القارئ الشيخ احمد الرزيقي واحد من الذين استطاعوا ان يصلوا بالمعاني القرآنية إلي قلوب المستمعين في الدول الإسلامية كافة, فقد حباه الله بصوت مكنه أن يشعر من يستمع اليه بعظمة جمال القرآن الكريم. ولد الشيخ أحمد الرزيقي عام(8391 م) في قرية( الرزيقات) بمركز أرمنت بمحافظة الأقصر في جنوب مصر واتجه لحفظ كتاب الله منذ طفولته, وما إن أتم العاشرة من عمره حتي كان قد حفظ القرآن الكريم كاملا, بتوفيق الله ورعاية منه. وكان لتوجه الشيخ الرزيقي لحفظ القرآن وتلاوته قصة طريفة, حاصلها: أنه كان يوما في طريقه إلي المدرسة, وكان الجو باردا, فوجد جموعا من الناس يقفون عند باب منزل أحد الوجهاء في بلدته, فأراد أن يستطلع الخبر, فسأل عن الامر, فأخبروه أن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد سوف يقرأ القرآن عبر الإذاعة, وما هي إلا لحظات حتي صدع صوت الشيخ عبد الباسط عبر الإذاعة, وملك قلوب الجميع. وبعد أن قضي الأمر وفض الجمع تساءل( الطفل/ الشيخ) في نفسه قائلا: لماذا لا أكون مثل الشيخ عبد الباسط؟ ومن يومها, قرر أن يترك المدرسة, ويلتحق بحلقات الكتاب, وعندما علم والده بالقرار الذي اتخذه ولده أعجب بتصرفه, وأثني عليه, وأقره علي توجهه ودعا له بالتوفيق والسداد. وبعد أن تم له حفظ القرآن كاملا, وهو ابن العاشرة, كافأه والده بأن اشتري له مذياعا ليستمتع الشيخ أحمد بالاستماع الي قراءة الرعيل الأول.وقد أتم الشيخ الرزيقي حفظ القرآن في الكتاب علي يد الشيخ محمود ابراهيم كريم, والذي يقول في حقه:(.. شيخي علمني الكثير والكثير, وكانت رعايته ترقبني.. علمني أشياءأفادتني في حياتي كلها, علمني الكياسة, والفطانة, وكيفية التعامل مع الناس, وكيف أفكر قبل إصدار القرار, حتي في نطق الكلمة, أتذوقها أولا, فإذا كان طعهما مستساغا أنطقها, ولكنها إذا كانت مرة المذاق. فسوف تكون أكثر مرارة إذا خرجت من لساني. وعلمني متي أتحدث. وفي أي وقت أتحدث, وكيف احترم الكبير والصغير, فكان الكتاب جامعة داخل كتاب. بعد تلك المرحلة التأسيسية والرحلة التكوينية انتقل الشيخ إلي معهد تعليم القراءات ببلدة( أصفون المطاعنة) القريبة من قريته( الرزيقات) وقد كان يتولي أمر هذا المعهد الشيخ محمد سليم المنشاوي أحد علماء القراءات في مصر. حيث تلقي علي يديه علم التجويد, والقراءات السبع, وعلوم القرآن. وقد سعد الشيخ الرزيقي اثناء إقامته في القاهرة بصحبة عدد من المقرئين الكبار, الذين تتلمذ عليهم, وتلقي عنهم أصول القراءة, وفن التلاوة. وكان في مقدمة هؤلاء الشيخ عبد الباسط عبد الصمد, الذي تأثر به الشيخ الرزيقي كثيرا, وكان معجبا بصوته غاية الإعجاب, حتي إنه كان يعتبره مثله الأعلي, ولازمه ملازمة المحب للمحب. وقد ساعد الشيخ عبد الباسط الشيخ الرزيقي وشجعه علي القراءة بين الرعيل الأول من القراء, الذين كانوا موضع إعجاب ومحط أنظار في داخل مصر وخارجها علي حد سواء. وكان الشيخ الرزيقي حريصا كل الحرص علي متابعة مشاهير القراء عن طريق الإذاعة المصرية, وملازمتهم في الأماكن التي يترددون اليها لقراءة القرآن. وفي سنة(3791 م) التحق الشيخ الرزيقي بالإذاعة المصرية, بعد تجاوز الاختبار المطلوب بكفاءة وامتياز. وقد انضم الشيخ الرزيقي الي موكب القراء البارزين, ومن إذاعة مصر, وعبر أثيرها, انطلق صوته العذب, يجوب أرجاء المعمورة, وقد كان لصوته العذب, وأسلوبه في الأداء, أثر محمود في قلوب الناس, وكتب الله له التوفيق فيما فرغ نفسه له. والشيخ الرزيقي كان يري في تلاوة القرآن خير معين لتعلم وتعليم اللغة العربية, فهي تعلم القارئ كيف ينطق ويعبر عن المعاني المقصودة علي الوجه الأوفق. كما أن الشيخ كان كثيرا ما ينصح الشباب, ويوجههم لحفظ القرآن الكريم, خاصة في هذا الزمان الذي كادت الفصحي تضيع فيه. وكثيرا ما كان يؤكد أن من أراد الفوز في الدنيا, والفلاح والنجاة في الآخرة, فعليه بقراءة القرآن وحفظه, فهو خير معين لذلك. وكان ينصح الشباب المسلم بالتأسي بالنبي صلي الله عليه وسلم واصحابه الكرام في سلوكهم, لما في ذلك من أثر بليغ علي نجاحهم في الدنيا وفوزهم في الآخرة.وقد حصل الشيخ أحمد الرزيقي قبل وفاته علي وسام الجمهورية من الطبقة الأولي, تقديرا لدوره في خدمة القرآن الكريم, كما حصل علي العديد من الميداليات وشهادات التقدير, لكن تبقي أغلي شهادة, وأعظم وسام حصل عليه, كما يقول هو: حب الناس له.