أسقف السويس يهنئ قيادات المحافظة بعيد الأضحى المبارك    تراجع أسعار الذهب في مصر وسط تباطؤ الطلب بالأسواق    وفاة 15 شخصا على الأقل في حادث تصادم قطارين بشمال غرب الهند    حقق حلمه.. إشبيلية يعلن رحيل سيرجيو راموس رسميًا    الخميس.. انطلاق رحلات الجسر الجوي لعودة حجاج بيت الله الحرام لأرض الوطن    تفاصيل جديدة حول الطيار المصري المتوفى خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    في اول تعليق له على شائعة وفاته .. الفنان حمدي حافظ : أنا بخير    تعرف على معلق ومحللي مباراة الزمالك والمصري في الدوري    انتظام العمل بموانئ البحر الأحمر وتداول 3 آلاف طن و357 شاحنة    وزيرة التضامن تتابع موقف تسليم وحدات سكنية    تفاصيل إنقاذ طفل اُحتجز بمصعد في عقار بالقاهرة    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    في ذكري وفاته.. الشيخ الشعراوي إمام الدعاة ومجدد الفكر الإسلامي    حماس: إقدام الاحتلال على إحراق مبنى المغادرة بمعبر رفح عمل إجرامى فى إطار حرب الإبادة    سميرة عبد العزيز تكشف مفاجأة عن سبب تسميتها «فاطمة رشدي الجديدة»    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    ارتفاع حالات البكتيريا آكلة اللحم في اليابان    حصول مركز تنمية قدرات جامعة أسيوط على رخصة تدريب معتمد من الأعلى للجامعات    إصابة 16 عسكريًا إسرائيليًا خلال ال24 ساعة الماضية    تركي آل الشيخ ينعى الموزع الموسيقي عمرو عبدالعزيز    هيئة نظافة القاهرة ترفع 12 ألف طن مخلفات في أول أيام عيد الأضحى    بالترددات وطرق الاستقبال .. 3 قنوات مفتوحة تنقل مباراة فرنسا والنمسا في يورو 2024    رئيس وزراء الهند يهنئ السيسي بعيد الأضحى    إيقاف عمرو السيسي لاعب فيوتشر مباراتين وتغريمه 20 ألف جنيه    عاجل.. تطورات مفاوضات الأهلي لحسم بديل علي معلول    بعد إعلان رغبته في الرحيل.. نابولي يحسم مصير كفاراتسخيليا    فتح جميع الحدائق والمنتزهات أمام المواطنين في ثانى أيام عيد الأضحى بالقليوبية    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الفيزياء الحيوية الطبية بعلوم القاهرة    محمود الليثي ينهار من البكاء في أول تعليق له بعد وفاة والدته    الكرملين: تصريحات الناتو بشأن نشر أسلحة نووية تصعيد خطير    حمامات السباحة مقصد الأطفال هرباً من درجات الحرارة في كفر الشيخ    بالصور.. شواطئ بورسعيد كاملة العدد ثاني أيام العيد    مدير صحة شمال سيناء يتابع الخدمات الطبية المجانية المقدمة للمواطنين    الإسكان: تنفيذ 1384 مشروعاً بمبادرة «حياة كريمة» في 3 محافظات بالصعيد    إسرائيل تقرر زيادة عدد المستوطنات بالضفة الغربية بعد اعتراف بلدان بدولة فلسطين    26 عامًا على رحيل إمام الدعاة.. محطات فى حياة الشيخ الشعراوي    التحقيق مع حلاق لاتهامه بالتحرش بطفلة داخل عقار في الوراق    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    أسعار الفاكهة اليوم الاثنين 17-6-2024 في قنا    الصين تتهم الفلبين بتعمد انتهاك مياهها الإقليمية    كيفية تنظيف الممبار في المنزل بسرعة وبطريقة فعالة؟    ب 400 جنيه إسترليني.. علماء يطورون سماعة رأس لعلاج أعراض متلازمة «صدمة الحب»    30 مليون مستفيد من خدمات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    روسيا: لن نسمح بإعادة آلية فرض قيود على كوريا الشمالية في مجلس الأمن    وزيرة الهجرة تطلق «بودكاست» لتعريف المصريين بالخارج تاريخ حضارتهم    شاهد| أول أيام التشريق.. صحن الطواف يمتلئ بحجاج بيت الله الحرام    "الميكروباص اتعجن".. 