اختطاف المنابر! ظاهرة اختطاف منابر المساجد وساحات صلاة العيد من قبل بعض التيارات الإسلامية وإزاحة خطباء وزارة الأوقاف يجب ألا تمر هكذا دون وقفة حاسمة لأسباب عديدة جسدتها مشاهد شخصية في الأيام الأخيرة. في صلاة فجر 27 رمضان أم المصلين أحد الشباب ربما كل مؤهلاته طول القامة واللحية وقصر الجلباب والسروال والنتيجة أخطاء لا حصر لها في قراءة أواخر سورة الكهف مما أثار امتعاض المصلين الذين اكتظ بهم أحد المساجد الكبري. في إحدي ساحات صلاة العيد تحولت الخطبة من حديث حول أهمية العطف علي اليتيم في ذلك اليوم واستمرار الطاعة والعبادة بعد شهر رمضان أو هكذا يجب أن تكون إلي حديث عن الدولة المدنية والدولة الدينية وسط لا مبالاة من الحضور, أضف إلي ذلك الخلاف الذي نشب في مواقع عديدة حول أي تكبير لصلاة العيد هو الأصوب. في صلاة الجمعة الأخيرة اعتلي المنبر أحد الشباب وصب جام غضبه علي أسر وبيوت خلق الله باعتبارها بيوت فسق وفجور حيث تدخل المنزل- علي حد قوله- فتواجه بالتلفاز والتحف والصور وكل أوجه المعاصي- من وجهة نظره- ناهيك عن أخطائه اللغويه وركاكة التعبير منقطعي النظير. نحن إذن أمام أزمة يجب أن ندرك مخاطرها علي المستقبل, وإذ نؤكد هنا علي كفاءة إمام وخطيب الأوقاف مهما شابه من قصور تسببت فيه الظروف التي مرت بها البلاد خلال العقود الماضية إلا أن علاج هذا القصور أيسر وأهون من إعادة بناء ذلك الذي يفتقد إلي ألف باء الدين واللغة والفكر الوسطي, وإذا ظللنا نغض الطرف عن أطروحات مساجدنا ومساجدهم وساحاتنا وساحاتهم وخطبائنا وخطبائهم فأعتقد أن المستقبل ينذر بما هو أسوأ من مجرد مناوشات هنا أو لغط هناك. وإذا كانت هناك مساجد تخضع لإدارة بعض المنظمات والجمعيات السياسية والحزبية وأيضا الدينية فإن الأمر يتطلب وضع قواعد ومواصفات صارمة لمعتلي المنابر فيها حتي لا تختلط الأمور بعدم التمييز بين مفهومي السرادقات الانتخابية وبين دعاة الحق والفضيلة والدعوة إلي الله. ولا يجب بأي حال أن تلهينا خلافاتنا السياسية وإخفاقاتنا الأمنية عن قضية هي الأهم لما لها من عواقب علي المدي البعيد في كافة أوجه الحياة, ولكي نكون منصفين فإن مواجهة هذه الحالة تتطلب أيضا قيام الأزهر بدوره وذلك بإعادة النظر في الدراسات الأزهرية التي عانت من تدخلات مشبوهة في السنوات الأخيرة بما يضمن إعدادا أفضل للدعاة مع قيام وزارة الأوقاف بدورها في استمرار تأهيلهم علي امتداد حياتهم الوظيفية وهي أمور سوف تساهم بكل تأكيد في استقرار أوضاع المنابر. إلا أنه وحتي تنفيذ ذلك يجب ألا تظل مخاطر هذه القضية تطل برأسها في كل نجع وكفر في غياب من سلطة الدولة الرسمية التي يجب أن تكون لها اليد الطولي في هذا الأمر مهما علا سقف الحرية والديمقراطية وذلك لأن المواطن الطبيعي سوف يجد نفسه بين خيارين لا ثالث لهما وهما إما النفور من دور العبادة وإما الميل إلي التطرف وتكفير المجتمع, وفي الحالتين لن تجدي أي خطط إصلاح أخلاقي واجتماعي أو أمني وفكري.. وآمل ألا يكون هناك من يهدف إلي هذا وذاك معا. المزيد من أعمدة عبد الناصر سلامة