خلال شهر رمضان المبارك يقيم الأغنياء و القادرون عادة موائد الرحمن لإطعام الفقراء كصدقة سنوية كل عام, طمعا في ثواب الله وأملا في إطعام الجوعي المعدمين أو من تضطرهم ظروف طارئة للجلوس علي تلك الموائد التي انتشرت في أحياء القاهرة. بعد الأقاليم ويزداد عددها باطراد لتوطيد الترابط الاجتماعي بين الطبقات.. أما الغريب أن يتوجه مليونير عائد من إحدي دول المهجر إلي مصر, بعد رحلة امتدت لأكثر من ثلاثين عاما من النجاح, حقق خلالها ثروة طائلة, ليتنقل بين موائد الرحمن بالقاهرة, بحجج واهية, منها التغيير في أسلوب تناول الطعام أو رغبة في مشاركة الفقراء في لقمة العيش أو عدم اصطحابه لأسرته معه!!.. هذه الواقعة حدثت بالفعل, وليست من وحي الخيال ولرجل أعمال لم يفلس بعد, بل يمتلك ويدير عدة مشروعات بالخارج, وقد جاء لمصر لاتمام إحدي الصفقات, وتصادف أن حل عليه شهر رمضان خلال فترة عمله هذه الأيام, فأعجبته فكرة موائد الرحمن, ليكررها كل يوم وهو يرتدي ملابس متواضعة تخفي شخصيته الثرية وتضعه بجوار المساكين وأبناء السبيل علي حد سواء.. قد يكون ذلك المليونير بخيلا, لكنه لا يزال في القمة ويقيم في فندق خمس نجوم بالقاهرة, وإسلامه لا يدفعه لتقديم زكاة أو صدقة أو تبرع لمحتاجين وما أكثرهم بل إقتناص نصيب الغلابة والتباهي بالواقعة في اعتزاز مريب!! ليس عن جهل, بل جهالة لأنه حاصل علي شهادات عليا وتلقي تعليمه الأساسي في مصر.. {{ فهل يحصل ذلك المليونير علي ثواب الداعي الكريم لمائدة الرحمن؟ وهل ينبغي علي أصحاب تلك الموائد الاطلاع علي مستندات فقر قبل الدعوة لتناول طعام الإفطار حتي يصل الحق لأصحابه الحقيقيين؟ أو أن الأمر يتطلب إجراء بحث حالة للمترددين علي تلك الموائد لمنع المليونيرات, والقادرين من أخذ حق ليس لهم؟.. {{ قد تكون تلك الواقعة نادرة من نوادر شهر رمضان المبارك, والتي لا يعاقب عليها القانون, لكنها في الوقت نفسه بلاغ لمن يهمه الأمر لأصحاب الضمائر الحية بترك موائد الرحمن لمستحقيها. المزيد من مقالات محيى الدين فتحى