9 مصابين في حادث مروع بأسيوط- صور    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    وفاة خامس حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    محافظ أسوان يتفقد المطعم السياحي متعدد الأغراض بعد التطوير    جندي إسرائيلي يتخلص من حياته بعد عودته من الحرب في غزة    «المالية»: تخفيف الأعباء الضريبية عن محدودي ومتوسطي الدخل    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    مانشستر سيتي يحدد سعر بيع كانسيلو إلى برشلونة في الميركاتو الصيفي    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهدت هجوماً على الإخوان واستقالة الوزير.. جوائز الدولة هذا العام بمذاق مختلف

جاءت جوائز الدولة هذا العام بمذاق مختلف عن الأعوام الماضية، ربما للظروف الطارئة التى تمربها مصر والأحداث المستجدة على الساحة، فقبل إعلان الجوائز بما يقرب من سبعة أيام قدم وزيرالثقافة د.محمد صابر عرب »الذى رشحته الجمعية المصرية للدراسات التاريخية لجائزة الدولة التقديرية» استقالته من منصبه، ربما لأنه وجد أن الجائزة أهم من هذا المنصب الزائل، وواضح أن تفكيره جاء فى محله وكان الحظ حليفه حيث حصل على جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية بأعلى الأصوات، وكان أيضاً أفضل حظاً من د.فتحى البرادعى، وزير الإسكان حيث دار جدل واسع بين أعضاء لجنة التصويت بالمجلس اعتراضاً على تقدم وزير لجوائز الدولة، واعتبر البعض هذا مخالفاً للوائح والقوانين، ومن جانبه قال الروائى جمال الغيطانى إن هذا سيفتح المجال ثانية أمام الوزراء للترشح لجوائز الدولة، وهذا مايرفضه جملة وتفصيلاً.
أما وزير الآثار د.محمد إبراهيم، فأبدى اندهاشه من الهجوم الذي تعرض له الدكتور فتحى البرادعى، قائلاً ليس معنى أنه وافق على تحمل المسئولية أن يحرم من الحصول على الجائزة، الغريب أن د.إبراهيم فى بداية الاجتماع وقبل اعتذاره للانصراف لحضور حفل تنصيب الرئيس المنتخب، عبر عن غضبه من المعايير التى وضعت لاختيار الفائزين مطالبا أعضاء اللجان بوضع معايير قابلة للقياس لاختيار الفائزين حتى لا تنتقد جوائز الدولة وتصبح مثيرة للجدل من غياب تلك المعايير، وهو ما دفع الكاتب جمال الغيطانى للمطالبة بحل وزارة الثقافة معترضاً على كلام الوزير واصفاً إياه بأنه تدخل فى اختيار الأعضاء الذين يقومون بالتصويت على الجوائز كما هاجم الغيطانى حجب الجوائز, واصفا فكرة الحجب بأنها انتقاص كبير من قامات إبداعية مهمة تم تجاهلها، خصوصاً بعد حجب 6 جوائز في الفنون، و2 في الآداب، و3 في العلوم الاجتماعية، كما أعلن أنه لن يسمح بتولى وزير إخوانى منصب وزارة الثقافة مؤكداً أنه لن يتعامل معه مطالبا فى الوقت نفسه أعضاء المجلس بترشيح ثلاثة من المثقفين لاختيار وزيرللثقافة من بينهم.
ومن جانبه هاجم الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى، الإخوان واصفا إياهم بمن أطلقوا الرصاص على رموز الفكر والإبداع.
ربما جاءت جوائز الدولة هذا العام فى مناخ لم تشهد مثيله مصر من قبل، فهل يا ترى العام المقبل وفى حضور الرئيس الجديد ستشهد تطويراً وتأتى منصفة، على نحو أكبر.
