاسيكية)، والسلفية الحركية، والدعوة السلفية فى الإسكندرية، وكيفية تحولها من الدعوة فى المساجد واعتزال العمل السياسى أو اقتصاؤه على دعم الإسلاميين فى الانتخابات النقابية فقط، إلى دخول حلبة السياسة من خلال أحزاب سياسية تم تأسيسها عقب ثورة 25 يناير.
وتناول التقرير موقف الإسلاميين من المرأة عقب الثورة ودعمهن وحمايتهن فى ميدان التحرير، حتى تم عزل مبارك وتولى المجلس العسكرى شئون البلاد، ليقف الإسلاميون موقف المتفرج على الانتهاكات التى تعرضن لها الناشطات النسويات فى ميدان التحرير، وتم استبعاد المرأة من المشهد السياسى بعد الثورة، واعتبر السلفيون التعامل مع قضية المشاركة السياسية للمرأة من المسائل العقائدية، فإنهم قبلوا بمشاركتها من باب الضرورة، عملًا بالقاعدة الفقهية (الضرورات تبيح المحذورات).
وفى عام حكم جماعة الإخوان تناقلت تقارير إعلامية وقوع ما يقرب من 1560 حالة تحرش، وما يقرب من 50 حالة اغتصاب، وبدأ التمييز ضد المرأة منذ اللحظة الأولى من حكم مرسي، وبالتحديد عند تشكيل الفريق الرئاسى الذى لم يشمل إلا 3 سيدات.
وفى الجزء الرابع من التقرير تم كشف القناع عن خداع جماع الإخوان المسلمين وتلونها فيما يتعلق بالمشاركة فى ثورة يناير، التى حرصت على التعتيم على مشاركتهم فيها، باستعراض جميع البيانات التى صدرت عن الجماعة، وقبولهم بالحوار مع اللواء عمر سليمان، نائب الرئيس برغم إعلانهم أن هذا الرئيس فقد شرعيته، وبرغم رفض جميع القوى الإسلامية بالإجماع التحاور معه.
وأكدت الدراسة أن جماعة الإخوان فشلت فى احتواء واستيعاب مؤسسات الدولة والسيطرة عليها، لا سيما المؤسسة العسكرية، التى بدأ الصدام معها حينما دعا وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسى القوى الوطنية، وجبهة الإنقاذ، إلى حوار وطني، حيث أرسل مكتب الإرشاد إلى الرئاسة بضرورة إلغاء هذا اللقاء، موجهين اللوم إلى المؤسسة العسكرية لدخولها معترك السياسة مرة أخرى.
وعلى الصعيد الإقليمى والدولى وممارسات جماعة الإخوان المسلمين، فإن تقاربًا مصريًا إيرانيًا كان يلوح فى الأفق بعد زيارة الرئيس المخلوع محمد مرسى لطهران، وزيارة الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد لمصر، لولا وقوف التيار السلفى بكل أطيافه فى وجود هذا التطبيع الشيعى مع مصر، وهو ما دفع الإخوان للتراجع عن خطتهم.
صراع السلطة والإخوان
وفى إطار الصراع بين الإخوان ومؤسسات الدولة الدينية، أشار التقرير إلى انحياز مجلة الأزهر إلى موقف السلطة فى صراعها مع الجماعة فى عهد عبد الناصر، فاتهمت الإخوان بالمروق من الدين، والخروج على جماعة المسلمين، وأن أعضاءها أصبحوا من دعاة التخريب، الذين يتآمرون مع قوى الشر الخارجية ضد الوطن، ويريدون تعطيل تنميته.
أما عن الخطاب الإعلامى لجماعة الإخوان المسلمين فمنذ مايو 2013م فقد تحدد هدف هذا الخطاب فى اتجاه واحد هو حماية الحكم الإخوانى من حالة التذمر الشعبى تجاه مرسى ورجال الحكم، رابطًا شرعية الجماعة بالشرعية الدينية، التى لا تقبل أى مناقشة، وذلك بخلق حالة من الخوف والقلق من أصحاب الاتجاهات الليبرالية والعلمانية، وتحويل المشهد من كونه خلافًا سياسيًا، إلى حرب على الإسلام والدين.
وفى 20 يونيو 2013م اتجه الخطاب الإعلامى لجريدة الحرية والعدالة الناطقة باسم حزب الإخوان إلى تشويه حركة المعارضة، ووصمها بالتخريب والعنف، واستنطاق الرموز الدينية والسياسية، ومؤسسات الدولة لإدانة العنف.
وتطرقت الدراسة إلى تحليل عينة من برامج الفضائيات الإسلامية، تحت عنوان (خطاب نجوم الفضائيات الإسلامية)، حيث يهدف هذا الخطاب بالدرجة الأولى إلى تربية الشباب على طاعة المشايخ باعتبارهم أولى الأمر، وتكريث ثقافة السمع والطاعة، ويتم استقطابهم بموضوعات بعيدة عن السياسة.
