لقد خص الله الوالدين بميزة عظمية, إذ جعل الاحسان إليهما من قبل الأبناء قرين التوحيد وعدم الشرك به, وليس ذلك لمجرد تسببهما في الانجاب وحده, بل لما يبذلان من جهد وعطاء وتضحية في سبيل ابنائهما.. أما ما نراه اليوم من قسوة وغلظة بعض الآباء علي ابنائهم واهمال تربيتهم التربية الاسلامية الصحيحة, وحرمانهم من طفولتهم والمشاعر الحانية واحيانا الدفع بهم للعمل مبكرا.. وكأن الوالدين استقالوا من الأبوة والأمومة وتركوا ابناءهم بلا راع أو مسئول, ومن عجب أن يشكو الآباء في النهاية عقوق ابنائهم.. الحق أن واقع الأبناء المرير يصرخ فيهم: رفقا بأبنائكم.. أحسنوا اليهم حتي يحسنوا إليكم! في البداية يرجع الدكتور محمد محمد داود الأستاذ بجامعة قناة السويس تقصير الآباء في حق ابنائهم الي طغيان الجانب المادي الحسي في الحضارة الحديثة والانبهار بها والتقليد الأعمي لها, وهو ما نقل إلي مجتمعنا في مجال الأسرة عادات سيئة كغياب الأب عن الأسرة وكأنه زائر لها لبضع سويعات, كما تنازل كثير من النساء عن دور الأمومة حيث تلقي بأطفالها الرضع إلي الخدم أو في دور الحضانة فينشأ الطفل محروما يفتقد الحنان ولم يصبح له من الوالدين إلا رعاية المأكل والمشرب والملبس ونفقات المدرسة, أما الجانب التربوي الايماني والأخلاقي فيقوم به غير الآباء. وماذا ننتظر من الأبناء بعد أن تربوا علي القيم المادية الاستهلاكية وحرمناهم من التربية علي القرآن والسنة؟ أما عن حقوق الأبناء علي الآباء فيوضح الدكتور أحمد عبدالرحمن أستاذ الفلسفة الاسلامية أن هذه الحقوق تبدأ من قبل الزواج, باختيار الزوج الصالح, وتستمر بعد الزواج باجتناب كل ما يمكن أن يضر النطفة والعلقة والمضغة, فإذا رزق الله عبدا بولد ذكرا أو أنثي كان مندوبا أن يؤذن في أذنيه عقب الولادة مباشرة لكي تكون ألفاظ الأذان هي أول ما يقرع سمعه من أصوات الدنيا ونفهم من ذلك ان الاسلام يعلمنا ان التربية الاسلامية تبدأ مبكرا, وأن أولادنا يجب أن يسمعوا دائما أحسن الألفاظ حتي ولو لم يكونوا في سن تسمح لهم بفهمها, ويجب أن نحذر الألفاظ البذيئة والقبيحة حتي لا تصل إلي اسماعهم, وفي اليوم السابع ينصحنا النبي صلي الله عليه وسلم بالعقيقة وكل غلام مرتهن بعقيقة تذبح عنه يوم سابعه ويماط عنه الأذي. والاسلام الحنيف يحوط الأولاد بسياج من العناية, ويقنن ذلك في هيئة واجبات يلقيها علي عاتق الأب والأم في مرحلة الرضاعة والحضانة, في حال وجود الوالدين أحياء, أو حالة وفاة أحدهما أو كليهما, والغاية العظمي لذلك هي استمرار التربية الاسلامية للأولاد. ويضيف د. أحمد عبدالرحمن أن التربية تكون بالقدوة أكثر مما تكون بالكلام, وعلي ذلك فيجب أن يتكلم الأبوان بحساب أمام أولادهما, ويجب أن يحترما قواعد الأخلاق وتعاليم الدين أمام الأولاد, ويجب أن نقدم لأولادنا القدوة الحسنة من الأقارب والجيران والأصدقاء, وحين يكبرون ويعرفون القراءة يجب أن نقدم لهم سيرة النبي صلي الله عليه وسلم في كتب مبسطة, وكذلك سير الصحابة والأبطال والعلماء, وكذلك عليهم أن يقرأوا قصص الأنبياء كما جاءت في القرآن الكريم. ولابد للوالدين من اليقظة دائما لكي نبعد عن أولادنا كل ما يهدد تربيتهم وعقولهم من روايات ساقطة تافهة التي تقدم لهم القدوات السيئة, والسوق مليئة بهذه الروايات, بالاضافة إلي الافلام والمسلسلات والمسرحيات الهابطة التي تمطرنا بها المحطات الفضائية, فالوالدان مسئولان عن حراسة الأولاد من تلك المحطات التي تخرب التربية وعدم مساعدة أولادهم علي ذلك من تلبية جميع طلبات الأولاد والاستجابة لكل رغباتهم, دون مراقبة دقيقة وفائدة ترجي من ذلك, فكثرة المال مع الأولاد قد يكون سببا في انحرافهم وفساد أخلاقهم كما أن الثقة المطلقة أيضا سرعان ما تضر بالولد أو الفتاة, اذا كانت دون قيد أو رقيب!.