وحيد حامد ضد طيور الظلام
فاز السيناريست وحيد حامد، بجائزة النيل فى الفنون وهى أرفع الجوائز التى تمنحها الدولة لمبدعيها، وقد ولد حامد بقرية بنى قريش مركز منيا القمح محافظة الشرقية، وكان مجيئه إلى القاهرة مفترق طرق بالنسبة له، حين جاء للالتحاق بكلية التجارة لكن حضوره ندوة للأديب العالمى نجيب محفوظ، غير مجرى حياته, مما دفعه للالتحاق بكلية الآداب قسم علم الاجتماع، ومن هنا بدأت رحلته مع الكتابة عام 1970، بكتابة القصة وصدرت له مجموعة قصصية «القمر يقبل عاشق».
اتجه حامد لكتابة الأعمال الدرامية، لكن بداية تحققه جاءت من خلال مسلسل « أحلام الفتى الطائر» عام 1978 مع النجم عادل إمام، حيث حقق المسلسل نجاحاً كبيراً دفع إمام لأن يعتمد عليه سينمائياً ليكوّنا شراكة سينمائية طويلة الأمد بدأت بفيلم.. «انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط» و»الإنسان يعيش مرة واحدة»، واستمرت في «الغول «والهلفوت «خلال الثمانينيات. أيضاً كتب للمخرج الكبير عاطف الطيب أفلام التخشيبة «والبرئ «والدنيا على جناح يمامة» وكشف المستور». وفى بداية التسعينيات ارتبط بشراكة مع المخرج شريف عرفة والنجم عادل إمام نتج عنها خمسة من أهم أفلامهم: اللعب مع الكبار، المنسي، الإرهاب والكباب، طيور الظلام، النوم في العسل، وكتب عام 2006، فيلم «عمارة يعقوبيان» عن رواية الدكتور علاء الأسواني، وشارك في بطولته نخبة كبيرة من نجوم السينما في مقدمتهم عادل إمام ونور الشريف وقدم من خلاله ابنه مروان حامد كمخرج لأولِ مرة. وكان آخر أعماله السينمائية «احكي يا شهرزاد» مع المخرج الكبير يسري نصر الله، وآخر أعماله التليفزيونية مسلسل الجماعة الذي عرض في رمضان 2010، عن جماعة الإخوان المسلمين .عُرف بموقفه الرافض للأصولية الدينية، ويعتبر واحدا من أهم المعارضين لتيارات الإسلام السياسي، حيث اتسمت أعماله بالجرأة والصراحة مما أثار جدلاً كبيراً خصوصاً أنه تناول الواقع الاجتماعى المصري وظهر ذلك جلياً في أعماله التى تصدت لقضايا الفساد التى عصفت بالمجتمع المصرى فى الفترة الأخيرة، ودائماً يعلن أنه ضد الفساد والكذابين والمنحرفين وحاملى الشهادات والواقفين فى طابور نهب وسلب حريته وهذه الفكرة يجسدها بشكل واضح فى أعماله. يعتبر حامد مهمة الكاتب مثل مهمة الطبيب الذى يتحسس المريض حتى يعلم موضع الألم، ويقول إن الإنسان عندما يعيش فى مجتمع لابد أن يكون مدركاً لكل شىء، أى يستشعر ما يحدث فى المجتمع، ونتيجة للتعايش يصبح لديه قراءة مبكرة. حصل حامد على العديد من الجوائز منها جائزة أحسن مسرحية عن مسرحية (آه يا بلد) من وزارة الثقافة، عام 1972، وجائزة مصطفى وعلى أمين عن فيلم (البرئ) عام 1986، إضافة إلى جوائز أخرى عديدة، منها جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة، عام 2003.
محمد سلماوى : أديب بدرجة صحفى
عام 1971 وفى أثناء انعقاد دورة الأمم المتحدة التى كانت فى طريقها لانتخاب رئيس جديد لها كان من بين الموجودين هناك صحفى شاب سافر على نفقته الخاصة إلى نيويورك لتغطية ما يجرى وهناك أجرى حديثا مع كورت فالدهايم ولم يكن يعلم أنه ستكون خبطة عمره الصحفية حيث تناقلته جميع وكالات الأنباء والصحف العالمية والسبب أن فالدهايم أجرى الحوار قبل أن يبلغ رسميا بأنه تم انتخابه سكرتيرا للأمم المتحدة! لم يكن هذا الصحفى الشاب سوى محمد سلماوى الذى حصل على جائزة الدولة التقديرية فى الآداب لهذا العام . لم تكن تلك هى آخر الخبطات الصحفية بل تبعتها خبطات أخرى لا تقل عنها مهنية كحواره مع جاك شيراك حيث كان أول صحفى عربى يجرى معه حوارا إضافة إلى حواره مع أنديرا غاندى الذى تم بعد اعتقالها بينما كانت الكلابشات تطبق على يديها . لم تقتصر حواراته الصحفية على نجوم السياسة ولكنها امتدت إلى نجوم الفن أيضا حيث لم تسلم داليدا من حواراته, مقفشاته أيضا بل نستطيع أن نقول إنه من القلائل الذى كان يعرف جيدا سبب انتحارها وهى فى قمة مجدها.