أما البنية الاقتصادية لجماعة الإخوان فقد خصصت الدراسة لها بابا خاصًا، حيث كشفت الأحداث عن القدرات المالية والاقتصادية الهائلة التى يتمتع بها تنظيم الإخوان فى مصر، والشبكة التمويلية الضخمة التى يوفرها ما يسمى "التنظيم الدولى للإخوان المسلمين" فى كثير من دول العالم، التى أدت دورًا بالغًا فى دعم سياسات الجماعة. وقد نشر التقرير جدولًا يوضح إيرادات الجماعة لسنة 2012م، حيث بلغت الإيرادات من اشتراكات الأعضاء 141.5 مليون جنيه مصري، ومتوسط حصيلة التبرعات من الداخل والخارج، بلغت 390 مليون جنيه، ومتوسط حصيلة الزكاة فى الداخل والخارج بلغ ما بين 2 مليار و563 مليون جنيه – 2 مليار و938 مليون جنيه مصري، بينما بلغت حصيلة أرباح المشروعات داخل مصر مليارا و500 مليون جنيه مصري، مقابل 2 مليار و100 مليون جنيه مصرى حصة التنظيم من أرباح المشروعات خارج مصر، لتتراوح الحصيلة السنوية للجماعة ما بين 6 مليارات و694.5 مليون جنيه – 7 مليارات و69.5 مليون جنيه مصرى.

مؤمنون بلا حدود
مؤسسة "مؤمنون بلا حدود": هى مؤسسة للدراسات والأبحاث، تأسست فى مايو 2013، تُعنى بتنشيط البحث المعرفى الرصين فى الحقول الثقافية والمعرفية عموما، والدينية خصوصا. وتتكرس اهتمامات المؤسسة على دراسة منظومة الأفكار المؤسسة للعقل الثقافى الكلى فى المنطقة، وتسعى فى الشق العملى إلى اختبار اجتهادات المفاعيل الثقافية والفكرية والمجتمعية فى الفضاء العربى الإسلامي، نظريا وواقعيا. وتسلك إلى ذلك سبيل النقد المنفتح والفعال فى مراجعة جميع الأفكار دون انحياز إلا لما يتغيا مصلحة الإنسان فى واقعه ومعاشه. تسهم فى خلق فضاء معرفى حر ومبدع لنقاش قضايا التجديد والإصلاح الدينى فى المجتمعات العربية والإسلامية، وتعمل على تحقيق رؤية إنسانية للدين منفتحة على آفاق العلم والمعرفة ومكتسبات الإنسان الحضارية، وخلق تيار فكرى يؤمن بأهلية الإنسان وقدرته على إدارة حياته ومجتمعاته متخطياً الوصايات الإيديولوجية أو العقائدية.
ومن أهم مبادئها أنّ الإنسان أوسع من أن تُختصَر خيريته فى دينٍ أو مذهبٍ أو طائفةٍ أو عرق، وأن كرامة الإنسان وسعادته تكمن فى احترام حريته فى التفكير والتعبير والاعتقاد، وتقوم على إعلاء قيَم التنوع الثقافى والحضارى وعدم التمييز على أساس الدين أو العرق أو اللون.

دال للأبحاث
اسم المركز مستوحى من حرف العربى (د) وهو رمز للدلالة و الإرشاد.
مركز "دال" هو مركز للأبحاث والإنتاج الإعلامى، يشير إلى مكمن المعرفة والحقيقة، وفى ذات الوقت لا يعتبر نفسه وصيا عليها، ذلك أن همه الرئيسى هو أن يدل على الطريق الى المعرفة الموضوعية دون أن يقصرها على حزب أو تيار أو مذهب بعينه دون غيره.
من ناحية ثانية، يحاول مركز "دال"، فى عصر تقدمت فيه الميديا وتطورت، أن يحول البحث والمعرفة إلى مادة إعلامية مصورة، حيث يجسد الحروف فى صور يسهل وصولها إلى الجمهور فى جميع أنحاء الدنيا، وهى صورة مؤصلة ومؤسسة على بحث مكثف ورؤية فنية عميقة.
منذ بداية تأسيسه، سعى القائمون على مركز دال إلى إنشاء بناء متكامل يمكنه من إنجاز مهامه البحثية والاعلامية على نحو تام دون اللجوء إلى مؤسسات خارجه إلا بشكل استثنائى. ويعمل مركز دال على تعزيز مفهوم البحث والإعلام الحر والمستقل، وثقافة تبادل الأفكار والآراء، وبناء القدرات والكفاءات البحثية والإعلامية، وإمكانية إنتاج ونشر المعلومات والأخبار ووجهات النظر، اعتمادا على المعايير العلمية الموضوعية والمعلومات الموثقة دون تدخل أيديولوجى للقائمين على المركز والعاملين فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.