صائب للغاية.. القرار الذي اتخذته هيئة محكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت، بوقف البث التليفزيوني للمحاكمات بعد حالة الهرج والمرج التي شهدتها وقائع الجلسة الثانية لمحاكمة اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق وعدد من كبار مساعديه في قضية قتل المتظاهرين من قبل المحامين المدعين بالحق المدني، وكذا وقائع الجلسة الثانية من محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه جمال وعلاء ورجال الأعمال الهارب حسين سالم بتهمة قتل المتظاهرين واستغلال النفوذ وتصدير الغاز لإسرائيل. لاشك أن قرار وقف البث التليفزيوني قرار حكيم ولا جدال فيه، وينهي حالة الفوضى التي شاهدناها عبر شاشات التلفاز من قبل المدعين بالحق المدني، الذين لم يلتزموا بآداب الجلسة من خلال إصرارهم على التحدث دون إذن من رئيس المحكمة، وارتفاع أصواتهم وعدم الالتزام بارتداء زي المحاماة مما جعل هناك خلل في آداب المحاكمة. يؤكد هذا القرار على حرص المحكمة على تحقيق العدالة التي لن تتحقق في ظل حالة الفوضى التي عمت جلسة المحاكمة، وأرى أن هذا القرار أنقذ سمعه القضاء المصري من التشويه من قبل المحاميين بسبب عدم الانصياع إلى رئيس المحكمة وهو ما تناقلته وسائل الإعلام خلال الجلسات الماضية. الخلافات التي وقعت بين المحامين المدعين بالحق المدني أثناء تسابقهم في تحقيق شهرة مجانية من خلال الشو الإعلامي عبر كاميرات التلفاز، وعدم التزامهم وانصياعهم لأوامر رئيس المحكمة أدى إلى رفع الجلسة أربع مرات ثم إنهائها دون أي تقدم ملموس. والدليل على أن هناك بعض ليس بقليل من المحامين المدعين بالحق المدني لم يلتزموا بآداب المهنة والجلسة، اتهام أحد المحامين النيابة العامة بأن تحقيقاتها كانت باهتة وقاصرة، وهجومه الحاد على النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، مما جعل ممثل النيابة يطالبه بضرورة التزام بقواعد اللياقة داخل المحكمة وعدم التطاول والتجريح، وأن يترافع في حدود التقاليد والآداب المعهودة في جلسات المرافعة أمام المحاكمات. وخلال رصدي ومتابعتي لمجريات الأمور المتعلقة بوقائع الجلسات عبر شاشات التلفاز، استفزني ما قاله أحد المحامين المدعين بالحق المدني عندما استضافه مراسل التليفزيون في قاعة المحكمة لمعرفه رأيه في زحام المحامين وعدم التزامهم بالجلوس في أماكنهم، فقال إن الواقفين من المحامين يمثلون فلول النظام السابق وتابعين له، لذلك السؤال المطروح الآن كيف يكون هؤلاء المحامين من الفول عفوا "الفلول" ولديهم توكيلات من أهالي الشهداء والمصابين؟ وهل أصبح أهالي الشهداء والمصابين من الفلول الآن؟ وإذا كانوا من الفلول، إذن هناك أشخاص من الحزب الوطني المنحل التابعين للنظام السابق راحوا ضحايا وشهداء ومصابين وبالتالي فلماذا نحاول أن نجور على حق أعضاء الحزب الوطني المنحل في ممارسة الحياة السياسية ولهم أبناء من الشهداء والمصابين؟ ومن هنا يدور في مخيلتي سؤال ستجيب عليه الجلسة الثالثة للمحاكمات التي حدد لها يوم 5 سبتمبر المقبل، هل سيكون هناك حضور مكثف من قبل المحامين المدعين بالحق المدني.. أم أن الأمر سيختلف بعد إلغاء البث التليفزيوني للمحاكمات؟ أرجوا أن يتحقق ما دعوت إليه في مقال يوم الثلاثاء قبل الماضي وأدعوا إليه ثانية بإنهاء حالة العشوائية التي تتم خلال وقائع الجلسة من قبل المحامين المدعين بالحق المدني والتنسيق فيما بينهم والالتزام بقواعد المحكمة وآدابها وارتداء أرواب المحاماة أثناء الدفاع والابتعاد عن الشخصنة والشو الإعلامي التي أتوقع أن تكون انتهت بعد قرار وقف البث التليفزيوني.. هل يسمع ويفهم ويقرأ أحد؟!. المزيد من مقالات عماد الدين صابر