ومثلما عشق سلماوى الصحافة عشق أيضا المسرح فلم يكتف فقط بالانضمام لفريق التمثيل بالمدرسة والجامعة وإنما كون فرقة مسرحية تقدم أعمالها باللغة الإنجليزية ...الغريب أن أبطال هذه الفرقة هما لبنى عبد العزيز وسمير صبرى.
يعتبر سلماوى نفسه أديبا، فالأدب هو الذى أفاده بالأساس فى الكتابة الصحفية وأعطاه طابعاً أدبياً خاصاً لمقالاته أما الصحافة فأعطت أعماله الأدبية عمقا أكبر لأنها مكنته من التعامل مع نبض المواطنين فى الشارع وقضاياهم. ولعل ما يدلل على ذلك هى أعماله المسرحية والروائية الكثيرة التى ترجمت للعديد من اللغات مثل رقصة سالومى الأخيرة، فوت علينا بكرة واللى بعده وسأقول لكم جميعا واتنين تحت الأرض وآخرهم رواية الخرز الملون.
بالطبع لا يمكن تجاهل أن سلماوى كان أقرب المقربين لكاتبنا العظيم نجيب محفوظ لدرجة أنه هو الذى رافق ابنتيه لتسلم جائزة نوبل عام 1988 وأصدر عنه العديد من الكتب، منها كتاب وطنى مصر الذى فاز بجائزة أفضل كتاب من نادى الكتاب الفرنسى.
صاحب عصافير النيل يفوز بجائزة النيل
لأنه يعزف أجمل الألحان بصوته عندما يجرح وينزف الدماء سمي بمالك الحزين.. كذلك كان إبراهيم أصلان الذى تحمل إحدى روائعه الأدبية اسم هذا الطائر الجميل الذى يشبهه. فإبراهيم أصلان لم يتلق تعليما جيدا فى صغره بل إنه ظل يتنقل بين المدارس حتى استقر فى مدرسة لتعليم فنون السجاد، وحتى عندما تركها التحق بمدرسة صناعية....والمتابع لقصة حياته يجد أن ظروفه لم تكن لتتيح له الوصول إلى ما وصل إليه ولكنها الموهبة الفذة التى من الله عليه بها والتى جعلته واحدا من أهم الكتاب والروائيين فى تاريخنا المعاصر ولكن لأن السلطة تكره المثقفين، فإنه لم يحصل على جائزة النيل للآداب والتى كان يستحقها عن جدارة منذ زمن مضى إلا بعد وفاته! حققت رواياته مثل «عصافير النيل وحجرتان وصالة وخلوة الغلبان ويوسف والرداء ومالك الحزين « نجاحا ملحوظا على المستوى الجماهيرى والنخبوى ورفعت اسم أصلان عاليا بين جمهور لم يكن معتادا على اسم صاحب هذه الروايات بسبب ندرة أعماله من جهة وهروبه من الظهور الإعلامى من جهة أخرى ولكن ذلك لم يمنع أن يكون طرفا فى واحدة من أهم الأزمات الثقافية المصرية وذلك عام 2000، إبان ترأسه لسلسة آفاق عربية الصادرة عن وزارة الثقافة والتى نشرت رواية الأديب السورى حيدر حيدر «وليمة لأعشاب البحر» عاش أصلان على أمل رؤية التغيير فى بلاده ولكن الموت كان أسبق من هذا التغيير إذ اختطفه فى يناير من العام الحالى قبل أن يحصل على جائزة النيل، ولكن بعد أن أعلن موافقته وتأييده لحركة التغيير التى تزعمها الدكتور محمد البرادعى.
