العدالة الاجتماعية هي السبيل الوحيد لاحتواء التوترات الاجتماعية عبر اشاعة الانصاف والتصدي للمظالم.. ومن هنا يأتي الحرص علي ضرورة تكريس مبدأ تكافؤ الفرص بين أبناء المجتمع دون تفرقة أو تمييز وفي ذات الوقت يتعين ان تضطلع الحكومة بدورها الأساسي في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين, وفي مقدمتها التعليم والرعاية الصحية وفرص العمالة, وكذا الاسكان والنقل والمواصلات. وبهذا وحده يتسني لأي حكم ديمقراطي رشيد ان يتصدي بنجاح للتوترات الاجتماعية, التي يؤدي اهمالها أوالتراخي في التعامل معها الي تفجر اضطرابات سياسية وموجات عنف علي نحو ما حدث في بريطانيا زخيرا. ذلك ان التحليل النهائي لأحداث بريطانيا يشير الي أن غياب العدالة الاجتماعية أو اختلالها اختلالا جسيما قد فاقم من الهوة بين الأغنياء والفقراء, وقد أفضي الي ذلك سياسات خفض الانفاق العام والتقشف الاقتصادي التي انتهجتها حكومة ديفيد كاميرون بقصد سد عجز الموازنة. وكم كان رائعا حقا ان ثورة25 يناير في مصر قد رفعت شعارا بارزا هو العدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية جنبا الي جنب الحرية والديمقراطية, ورغم توافق المجتمع علي أهمية العدالة الاجتماعية في إعادة بناء المجتمع الجديد.. الا ان الأحداث المتلاحقة التي تمر بمصر منذ الثورة, ربما لم توفر الظروف المواتية لاعداد بيان أولي حول سبل تحقيق العدالة الاجتماعية, علي ان تبلورها وتحددها بنود في الدستور الجديد. وفي هذا السياق قد يمكن القول ان بعضا من التوترات الاجتماعية التي تشهدها المرحلة الانتقالية الراهنة ترجع الي افتقاد المواطنين العدالة الاجتماعية الغائبة وخشيتهم من تعذر تحقيقها, ولعل هذا ما يستدعي المبادرة بإعلان سبل تحقيق العدالة للمواطنين.