لحظة صدق مع النفس سيطرت عليه عقب انتهائه من اجراء جراحة لسيدة كان يدرك أنها حتما ستموت بعد اسابيع قليلة لأنها جاءته متأخرة غيرت اتجاه دفة حياته المهنية,وحولته من واحد من ابرز جراحي الأورام, خاصة أورام الثدي فهو أشهر من سعي لحماية المرأة من الإصابة ووضعته علي الخريطة العالمية. هو د.محمد شعلان رئيس المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدي ونائب مدير المعهد القومي للاورام الذي اختارته مبادرة كلينتون لعضويتها وهي المبادرة التي انشئت عام2005 وتضم150 من قادة ورؤساء وملوك دول العال و15 حائزا علي جائزة نوبل, يجتمعون في شهر سبتمبر من كل عام بنيويورك بالولايات المتحدةالامريكية لوضع وتنفيذ حلول مبتكرة لبعض التحديات العالمية الأكثر الحاحا. وقد أعلنت اختيار الدكتور محمد شعلان لعضويتها ومشاركته في الاجتماع القادم لها في سبتمبر القادم للتشاور من أجل استثمار اساليب ابداعية جديدة في مجال الصحة العالمية وخاصة مكافحة السرطان. كما أن مؤسسة سوزان جي كون أكبر مؤسسة لمكافحة سرطان الثدي علي مستوي العالم وأكبر مؤسسة خيرية عالمية يثق فيها الامريكان( وفقا لاستفتاء المرض العالمي عام2010 سبق أن اختارت المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدي من عامين تقريبا ثالث شريك لها بعد المانيا وإيطاليا لتصبح منسقا للشراكة الامريكية الشرق اوسطية لمكافحة سرطان الثدي. فما الذي يجعله جديرا بكل هذا التقدير للوصول إلي الاجابة كان اللقاء معه غير أن الحديث معه كان كالباب الدوار.. يبدأ وينتهي بذلك المرض الذي بدأ اهتمامه بعد حصوله علي الدكتوراة وتخصصه في جراحات أورام المرأة التي تصيب الرحم والثدي والمبيض, ثم سفره للولايات المتحدةالامريكية وعند عودته لمصر في أواخر التسعينات فوجيء بأن الوضع مازال كما هو, الاكتشاف متأخر ونفس العلاجات دون تقدم والجراحة تجري والمريضة غالبا لا تشفي... فقرر أن يكون الحل هو الذهاب إلي المريض قبل أن تمرض وذلك بتوعيتها باهمية الاكتشاف المبكر. ولكن الذي يقوم بهذا الدورالحكومة وحدهاوهي لا تستطيع تحمل تكلفة العلاج, فكانت فكرة انشاء مؤسسة مصرية لمكافحة سرطان الثدي علي أن يكون مكانها قريبا من المعهد القومي للاورام لأن المرضي البسطاء من بينهم من لا يملك أجرة الانتقال فالمؤسسة إلي جانب قيامها بالتوعية باهمية الاكتشاف المبكر وعمل تدريبات لسيدات علي الفحص الذاتي للثدي تقدم أشعة الماموجرام لدي أشهر المعامل وسحب عينة الاورام واجراء تحليل الاورام وتركيب الثدي التعويضي, كل ذلك بالمجان أو بأجر رمزي وفقا لبحث الحالة. وكانت تغطية النفقات في البداية ضعيفة للغاية ولكن الآن أصبحت أقل صعوبة فالخدمات التي نقدمها تعلن عن نفسها, والتحدي الذي أخذه د.شعلان علي عاتقه هوالتأكيد علي اهمية الوقاية... فكلما كان الاكتشاف مبكرا كانت تكلفة العلاج أقل وفرحة الشفاء أكثر.. وإلي جانب الاكتشاف المبكر هناك اهمية خاصة للاسباب التي تؤدي للمرض مثل التدخين والسمنة والتلوث والوراثة, وأيضا العدوي مثل حالات الإصابة بالفيروسات وسرطان عنق الرحم ومحاربتها فقد ثبت أن24% من الرجال المصريين مدخنون ورفع سعر السجائر10% من شأنه تخفيض نسبة الإصابة بسرطان الرئة بنسبة4%, كما أن السمنة تصيب المصريين بنسبة60% للذكور, و72% للإناث, وأن21% فقط الذين يتناولون غذاء صحيا, لذا فمن الضروري تنظيم الغذاء وممارسة الرياضة, وتجنب استخدام المبيدات. وينتقل د.شعلان إلي الحديث عن أحدث العلاجات في سرطان الثدي فيوضح أن من بينها امكانية المحافظة علي الثدي وعدم استئصاله وإعادة بنائه وعدم استئصال جميع الغدد الليمفاوية مما يقي من تورم الذراع( الغدد الليمفاوية), وكذلك أصبح في العلاج الكيمائي ما هو موجه للخلايا السرطانية بدلا من الجسم بالكامل وبعضه أصبح في شكل أقراص, وكذلك العلاج الاشعاعي لم يعد بالضرورة يتطلب25 جلسة بل يتم في أسبوع واحد, وأحيانا وقت الجراحة فقط, كما أن هناك ما يعرف بالعلاج التلطيفي وذلك في الحالات المتاخرة, المهم كما يقول رئيس المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدي هو عدم التعامل مع المرض بانهزامية وأن يكون هناك رصد للمرض, وعمل قاعدة بيانات عن معدلات الإصابة, والعدالة في توزيع الخدمات الخاصة بالمرض لأن هناك تكدس للخدمات في أماكن ونقص في أماكن أخري, فمكان تواجد المريض يحدد احتمالات شفائها. د.شعلان أفني عمره في محاربة السرطان لكنه تعرض لتجربة وهي التجربة التي جعلته يري ما لم يكن يراه في المرض, ففي سبتمبر اكتشف إصابة والدته بسرطان البنكرياس وأدرك أنه لابد من السفر للخارج, لأن هذه العملية لا تجري كثيرا في مصر, وكان عليه المرور باجراءات طويلة من تأشيرة وتغيير عملة وكل لحظة في المرض لها ثمنها, وأجرت الجراحة وعاشت بعدها12 يوما وما بين المرض والوفاة30 يوما أحس فيها د.شعلان كما يقول بقيمة كل يوم يعيشه الإنسان بصحة جيدة. كما غيرت أيضا رؤيته لكل مريضة, فلم تعد نظرته مجرد طبيب لمريض..