البحر موعدنا مع
محمد إبراهيم أبو سنة
البحرُ موعِدُنا
وشاطئُنا العواصف
جازف
فقد بعُد القريب
ومات من ترجُوه
واشتدَّ المُخالف
كاتب هذه الأبيات الرائعة هو شاعر من طراز فريد أفنى جل عمره فى إذاعة البرنامج الثانى الذى وجد فيه ضالته المنشودة لتقديم العديد من البرامج الشعرية والنقدية، وبرغم ترقيه فى المناصب القيادية حتى وصوله إلى منصب نائب رئيس الإذاعة، فإن ذلك لم يقلل من عدد دواوينه الشعرية التى أثرى بها المكتبة العربية حيث كان يزاحم بموهبته الفريدة صلاح عبد الصبور ومحمد عفيفى مطر وأحمد عبد المعطى حجازى..إنه الشاعر العربى الكبير محمد إبراهيم أبو سنة الذى فاز بجائزة الدولة التقديرية فى الآداب لهذا العام أيضا.
يعتبر أبو سنة من أشهر الشعراء الذين كتبوا القصيدة التفعيلية الجديدة حيث تجاوز عدد دواوينه الشعرية عشرة دواوين منها «البحر موعدنا» الذى فاز عنه بجائزة الدولة التشجيعية عام 1984، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى. فضلا عن دواوينه «قلبى وغازلة الثوب الأزرق « و»أغانى الماء «.
المتأمل لشعر محمد إبراهيم أبو سنة يجد أن شعره لديه القدرة الهائلة علي الفرح وعلي الحب حتي في أقصي لحظات الغضب والتمرد. حتى قصائده السياسية أو الوطنية فهى تدخل مباشرة إلى الجرح الوطنى وتعبر عما يسمى بالرؤية الكلية التى تحتوى الماضى والحاضر والمستقبل فيما يعد نوعا من مناطحة المستحيل لإنها تؤمن بالقيم التى يتصور البعض خطأ أنها دفنت فى غبار الأحداث فى حين أن القصائد الكبرى التى انشغلت بالهم السياسى مثل شعر المقاومة فى فرنسا عند أراجون إبان الحرب العالمية الثانية هو ما تبقى بينما اختفت قصائد الواقع اليومى التى ابتعدت عن الرؤية الكلية.
البساطى نال الجائزة وهو طريح الفراش
كانت أول جائزة مصرية يحصل عليها الروائي الكبير محمد البساطي، هى جائزة طه حسين عام 1962، ومن وقتها لم يحصل على أى جائزة مصرية إلا فى عام 2009، حيث حصل على جائزة ساويرس فى الأدب عن روايته «دق الطبول».
البساطى ولد عام 1937، بقرية الجمالية المطلة على بحيرة المنزلة بمحافظة الدقهلية، وفيها عاين خبرات وحكمة الحياة الأسطورية والسرية لأهله، تلك القرية التى لعبت دوراً بارزاً فى أعماله الأدبية، فكانت مكان الأحداث فى قصصه، والبطل الثابت فى ذاكرته، فقد كتب عنها أربع روايات هى «بيوت تحت الأشجار» والمقهى الزجاجى والأيام الصعبةوصخب البحيرة وعندما سافر إلى المملكة العربية السعودية لم يكتب حرفاً، لأنه يرى أن من يحاول الكتابة عن غير موطنه الأصلى تكون كتابته سياحية، فلديه قناعة أن ابن المكان هو الأقدر على استيعاب تفاصيله والكتابه عنه.
عمل البساطى فى الجهاز المركزى للمحاسبات ودخل كل السجون المصرية فى عصورها المختلفة ليس سجيناً بل مشرفاً على الحسابات المالية معتبراً هذه الفترة من أساسيات تكوينه الأدبى، حيث بدأ حياته بكتابة الشعر وفى نهاية الستينيات اتجه لكتابة القصة فصدرت له المجموعة القصصية الأولى «الكبار والصغار «و من خلالها حصل على جائزة نادى القصة.
يعشق البساطي كتابة القصة القصيرة، وتأتي الرواية معه بالمصادفة على حد قوله «فجميع الروايات التى كتبتها لم أخطط لكتابتها فهى تبدأ معى قصة ثم تتسع وتكثر أشخاصها وتتعدد أجواؤها وتأخذ شكل الرواية».
