أعتقد ان الكثيرين ممن كانوا يفكرون في ترشيح انفسهم لرئاسة الجمهورية سيعيدون النظر في قرارهم بعد رؤيتهم الرئيس المخلوع حسني مبارك راقدا لاحول له ولا قوة علي سريره داخل قفص الاتهام أمام محكمة الجنايات, فلا أحد بعد الآن مهما كان موقعه بعيد عن المساءلة والمحاكمة بعد ثورة25 يناير المجيدة. ولقد سعدت بمثول مبارك أمام قاضي التحقيق وسماعه الاتهامات الموجهة اليه والي ابنيه علاء وجمال في محاكمة علنية طالب بها الشعب وثوار52 ينايردون ان يحاول الهروب أو التملص من المثول امام قاضي التحقيق المستشار أحمد رفعت وان كان محمولا علي نقالة, وهذا الموقف يحسب لمبارك الرئيس المخلوع الذي تنازل عن الحكم بعد ان طالبه الشعب بالرحيل, ومثل امام النيابة والقضاء, ولم يغرق شعبه في بحور دماء كما فعل العقيد القذافي وعلي عبدالله صالح وبشار الأسد بشعوبهم. ولقد اثبت جيش مصر العظيم ولاءه للشعب ولم يقف لحظة حاميا أو مساندا أو مدافعا أو متواطئا أو مجاملا لقائده السابق وصاحب الضربة الجوية في حرب اكتوبر.1973وكانت القوات المسلحة منذ بداية الثورة واضحة في موقفها ومنحازة الي الشعب في ثورته التي كللت بالنجاح دون اراقة قطرة دم. ولقد اثبت قضاء مصر العادل أنه قضاء شامخ يقف أولا واخيرا مع الشرعية وسيادة القانون. واثبت شعب مصر انه شعب متحضر وان ثورته ثورة سلمية بيضاء تسير في الاتجاه الصحيح. ولقد اكدت محاكمة مبارك وولديه علاء وجمال وحبيب العادلي ومعاونيه ورموز الحكم ان الثورة حققت أولي خطوات النجاح, وتسير في طريقها الجاد نحو تحقيق كل اهدافها المعلنة. وقدمت ثورة25 يناير التي أشعلها الشعب نموذجا راقيا لشعوب العالم في السلوك الثوري الذي يحترم حقوق الانسان حتي لأعداء الثورة, وقررت الثورة ضمانات محاكمة عادلة لرأس النظام المخلوع وجميع رموز الفساد. وجاءت محاكمة مبارك الفرعون ترسيخا لدولة الحرية والعدالة, ولاشك انها محاكمة القرن التي ستغير مجري التاريخ المصري ليشهد أول رئيس اسقطه شعبه وقدمه للمحاكمة, ولاشك ان المحاكمة هي بداية الاستقرار الحقيقي للشارع المصري بعد شهور من التوتر والقلق وعدم الامان والاطمئنان. ويجب علي قوي الثورة ترتيب أوراقها والكف عن التظاهرات والاعتصامات والعمل علي توجيه خطاب جديد للشارع المصري توضح فيه ماتم تحقيقه وما لم يتم تحقيقه بعد لينصرف الجميع الي العمل والانتاج تحقيقا للاستقرار المطلوب والمنشود. ولاشك ان صورة قفص الاتهام ومبارك راقد علي ظهره داخله وامام ابنية علاء وجمال ووزير داخليته وأعوانه نموذج حي أمام كل مسئول يحاول سرقة حقوق الشعب أو نهب امواله أو الاعتداء علي حريته أو قتل ابنائه ظلما وعدوانا. ان المحاكمة رسالة واضحة ومهمة جدا وقوية حتي يعلم الجميع أن هناك حسابا وعقابا لكل فاسد أو مستغل ورسالة الي الحكام القادمين داخل مصر وخارجها وفي الوطن العربي انه لا أحد فوق القانون وان مبدأ المحاسبة سوف يطول الجميع ولن يفلت أحد بجرائمه مهما كان مركزه وسلطانه. وظهور الرئيس المخلوع ومثوله في القفص وعلانية المحاكمة وبثها علي شاشة التليفزيون ليراها العالم أجمع جدد الثقة في المجلس العسكري الحاكم والحكومة وانحيازهم الحقيقي نحو الشعب وثورته وكل ما نتمناه ان تتحقق العدالة بسرعة ويصدر القضاء حكمه, وقبل وبعد الحكم يجب ان ننصرف جميعا للعمل والانتاج, وان نجري انتخابات برلمانية حرة ونزيهة ونقيم دستورا عصريا ونختار الرئيس المناسب.