إيطاليا جاهزة للقيام فورا بدورها من أجل مساعدة ليبيا الجديدة علي الوقوف علي قدميها في أسرع وقت ممكن.. بهذه الكلمات علق فرانكو فراتيني وزير الخارجية الإيطالي علي أنباء سقوط نظام العقيد القذافي في ليبيا. معلنا أن رئيس حكومة المجلس الوطني الانتقالي الليبي أبدي استعداده للاجتماع مع سلفيو بيرلسكوني قريبا, تمهيدا للإفراج الفوري عن الأرصدة والممتلكات الليبية المجمدة وبحث مستقبل العلاقات الثنائية. رد الفعل والتحركات السريعة من جانب إيطاليا, عقب نجاح ثورة ليبيا في إسقاط نظام القذافي, لا يتناسب مع ترددها في تأييد هذه الثورة عند اندلاعها في السابع عشر من فبراير الماضي, حيث وقفت إيطاليا عقب تفجر الثورة الليبية موقفا مهادنا لنظام العقيد القذافي, قبل أن يحدث الانقلاب في موقفها وتنضم إلي التحالف العسكري الدولي, وتعترف بالمجلس الوطني الانتقالي ممثلا للشعب الليبي, بل وترسل مستشارين عسكريين إلي بنغازي. هذا التردد الإيطالي في بداية الثورة الليبية كان له أسباب, يأتي علي رأسها حساسية العلاقات الإيطالية الليبية, حيث لا يستطيع أحد أن ينسي الماضي الاستعماري لإيطاليا في ليبيا بين عامي1911 و1947, وهو الماضي الذي حاولت إيطاليا أن تنهي رواسبه بتوقيع معاهدة الصداقة مع ليبيا في أغسطس2008, وتقديم رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني اعتذارا عنه, مع تعهد بتقديم روما5 مليارات دولار استثمارات في ليبيا علي مدار20 عاما. كما كان من بين أهم أسباب تردد إيطاليا في التصعيد ضد القذافي أن ليبيا هي الشريك التجاري الأول لها في إفريقيا والوطن العربي, وأن إيطاليا هي الشريك التجاري الأول لليبيا منذ ستينيات القرن العشرين, حيث تزود ليبيا إيطاليا بنحو25% من احتياجاتها من النفط, كما أن12% من واردات إيطاليا من الغاز الطبيعي تأتي من ليبيا, عبر أنبوب تحت مياه البحر المتوسط, كل ذلك جعل إيطاليا تحاول أن تمسك العصا من المنتصف, حتي لا تخسر في حال فشلت الثورة وبقي القذافي. حدث التحول الحاسم في الموقف الإيطالي, عقب تصريحات للمجلس الوطني الانتقالي الليبي بأن الدول التي وقفت بقوة مع الثوار هي فقط التي ستحصل علي امتيازات بعد إسقاط نظام القذافي. وقد ترجم هذا الانقلاب إلي إعلان إيطاليا في14 من أبريل الماضي اعترافها بالمجلس الانتقالي ممثلا للشعب الليبي, لتكون ثالث دولة تعترف به بعد فرنسا وقطر, وتأكيدها في اليوم نفسه أنهلم يعد لها علاقة بنظام القذافي, وبعد أربعة أيام من ذلك التاريخ, استقبلت إيطاليا رئيس المجلس مصطفي عبد الجليل. وتحاول إيطاليا بعد سقوط القذافي أن تحافظ علي علاقاتها المميزة مع ليبيا, خصوصا في الجانب الاقتصادي, الذي طالما تحملت تصرفات القذافي غير الدبلوماسية, خصوصا خلال زياراته الأخيرة لروما, وتسعي لإعادة إحياء معاهدة الصداقة والتعاون الإيطالية الليبية, التي ألغتها إيطاليا من جانب واحد نهاية فبراير الماضي, وهو ما أكد وزير خارجية إيطاليا أن المجلس الانتقالي الليبي تعهد به, فور فرض سيطرته علي البلاد, لتبدأ مرحلة جديدة من العلاقات الإيطالية- الليبية.