يؤمن البساطي بأن الكتابة الدعائية لا تصنع كاتباً فالكتابة الجيدة تشق طريقها مهما كانت مساحة الصمت حول كاتبها، قرأ لكبار الكتاب أمثال يوسف إدريس ويحيى حقي ثم بعد ذلك انتقل إلى قراءة الأدب الروسى والأمريكى الذى فتح عينيه على أعماق الإنسان المصرى فى النجوع والقرى، وبالرغم من قتامة عالم ديستوفسكى إلا أن أعماله كانت تسيطر عليه، فقرأ»الإخوة كارامازوف»والجريمة والعقاب» و»الأبله» التى تجعله يرتجف خصوصاً عند قراءة الأخير فيها، ودائما ما يعيد قراءة أولاد حارتنا والحرافيش لصاحب نوبل نجيب محفوظ، أيضاً يعشق قصة «موت موظف« لتشيكوف التى يحفظها عن ظهر قلب.
يعترف البساطي بأنه لا يحب الكتابات النقدية الأكاديمية والمنهجية لكنه يقرأ النقد التطبيقى لأعمال كبار الكتاب حصل البساطى على جائزة غرناطة مناصفة مع رضوى عاشور عام 1994، عن روايته «صخب البحيرة» كما حصل على جائزة العويس للإبداع القصصى مناصفة مع القاص السورى زكريا تامر وقد ترجمت أعماله للعديد من اللغات الأجنبية.
عرب استقال من «الثقافة» فحصل على التقديرية
حصل الدكتور محمد صابر عرب، على جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية والمرشح لها من قبل الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، د.عرب شغل منصب وزير الثقافة فى حكومة الدكتور كمال الجنزورى، لكنه بادر بتقديم استقالته قبل تقديم الحكومة لاستقالتها وذلك نظراً لترشحه لجوائز الدولة هذا العام، مما جعل وزير الآثار د.محمد إبراهيم يترأس اجتماع لجنة التصويت على الجوائز لتصبح تلك هى المرة الأولى فى تاريخ جوائز الدولة التى تتم بدون وزيرالثقافة.
كان قبول د.عرب لحقيبة الوزارة فى الوقت الحرج الذى كانت تمر به مصر من وجهة نظره بمثابة تضحية كبيرة فحال «الثقافة» بعد مرور عام ونصف العام من ثورة 25يناير كان نتاجا لحالة مجتمعية، حيث أرجع تدهورها إلى انحدار التعليم الأساسى والجامعى معترفاً بمعاناة وزارتى الثقافة والتعليم سنوات طويلة من التهميش والإقصاء، وتمنى أن يتولى حقيبة وزارة الثقافة مثقف واع لديه رؤية قوية ليحدث نقله حقيقية فى الثقافة، متمنياً مزيداً من الحرية والإبداع، وأن تهدأ التوترات التى لاتزال موجودة فى الشارع المصرى كى ننتج وطناً على أسس من الديمقراطية الحقيقية، معتبراً الثقافة عصب الحياة التى لايمكن أن تكون هناك نهضة شاملة إلا بدعم الثقافة لأنها العمود الفقرى فى التنمية، كما أنها أكسبت مصر دوراً ريادياً على المستوى العربى والعالمى من خلال الكتاب والفيلم والمسرح والفن التشكيلى والموسيقى مؤمناً بأن الفن هو القوة الناعمة التى جعلت مصر دولة كبيرة وموضع تقدير العالم، مشيراً إلى أن مهما كان الفصيل الحاكم فيها لن يستطيع إجهاض هذا الجهد التاريخى الكبير ولن يقدر على مصادرة الإبداع والثقافة بل عليه تعظيم دورها،محذراً من تهميش الثقافة ومؤكدا أنه سيكون فى مقدمة صفوف المعارضة إذا حدث ذلك أو تمت مصادرة الأفكار.
