رأي الشعب! مع احترامي لكل المؤسسات المصرية التي غامرت باستطلاع الرأي العام; فإنني لا أثق إلا في الاستطلاعات التي يجريها مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية, ليس فقط لتقاليده العلمية الصارمة, وإنما أيضا لأنه انتزع حق إجراء هذه الاستطلاعات ليس فقط من النظام القديم, ولكن من جماعة منا كانت تري أنها تحتكر معرفة رأي الجماهير, ومن يحاول أن يفعل ذلك غيرها فسوف يمارس نوعا من الخيانة الوطنية. كان ذلك في عام1997 عندما أجري المركز استطلاعه الأول, وبعد ذلك صار الأمر شائعا في مؤسسات أخري, ومع ذلك يظل لمركز الأهرام حجيته وأصالته التي ظهرت في الاستطلاع الأخير الذي أعلن عنه لوصف الحياة السياسية في مصر بعد ثورة25 يناير. والحقيقة أن ما نشر في الأهرام عن هذا الاستطلاع يشير إلي أن المصريين واقعين في حب الدولة كما كانوا دائما, وانعكس ذلك في أعلي ثقة أعطوها لمؤسسة المجلس العسكري حيث كانت خمسة وتسعين في المائة, ومن حيث الأهمية كان في المقدمة حائزا علي ثمانين في المائة, وتلاه القضاء المدني بنسبة ستون في المائة. ومن الجائز أن التفضيلات ما بين المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية تعكس نفس الحقيقة حيث كان في المقدمة السيد عمرو موسي بنسبة63.5%- ثلاثة وستون ونصف في المائة- وتلاه الفريق أحمد شفيق وبنسبة تسعة وأربعين في المائة, ومن بعده السيد هشام البسطاويسي وحاز علي أربعين في المائة; أي أن الثلاثة الأول هم من رجال الدولة ومن عملوا في صفوفها وتعلموا من خبرتها ويعرفون مكنوناتها. ولا يأتي من خارج الدولة وأجهزتها إلا الدكتور سليم العوا في المركز الرابع بنسبة أربعين في المائة. الاستطلاع بعد ذلك فيه تفاصيل كثيرة, وإذا كان مطلوبا رجل دولة في رئاسة الجمهورية فإن البرلمان ينبغي في نظر الرأي العام أن يكون فيه معارضة عنيدة. ورغم أن الثقة في حزب الحرية والعدالة ضئيلة ولا تتعدي11.5% إلا أن32% علي استعداد للتصويت له. وفي الحالتين, مستوي الثقة, والاختيار فإنه يقع في المقدمة وبفارق كبير عما تلاه من أحزاب أهمها الوفد. أما المفاجأة الحقيقية فهي أحزاب الثورة, أو التي تولدت عنها, فرصيدها محدود للغاية سواء من حيث الثقة أو الاختيار. مثل ذلك تأكيد لنظرية شائعة أن من يقومون بالثورات عادة جماعة تكون مهمتهم تسليمها لجماعة أخري!!. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد