بدأت جميع الأحزاب بلا استثناء مبكرا في الاسكندرية, الاستعداد لخوض انتخابات مجلس الشعب المزمع إجراؤها قبل نهاية العام الحالي, وبرغم الحديث عن جبهة توافقية تضم القوي السياسية والتيارات المختلفة إلا أن الواقع العملي يشير الي صعوبة تحقيق ذلك, بل واستحالة تطبيقه علي المحك العملي نظرا لاختلاف الآراء والأفكار, مما دفع معظم الأحزاب للسعي الي وضع قوائم خاصة منفردة تحسبا لصعوبة تطبيق فكرة القائمة الموحدة, إلا أن المفاجأة تكمن في أن معظم الأحزاب لا تملك الآليات التي تجعلها تخوض الانتخابات بقوة من حيث الكوادر أو الامكانات المادية لحداثة العهد للكثير من الأحزاب, وبالتالي بدأ معظمها بل أكثرها مستغلا مناسبة أيام رمضان وعيد الفطر بالاتصال ببعض الأعضاء السابقين من أحزاب أخري ومستقلين لهم وجود بالشارع السكندري, ومن هنا برز من جديد أسماء أعضاء الحزب الوطني المنحل الذين لديهم المقدرة المالية والخبرة العملية في الانتخابات, حيث ان الاتصالات تمت حاليا بين هذه الأحزاب وأعضاء داخل الحزب الوطني المنحل لخوض هذه الانتخابات علي قوائمها, والحزب الوحيد الذي رفض الاستعانة بأعضاء من الحزب الوطني هو الحرية والعدالة حزب الاخوان المسلمين, مدعوما باعتراض شديد من شباب الثورة في أسلوب الأحزاب الأخري, وعللت الأحزاب ذلك بأن جماع الاخوان المسلمين تملك الكوادر والأموال التي تؤهلها خوض الانتخابات في جميع دوائر الاسكندرية, حيث ان انتخابات2005 شهدت اكتساحهم عدد11 مقعدا من بين13 مرشحا خاضوا الانتخابات بالاسكندرية. والحقيقة التي يجسدها الواقع العملي والسياسي بالاسكندرية, أن الأحزاب في ورطة حقيقية بعد أن اكتشفت أخيرا أن العملية الانتخابية تختلف تماما عن التشكيلات الحزبية, فالانضمام للحزب أمر سهل يختلف تماما عن خوض الانتخابات التي تعتبر مسألة معقدة للغاية تحتاج لجهد وعمل وكوادر وأموال وكلها صفات معظمها ينطبق علي عدد كبير من أعضاء الحزب الوطني المنحل, الذين بدأوا دخول مفاوضات بالفعل مع أحزاب عديدة لخوض الانتخابات علي قوائمهم, بل ان هناك أسماء من الوطني بدأت بالفعل منفردة تغازل الشارع من جديد مثل طارق طلعت مصطفي التي تغطي لافتاته دائرة سيدي جابر لتهنئة أبناء الدائرة بحلول شهر رمضان والعيد مع انتشار رجاله في توزيع الشنط الرمضانية التي اختفت هذا العام من معظم الدوائر, وابن رجل الأعمال الشهير رشاد عثمان وهكذا عادت كوادر الحزب للظهور بعد أن وضح جليا أن الساحة السياسية لا تستطيع سد فراغ يحتاج لعمل جاد وبناء حزبي قوي لكي تتم الممارسة السياسية من خلال قواعد جديدة بعيدا عن الوجوه القديمة. وعلي الجانب الآخر يواجه ائتلاف شباب الثورة بالاسكندرية مأزقا حقيقيا, ففي الوقت الذي يرفض الائتلاف أي كادر أو عضو من الوطني المنحل, فإنه لا يملك الكوادر المؤهلة لخوض هذه الانتخابات بل ان التفكير في الدفع ببعض العناصر الثورية لا تملك آليات الانتخابات بمثابة الحكم بالاعدام لصعوبة المواجهة أمام سطوة النفوذ والمال المتوقعة في الانتخابات المقبلة, سواء من الأفراد أو الأحزاب القوية, ومن هنا بدأ تصادم ائتلاف الثورة مع بعض الأحزاب السياسية خاصة التي تري عدم وجود حرج في ضم عناصر من الوطني المنحل طالما لم يثبت علي العضو المرشح ما يشينه, خاصة أن بعضهم لم يترشح أو يخض الانتخابات من قبل وان كانوا كوادر قيادية في الحزب المنحل, ومن المتوقع أن تشهد الاسكندرية أيضا حالة من الجدل والخلاف السياسي بسبب هذه الصراعات, لسيما أن التيارات الدينية ستخوض الانتخابات بقوة معتمدة علي عناصرها التي لها حضور قوي في الشارع السكندري خلال هذه الفترة بالذات, وهو الأمر الذي يحتاج الي مواجهات شرسة مما دعا الأحزاب إلي أن تسعي الي الاستعانة بكوادر من الوطني خاصة القادرين علي المواجهة والتعامل مع التيارات الدينية في الانتخابات, التي تعتبر معركة جديدة تشهدها الاسكندرية لأول مرة لاختلاف ظهروفها وطبيعتها.