صراع له جذور(2) عندما طالبت الحركة الصهيونية بإنشاء دولة لليهود علي أرض فلسطين لم تكن لديها حقائق تدعم مطلبها, ولكنها بدعم من الاستعمار العالمي, الذي كان في أوج قوته خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ابتدعت أسطورة, أرض الميعاد كمستند لإثبات الحق التاريخي المزعوم في فلسطين علي حساب الوطن والشعب الفلسطيني. وهنا ينبغي التوقف أمام هذه المزاعم التي تتجاهل أن فلسطين أرض عربية منذ بدء التاريخ, حيث سكنتها القبائل الكنعانية العربية منذ العصر الحجري وجاء اليهود إليها فيما بعد ثم خرجوا منها.. ثم إن الزعم بأن فلسطين هي أرض الميعاد زعم يهودي له طابع ديني... والديني ليس مصدر من مصادر القانون الدولي, فضلا عن أن الحق التاريخي في القانون الدولي هو الحق الذي اكتسب نتيجة تقادم الزمن علي ممارسته واستعماله لفترة طويلة ومستمرة, وهو ما لا ينطبق علي الحالة الصهيونية التي انقطعت صلتها بأرض فلسطين آلاف السنين. والتاريخ هو الذي يقول إن اليهود لم يكونوا أول من عاش علي هذه الأرض وإنما وفدوا إليها فيما بعد, ثم انتهت صلتهم تماما بأرض فلسطين منذ أن احتلها الرومان واعتنق سكانها الأصليون من العرب الكنعانيين الديانة المسيحية ولم يغير ذلك من طابعها العربي الذي ازداد تجذرا بعد انتشار الإسلام في المنطقة العربية كلها. وإذا قيل إن معاناة اليهود من الاضطهاد النازي لهم, في أوروبا كانت دافعا لتعاطف الحكومات الأوروبية معهم في تأسيس دولة لهم فإن مباديء القانون الدولي والتفكير العلمي والشعور الإنساني وجميع العهود والمواثيق الدولية لا تقر أبدا بأن يتم رفع الاضطهاد عن اليهود في أوروبا بتمكين اليهود من اضطهاد العرب وطردهم من أرض فلسطين, فالقانون الدولي لا ينطلق في إنشاء وتأسيس الدول من أسباب دينية أو إنسانية. إن هذا الدعم والتعاطف الأوروبي مع الحركة الصهيونية لم ينطلق من عقدة الشعور بالذنب تجاه اضطهاد اليهود في أوروبا وإنما لوجود أهداف مشتركة في السيطرة علي مقدرات المنطقة ومحاولة التأثير في عقائد وأفكار شعوبها والسعي لإحداث ارتباك في سياستها من نوع ما يجري هذه الأيام. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: الحقائق لا تتغير وإنما نحن من نتغير! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله