كتب :مروة البشير تعد من أقدم الطرق الصوفية, وترجع أصول نشأتها الأولي إلي الإمام الشيخ الغنيمي الكبير المتوفي عام305 ه, وتنتسب الطريقة الموجودة حاليا إلي الشيخ اسماعيل الغنيمي شيخ المالكية وشارح الجامع الصغير, وتنتشر الطريقة الغنيمية في جميع أنحاء مصر, كما أن لها أتباعا في المغرب والجزائر, وسوريا والعراق واليمن. وقد عني مشايخها إلي جانب العلوم الفقهية والعبادات بالالتحام بالحياة العامة لنشر الدعوة, وعملوا جاهدين شأنهم شأaن جميع أقطاب ومشايخ الصوفية للتخلص من الجمود والتأخر والنهوض بالشعب نهضة حقيقية أساسها محاربة الجهل والسعي للمدنية المهذبة, وقدمت الطريقة عبر العصور منهجا صوفيا قائما علي الكتاب والسنة بعيدا عن كل ما يخالف صحيح العقيدة. ومن أبرز مشايخ الطريقة الشيخ محمد الغنيمي التفتازاني(189-1936), وكان صحفيا لبقا وخطيبا مفوها ومحاضرا وعالما مدققا, أتقن الإنجليزية والفرنسية والتركية, وسافر إلي أوروبا دارسا, وشارك رجال الدين مجالهم والساسة جهادهم ورجال الإجتماع في الدعوة للنهضة والتجديد, وكان له دور مشهود في الحركة الوطنية في عصره حيث كانت لمقالاته وخطبه في الأزهر والمجامع السياسية والوطنية أبلغ الأثر في مقاومة الإستعمار, كما كان مؤسسا للرابطة الشرقية, وهي رابطة دولية كان لها دور مشرف في القضايا الإسلامية والعربية. وللشيخ التفتازاني العديد من المؤلفات, كما أصدر عام1909 مجلة البشائر لخدمة الدين والتصوف والأدب, وله كم هائل من المقالات من أبرزها( حديث الصيام) وهو باب يومي ثابت في جريدة الأهرام في شهر رمضان من كل عام بدءا من عام1922 وبصفة متصلة حتي وفاته, وفوق ما كان من حديث الصيام من بحوث دينية وفتاوي شرعية وأحكام وعبادات, كان يحدث القاريء في مختلف أمور دنياه, ففي حديث كان يتكلم عن علم الإحصاء, وآخر عن الفلسفة الإسلامية, ويتحدث في مقال آخر عن الريف المصري واهمية العناية به. ومن أشهر مشايخ الطريقة أيضا الدكتور أبو الوفا التفتازاني(1930-1994), نائب رئيس جامعة القاهرة وشيخ مشايخ الطرق الصوفية الأسبق, والذي أدي دورا كبيرا للأمة الإسلامية والعربية, فهو الوحيد الذي جمع بين أستاذيته للفلسفة الإسلامية والتصوف أكاديميا والتصوف السني منهجا وعملا, وتتلمذ علي يد كبار الفلاسفة مثل الشيخ مصطفي عبدالرازق, وقد انطلق في طريقه الشاق في البحث ليغوص في التراث الفلسفي الإسلامي, ووضع تصورا جديدا لمنهج دراسة الفلسفة الإسلامية عامة والتصوف خاصة, مما هيأه لمكانة علمية فريدة فعرف في جامعات أوروبا وامريكا وأستراليا مثل ما عرف في جامعات مصر والامة العربية, وساهم في إنشاء أقسام الفلسفة الإسلامية, وسعي الدكتور التفتازاني لتحويل دراسة التصوف إلي علم يخضع لمناهج البحث للوقوف علي حقيقته والإستفادة منه في خدمة قضايا العصر, وكانت قضيته الأساسية تنقية التصوف من الشوائب ودحض الأباطيل والخرافات التي علقت بالصوفية عبر القرون.