10 رمضان... الضربة الجوية(12) عندما أشرقت الشمس صباح يوم العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر عام 1973كانت الأمور تمضي بصورة طبيعية وروتينية علي امتداد الجانب الغربي من قناة السويس حيث نزل بعض الجنود المصريين للاستحمام والسباحة في مياه القناة خصوصا في منطقة البحيرات المرة بينما كانت البلدوزارات والكراكات الخاصة بإحدي شركات المقاولات المدنية تعمل بصورة عادية في حين كان معظم الجنود المصريين غرب القناة صائمون رغم الأوامر العسكرية والفتاوي الدينية بضرورة الإفطار حيث لم يلتزم بذلك التوجيه سوي من جري تكليفهم بممارسة الإفطار علنا لتأكيد حالة الاسترخاء بشكل يخدم خطة الخداع التكتيكي. وعلي الجانب الشرقي من القناة كان الجنودالإسرائيليون المتمركزين في قطاع خط بارليف علي طول جبهة القناة ينتابهم شعور لا حدود له بالثقة في أن احتمال نشوب الحرب مجرد دعايات سخيفة. في هذا اليوم كان الجنود الإسرائيليين في حالة كسل وملل بسبب صيامهم عن الطعام كأحد طقوس احتفالهم بعيد الغفران يوم كيبور في الديانة اليهودية بينما راح عدد قليل منهم يلعب الكرة خارج موقعهم الحصين جنوب القنطرة وفجأة توقفوا عن اللعب عندما انبطح أحد زملائهم أرضا وأخذ يصيح ميج.. ميج فانبطحوا جميعا.. غير مصدقين أن طائرات الميج 21 المصرية تتجه لحظتها علي ارتفاع منخفض نحو عمق سيناء. 240 طائرة مصرية أو أزيد قليلا انطلقت من مرابضها في توقيت واحد- الساعة الثانية وخمس دقائق من بعد ظهر 10 رمضان- واتجهت صوب سيناء تقصف بعنف وبلا هوادة مطارات الملليز وبير تمادا ومركز القيادة والسيطرة في أم مرجم ومركز الإعاقة والشوشرة الإلكترونية في أم خشيب ومركز القيادة المتقدم في ممر متلا ومجموعة كبيرة من محطات الرادار المنتشرة من العريش شمالا وحتي أبو رديس جنوبا. وبينما كانت القاذفات والمقاتلات المصرية تركب أهدافها بنجاح وتشل شبكة الدفاع الجوي الإسرائيلي في شرق القناة بدأت المدفعية المصريه الثقيلة في قصف المواقع الإسرائيلية. وعندما عادت الطائرات المصرية من مهمتها بنجاح تلقت وحدات الدفاع الجوي المصري إشارة رفع القيود التي كانت مفروضة عليها استعدادا للتعامل مع أي طائرات إسرائيلية تظهر فوق سماء القناة حيث بدأت طلائع قوات المشاة في عبور القناة ورفع أول علم مصري علي الضفة الشرقية عند الكيلو 119 شمال السويس في الساعة الثانية و42 دقيقة ظهرا. كانت الضربة الجوية الأولي مفتاحا هاما وضروريا من مفاتيح نصر10 رمضان ولم تكن أبدا عملا مظهريا أو معنويا فقط وإنما كانت وستظل فخرا للعسكرية المصرية تحتل الصفحة الأولي في كراسة حرب 10 رمضان. وغدا نواصل الحديث. خير الكلام: إذا كان الاعتراف بالحق فضيلة فإن نكران الحق قمة الرذيلة! [email protected]