أفردت الصحافة الغربية أمس مساحات واسعة في تغطيتها للتطورات الجارية في ليبيا, ورسمت صورة مليئة بالقلق لثورة17 فبراير. فقد تحدثت الفاينانشال تايمز عما وصفته بالتحدي القادم للثوار الليبيين, وهو بناء دولة من العدم, بينما تناولت الإندبندنت ثورة أحفاد عمر المختار من زاوية الوضع الأمني الحالي في طرابلس الذي اعتبرته ما زال ضعيفا ويشكل أزمة, للثوار في فرض هيمنتهم علي المدينة, في حين اختارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية رسم صورة مقلقة لما يجري في ليبيا, قائلة إن الثورة الليبية توضح كيف أصبح هذا التغيير محفوفا بالمخاطر. ففي لندن, كتبت صحيفة الاندبندنت تحليلا للأوضاع في العاصمة الليبية تناول فيها باتريك كوكبيرن مراسلها في طرابلس الخطوات المستقبلية للثوار في ثوبهم الجديد بعد أن خرجوا من عباءة المعارضة إلي تولي مهام إدارة الدولة, فكتب كوكبيرن تحت عنوان الثوار لم يعودوا في المعارضة وعليهم أن يبدأوا البناء من جديد يقول: إن الحرية لم تصل بعد إلي سكان طرابلس, إذ لا تزال الشوارع خالية والمحلات التجارية مغلقة وحركة المواطنين العاديين لا تكاد تري علي امتداد أميال. وواصل مراسل الاندبندنت رسمه لصورة العاصمة الليبية قائلا إن الشوارع في طرابلس أصبحت تغص بالمسلحين الذين يرتدون القمصان والبنطلونات القصيرة, مشيرا إلي لا أحد يعلم علم اليقين الجهة المسئولة عن الأمن في طرابلس علي خلاف الوضع في جبال نفوسة الواقعة جنوب العاصمة والتي انطلق منها المسلحون المنظمون تنظيما جيدا باتجاه العاصمة في الأسبوع الماضي. وأضافت الصحيفة البريطانية أن كل مدينة وبلدة استولي عليها الثوار تخضع لمسئول عسكري ولها إدارة تتولي تسيير أمورها, لكن الأمر مختلف في طرابلس, حيث يبدو الثوار أقل ثقة في النفس مع وجود بعض مظاهر الفوضي المرورية التي تعكس حالة من التوتر والقلق. وعلق كوكبيرن علي هذا الكلام قائلا إن توقعاته قد تكون صحيحة, ولو أن القبض علي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لم يقض علي التمرد في العراق, بل ما حدث هو أن المشكلة تفاقمت من بعض الوجوه. وأضاف أنه بالنظر إلي نقص الوقود والمياه والمواد الغذائية التي تعاني منها طرابلس, فإن استئناف دورة الحياة الطبيعية قد يستغرق أسابيع إن لم يكن شهورا قبل عودة هؤلاء إلي ديارهم. وتساءل كوكبيرن إن كان المجلس الوطني الانتقالي سيقدر علي فرض سلطته في طرابلس؟ وفي محاولة للإجابة علي هذا التساؤل قال إن المجلس الانتقالي لم يستطع في الماضي فرض سلطته بشكل واضح في المناطق الغربية من ليبيا, مضيفا أن هناك مشكلة إضافية تعاني منها ليبيا تتمثل في أن نظام القذافي عمل علي إنشاء بلد بدون مؤسسات طبيعية, إذ اكتسب سمعة سيئة في عدم التخطيط للمستقبل وتلقي الأوامر الشفوية من القيادة في طرابلس. أما نيويورك تايمز فعقدت مقارنة بين الثورتين المصرية والتونسية ونظيرتهما اللليبية, قائلة إن مثالية الثورة في مصر وتونس- حيث قوة الشارع التي كشفت هشاشة السلطة- أفرزت تغييرا مرتقبا في العالم العربي, لكن في المقابل فإن الثورة الليبية لم تنته بعد, كما أن ارتباكها يوضح كيف أصبح هذا التغيير محفوفا بالمخاطر. وأوضحت الصحيفة أنه علي الرغم من أن راية الثوار ارتفعت في طرابلس, فإن قيادتهم ضعيفة وغامضة, ونيات وتأثير الإسلاميين في صفوفهم ملتبسة, والقذافي ما زال طليقا, وفي هذا تذكير بهروب صدام حسين, بالإضافة إلي الكثير من الشباب الذين يحملون كثيرا من الأسلحة. وسلطت نيويورك تايمز الضوء علي التدخل الأجنبي, مشيرة إلي الحديث عن اشتراك قوات بريطانية في القتال, واصفة هذه المشاركة بأنها نوعية التدخل الذي طالما كان ساما للعالم العربي.