تستقبل فرنسا زعماء ل28 دولة ورؤساء ل7 منظمات دولية تقريبا يوم الخميس الأول من شهر سبتمبر المقبل. وعن هذه القمة الدولية الثانية التي تخصصها فرنسا للشأن الليبي لم تصرح فرنسا بالقدر الوافر من المعلومات عن فحواها سوي أن الشركاء الدوليين سيجتمعون لوضع خريطة. طريق لليبيا فيما بعد القذافي والإعلان عن إستراتيجية لمصاحبة المجلس الانتقالي بغية الوصول إلي حياة ديمقراطية لليبيين بعد حكم ديكتاتوري دام40 عاما حسب الوصف الفرنسي. ومن المتوقع أن يشارك في القمة روسيا والصين والبرازيل حسب ما أعلن الرئيس نيكولا ساركوزي فضلا عن مجموعة الاتصالات الخاصة بالشأن الليبي وهي التي سبق لها حضور اجتماع الاليزيه الأول قبيل بدء أولي ضربات حلف شمال الأطلنطي( الناتو) فوق الأجواء الليبية بساعات ومن المعروف أن من بين هذه الدول والمنظمات الولاياتالمتحدة وبريطانيا وايطاليا واليونان وقطر ومنظمة الأممالمتحدة والجامعة العربية. وبالرغم من أن تركيا استضافت مؤتمرا تحضريا لقمة الاليزيه المرتقبة حضره مسئولون سياسيون من28 دولة وسبعة منظمات دولية إلا أن الدبلوماسية الفرنسية لم تكشف عما أوصي به هذا الاجتماع سوي انه سلط الضوء علي التقدم الكبير الذي أحرزه المجلس الوطني الانتقالي والثوار الليبيين من اجل تقرير المصير والحرية. وكانت وزارة الخارجية قد أشارت إلي أن اجتماع اسطنبول اقر نقطة محورية مهمة للغاية وهي حتمية استمرار مهمة الناتو طالما أن امن المواطنين الليبيين مازال مهددا!.وهذا هو بالضبط الموقف الفرنسي وما قاله الرئيس ساركوزي بالحرف في المؤتمر الصحفي الذي عقد في باريس الأربعاء الماضي أثناء استضافة الاليزيه لرئيس اللجنة التنفيذية للمجلس الوطني الانتقالي محمود جبريل. وهو ما قد يكشف النقاب عن طبيعة المرحلة القادمة في ليبيا. ويذكر أن محمود جبريل جاء خصيصا ليطالب فرنسا والغرب بالإفراج عن أموال ليبيا المجمدة نظرا لطبيعة المرحلة القادمة. ومن ناحيتها أكدت فرنسا له أن هناك مساعي دبلوماسية حثيثة من اجل استرداد تلك الأموال ليس فقط الموجودة بفرنسا بل أن الرئيس ساركوزي يجري مباحثات مع نظيره الامريكي باراك أوباما من اجل الموضوع ذاته نظرا لضرورة هذه الأموال لتمويل ما ستتطلبه عمليات إعادة الاعمار بعد أن دك الناتو بنيتها التحتية ومؤسساتها الحيوية وبالطبع الخير سيعم علي الأصدقاء المهتمين بالشأن الليبي مما أسلفنا ذكرهم. ويذكر أن الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أشار إلي أن الأموال والأصول الليبية المجمدة لدي بلاده تقدر بما يفوق المليارين. ومما لاشك فيه أن الأخبار المتواترة في هذه المرحلة عن سقوط نظام القذافي تعد انتصارا للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فهو صاحب المبادرة والريادة في الإطاحة بالرئيس الليبي معمر القذافي وهو أول من استقبل ممثلي الثوار الليبيين من المجلس الوطني وله السبق في الاعتراف بهم كسلطة شرعية وكان صاحب المساعي الحثيثة بإرسال وزير خارجيته الان جوبيه إلي الأممالمتحدة لاستصدار القرار1973 من مجلس الأمن لحماية المدنيين وفرض منطقة حظر جوي فوق المجال الليبي. وبالطبع هذه الأخبار جاءت حفظا لماء وجه ساركوزي أمام الفرنسيين بصفة عامة وأمام المعارضة الشرسة لزعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن المحسوبة علي اليمين المتطرف بصفة خاصة بعد أن تزعمت حملة ضارية ضد ساركوزي وسياسية حكومته لتوريط فرنسا في الشأن الليبي معتبرة أن هذه القضية أمرا يهم الدول العربية والإفريقية والجامعة العربية. وقد كان لتصريحاتها رد فعل قوي في ارتفاع مستوي شعبيتها لدي الفرنسيين في الوقت الذي تتوقع لها مراكز الاستطلاع مناطحة ساركوزي في الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة.2012 والواقع إن ما يحدث في ليبيا الآن وبعد أسبوع من مما روجت له وسائل الإعلام عن دخول الثوار إلي طرابلس والغموض الذي يخيم علي وضع القذافي وهل هو بداخل البلاد أم سبق له الفرار وهل مازال علي قيد الحياة أم انه قتل! والأكاذيب أو إن صح التعبير حرب الأعصاب التي يلعبها الثوار والناتو بالتلويح عن مقتل احد أبناء القذافي تارة أو القبض علي سيف الإسلام ورئيس المخابرات تارة أخري يجعلنا نقف أمام تكهنات تشير إلي أن القذافي غير موجود أو ربما يكون قد تم اغتياله بالفعل وهناك محاولة للتكتم علي الخبر علي غرار ما فعلت أمريكا بأسامة بن لادن ليظل شبح القذافي- الذي يملك أسلحة كيماوية خطيرة كما يروجون- يهدد امن المواطنين الليبيين وبالتالي سيكون الخيار الأمثل والمبرر والأفضل هو نزول قوات الناتو علي الأرض الليبية تحت ذريعة الحماية ومساعدة قوات الامن الدولية وهو ما جاء بالفعل في تصريح كشف عنه مصدر مسئول في حلف شمال الأطلنطي عن تأييد الحلف لنشر قوات سلام دولية تابعة للأمم المتحدة لحفظ الأمن والاستقرار علي الأراضي الليبية. وذلك بالرغم من تأكيده فيما سبق علي أن الحلف لن ينشر قوات برية وان هذا الامر من اختصاص قوات حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية. وبذلك تكون قوات التحالف قد نجحت في النزول علي الأراضي الليبية لمساعدة الثوار من ناحية والوصول لهدفهم الاستراتيجي الرئيسي كما سبق وقد توقع جل المحللين الاستفادة من البترول الليبي وإعادة اعمار ما تم هدمه وما لذلك من عوائد اقتصادية هائلة هم في اشد الحاجة إليها في الفترة الراهنة والاهم من ذلك البقاء في ليبيا لفترة قد تطول سنوات تحت ذريعة استعادة الاستقرار والأمن في المنطقة وما خفي كان أعظم. وربما يلوح في تفكير كلا منا تساؤل منطقي وهو هل عجزت تكنولوجيا الغرب المتقدمة بكل أساليبها الأستخباراتية والتقنية عن التوصل إلي اكتشاف مكان القذافي وهل من المعقول أنه لا يوجد أحد في ليبيا يعلم مكانه ويهمه الحصول علي المكافأة الكبري المقدرة بقرابة مليوني دولار, أم أن شبحه سيظل يطارد الثوار كما ظل شبح بن لادن لسنوات حتي أرادت له الإدارة الأمريكية النهاية.