ولد د.صابر عرب، بالقاهرة عام 1948 وقام بتدريس تاريخ العرب الحديث بجامعة الأزهر كما تولى مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية منذ عام 1999، حتى يناير 2005 وعمل عضوا بالمجلس الأعلى للثقافة وخبيراً فى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ونائب رئيس تحرير «مجلة مصر الجديدة» وعضو باللجنة المكلفة بكتابة تاريخ مصر بتكليف من جامعة الدول العربية، كما سافر للتدريس فى العديد من الجامعات العربية حيث قام بتدريس مادة الخليج العربى بجامعة السلطان قابوس من عام 1986 1991) وفى جامعة الإمارات العربية عام 1994 1995) وتاريخ الفكر الأوروبى بجامعة عين شمس وتاريخ العرب المعاصر، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراة بجامعة الأزهر وعين شمس، وله العديد من المؤلفات منها «الحركة الوطنية فى مصر، والمدخل إلى تاريخ أوروبا الحديث» والأحزاب المصرية «وأربعون عاماً على حرب السويس» ووثائق مصر فى القرن العشرين» وأوراق الدكتور طه حسين»تحت الطبع «أزمة مارس فى الوثائق البريطانية» تحت الطبع،
حضر العديد من المؤتمرات منها مؤتمر عمان فى التاريخ عام 1994، ومؤتمر مستقبل الثقافة العربية عام 2000، ومؤتمر ذاكرة العالم فى المكسيك ومؤتمر التوثيق والأرشفه الإلكترونى فى دبى 2003.
هالة البدرى و «مطر على بغداد»
ما إن يتم ذكر اسم الروائية هالة البدرى، حتى نتذكر على الفور مدينة بغداد بكل ما تحمله من روائع ومآس فالروائية التى حصلت أخيرا على جائزة التفوق فى الآداب كانت تعمل مراسلة لمجلة روزاليوسف فى العراق ولذلك فمعظم أعمالها تدور هناك بل إن معظم أبطالها هم أنفسهم عراقيون اختلطوا بالمصريين فى تناغم شديد الروعة والثراء.
الرواية بالنسبة لهالة البدرى، هى رمز الجدية وتوثيق المعلومات صحيح أن الخيال هو المسيطر دائما ولكنه الخيال المتشابك مع الحقائق والسرد ومعين الذكريات الذى لا ينضب أبدا فنجد أن أحداث معظم رواياتها تطابق مع ظروفها الفعلية. القارئ لأعمال هالة البدرى يستطيع رؤية العفوية التى تشف بين السطور ودقة الملاحظة لأبسط التفاصيل الصغيرة التى يتعجب القارئ من قدرتها على استيعابها بكل تفاصيلها، ولكنه بعد ذلك يكتشف أن هذا الإفراط فى التقاط التفاصيل ما هو إلا المدخل للرؤية الحساسة والمرهفة لفترات تاريخية أصرت الكاتبة على توثيقها وتقديم شهادة عنها لبلورة منظومة القيم التى تدين لها.
ترسم هالة البدرى، من خلال بطلاتها سواء المريات أو العراقيات صورة بغداد من منظور مصري حيث تتم متابعة مشاكل العمال المصريين وأعدادهم المتزايدة في العراق. كذلك مشروع محو أمية النساء فى العراق حيث تحولت مدرسة محو الأمية بعد العصر إلي فرصة خروج إجبارية تركت فيها النساء كل مسئوليات الأسرة الكبيرة, وعشن الحالة وكأنها رحلة جميلة, عدن فيها صبيات يافعات يتضاحكن علي راشد بطل كتاب محو الأمية, ويقمن بتركيب جمل مختلفة تعرض رأيهن بصراحة في الرجال.
فى روايتها الأخيرة «مطر على بغداد» نجد أن فكرة المذكرات غالبة عليها علي الرغم من طبعها التخيلي البارز فهي مروية بضمير المتكلم ومؤرخة بشهور محددة في عقد السبعينيات من القرن الماضي, مما يفرض علي السارد منظورا قديما يسقط من حسابه بالضرورة الأحداث الكبري التي جرت بعد ذلك منذ الثمانينيات في العراق حتي اليوم. ولكن برغم ذلك تظل البساطة هى المنطقة الساخرة التى نجحت هالة البدرى فى العزف عليها لتوحى لنا سطحيا بأنها سهلة ولكننا نكتشف مدى صعوبتها عندما نخوض فى الأعماق لتحقق لنا مقولة السهل الممتنع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.