تعقد جماعة تحوتي للدراسات المصرية، بالتعاون مع أتيليه الإسكندرية و”مركز إبراهيم طلعت للدراسات والتنمية” “والجمعية المصرية للدراسات التاريخية” ملتقي فكريا مهما حول قضية “مصر إبان الحكم العثماني”، وذلك مساء الخميس المقبل بمقر أتيليه الإسكندرية، ليقدم رؤية نقدية تم تقسيمها إلي أربعة محاور برؤي متعددة يتناولها مثقفون وأكاديميون مصريون يحاولون الوصول والوقوف من خلال هذه الأبحاث الأربعة إلي حقائق تاريخية وعلمية ثابتة، خصوصا أن هذه القضية اختلف حولها المؤرخون والعلماء كثيرا جدا، ولأهمية هذا الحدث وتقييم آثاره من وجهات نظر متعددة، خصوصا أن هذا العام يكون قد مر خمسة قرون علي هذا الحدث الجلل، حيث غزا العثمانيون مصر عام 1517. والملتقى الفكرى في ثوبه المتفرد إذ يطرح هذه الرؤي التي ربما تسبر أغوار المهتمين بهذه القضية، تدور رؤاه حول “منظور تاريخى - منظور ثقافى - منظور اقتصادى - منظور اجتماعى. يتحدث فى هذا الملتقى: دكتورعماد بدر أبوغازى أستاذ تاريخ ووزير الثقافة الأسبق، ودكتور محمد رفيق خليل رئيس مجلس إدارة أتيليه الإسكندرية، ودكتور أحمد بغدادى أستاذ فلسفة القانون جامعة بنها، المؤرخ عبد العزيز جمال، ودكتور محمد مدحت مصطفى أستاذ الاقتصاد بجامعة المنوفية، دكتور جمال شقرة أمين عام الجمعية المصرية للدراسات التاريخية.. وعقب انتهاء السادة المتحدثين يتم طرح الأسئلة والمداخلات من السادة الحضور ثم الرد عليها من السادة المتحدثين. وننفرد بنشر ملخص الأبحاث الأربعة المعبرة، فمن خلال المنظور التاريخي يتناوله أ. د. جمال شقرة فى دراسة بعنوان «الخريطة السياسة للعالم العربي قبيل الغزو العثماني» فيتحدث عن الأوضاع السياسية في العالم العربي قبيل الغزو العثماني أوائل القرن السادس عشر، حيث كان العالم العربي يعاني الفوضي وعدم الاستقرار، فضلا عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. الأمر الذي جذب الدولة العثمانية إلي الشرق بعد أن كانت قد تقدمت غربا لتصل إلي أسوار فينا وتصبح قاب قوسين أو أدني من روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية، لقد غيرت اتجاهها بسبب الفراغ السياسي الذي كانت تعاني منه منطقة الشرق الأوسط، وحددت الدولة العثمانية أهدافها في مطاردة فرسان القديس يوحنا ومطاردة البرتغال وإبعادهم عن الشواطئ العربية، ونجحت بالفعل في تحقيق ذلك، حيث طاردت العناصر البرتغالية حتي أبعدتهم عن الولايات العربية كما ظهرت شواطئ البحر المتوسط. وتجيب الدراسة عن أسئلة من قبيل كيف واجهت الدول العربية الغزو العثماني؟ وكيف حكمت الدوله العثمانية الولايات العربية ومظاهر التمرد في مواجهتها؟ كما تجيب الدراسة علي إيجابيات الحكم العثماني وسلبياته. أما البحث الآخر فيقدمه أ. د. أحمد محمد البغدادى متناولا قضية التوظيف السياسى للخلافة الإسلامية شرعية القوة، فيقول البغدادي في بحثه: إن السلطان المملوكى الظاهر بيبرس قد أفلح فى استضافة الخلافة العباسية بالقاهرة منذ (663ه/1262م). وذلك حين بايع أحد أمراء العباسيين وهو: أحمد ابن الخليفة الظاهر بأمر الله ابن الخليفة الناصر لدين الله. وتم تلقيب الخليفة الجديد بالمستنصر، وصدر الأمر للناس بمبايعته. وقد تم حرمان الخلفاء العباسيين من كل سلطة فعلية فى مصر أو داخل دولة المماليك. وكان العزل هو عقوبة الخليفة: إذا تدخل لتأييد أحد أمراء المماليك، فى صراعه على السلطة. استمر العباسيون فى توارث منصب الخلافة ولقبها فى مصر ما يقرب من قرنين ونصف القرن، إلى أن سقطت القاهرة بيد السلطان العثمانى سليم الأول (923ه/1517م). وكان السلطان سليم قد اصطحب عند عودته إلى الآستانة (عاصمة بلاده) آخر الخلفاء العباسيين وهو المتوكل الثالث ابن المستمسك. ولا يوجد ما يؤكد أن الخليفة العباسى المتوكل الثالث كان قد تنازل عن الخلافة إلى السلطان العثماني سليم الأول. غير أنه بالاستيلاء على مصر: كان السلطان سليم الأول قد أصبح: سيد العالم السنى بلا منازع، ووريث الخلافة العباسية بمقتضى الأمر الواقع. وذلك بعد انتصاره على المماليك وسيطرته على الحرمين الشريفين. لذا فإن واقعة التنازل عن الخلافة إلى السلطان سليم الأول كانت قد أُثيرت لاحقا، وذلك لأهداف سياسية. لذلك يمكن القول إن اهتمام السلاطين العثمانيين بلقب الخليفة، إنما يعود إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلادى. لقد أخذ الضعف يدب فى أوصال الدولة العثمانية، بينما كانت دول أوروبا تتكالب على التدخل فى شئونها واقتطاع أراضيها. إن مجمل تلك التطورات كانت تبرر اهتمام السلاطين العثمانيين بلقب الخليفة. وبمعنى آخر: كان هذا اللقب يجيز لهم المطالبة بممارسة سلطتهم على المسلمين. وخصوصا هؤلاء المسلمين الذين باتوا يخضعون لسيادة دول: حصلت على استقلالها، ويعتنق أغلب سكانها الديانة المسيحية. أما دكتور مدحت مصطفي، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة المنوفية فيتناول الجانب الاقتصادي في بحثه فيقول: إنه بدخول العثمانيين مصر عام 1517م، وإلحاقها بالخلافة العثمانية حدث قدر كبير من التغيير في النظام المالي والإداري الذي عرفته البلاد. كانت أهم ملامحه تعدد وتنوع أشكال الضرائب الزراعية، وظهور نظام الالتزام لجباية الضرائب، ومواجهة التوسع في أراضى الأوقاف التي غالبا ما كانت تُعفى من الضرائب. فإن أهم ما يميز هذا الفصل أنه يتضمن تحليلا لبيانات واقعية خاصة بقريتين إحداهما في مصر العليا والأخرى في مصر السفلي، حيث تقدم هذه البيانات إجابات عن العديد من التساؤلات الخاصة بهذه الفترة من حيث حجم العبء الضريبي ونوعيته، والتي تؤكد أن ما يتم استنزافه داخليا من الفائض الاقتصادي يفوق كثيراً عما يتم استنزافه خارجيا. ثم دراسة لميزانية الدولة عند نهاية هذا العهد بهدف محاولة تقدير الفائض الاقتصادي، ومعرفة حجم ما يستخدم منه في عملية إعادة الإنتاج وحجم ما يبدد منه، مع تتبع مسار حجم الفائض المُبدد للتعرف على نسبة التبديد الداخلي مقارنا بنسبة التبديد الخارجي.