اقترب الناشط وائل غنيم من الحقيقة عندما اعترف مؤخراً بأن الدعوة لمظاهرات فى الفترة الحالية بدون حساب لرأى الشارع الذى قال عنه اننا - نخسره يوماً بعد يوم - سيتم توظيفها ضد الثورة حتى لو كانت النية من تلك الدعوات هى حماية الثورة وأهدافها. وعلى حسب رسالته، فى مدونته على شبكة "فيس بوك"، قال غنيم: يجب أن نفهم كلنا أنه لولا الأغلبية الصامتة التى خرجت وشاركت فى 25 يناير الثورة لكانت مظاهرات الغضب مظاهرة عادية. واختتم رسالته بأن "التعالى" على الشارع هو طريق نهايته الفشل!! ماقاله وائل غنيم يستحق الوقوف عنده فهو أحد الشباب الذين أثروا بشكل ليس بالقليل قبل أحداث الثورة وأثناءها عبر صفحة "كلنا خالد سعيد" وإعتقاله فى الأيام الأولى للثورة ثم الإفراج عنه وتداعيات ظهوره الإعلامى ليلتها وتأثيره على جموع كبيرة من الشباب من جراء تلك المقابلة التليفزيونية التى يتذكر الجميع فيها دموعه عندما تحدث عن الشهداء!. الآن وعندما يخرج وائل غنيم ليتحدث عن وقوع بعض الشباب فى براثن "التعالى" على الشارع هو أمر يحتاج إلى التوقف أمامه وهو يعكس فى الوقت نفسه وعياً حقيقياً لدى قطاع آخر من هؤلاء الشباب من بينهم غنيم لما يجرى الآن داخل عقول وقلوب ونفوس "الأغلبية الصامتة" التى تحدث عنها والتى وصلت الآن فى أحوال كثيرة إلى مرحلة "الزهق" من تلك الدعوات التى لاتتوقف عن المظاهرات رغم كل ماتحقق حتى الآن وآخرها ظهور مبارك ونجليه فى محاكمة علنية أمام العالم كله.. ما قاله غنيم يشير أيضاً الى إعتراف حاسم بأن هذه الأغلبية رغم عودتها مرة أخرى الى الصمت بعد تحقيق هدفها الرئيسى من الخروج فى 25 ينايروحتى 11 فبراير ليلة التنحى ثم بطرح رأيها فى الاستفتاء بالانتخابات أولاً فإنها لازالت قادرة حتى الآن على استعادة "المنحة" التى قدمتها هدية لقوى جديدة تتحدث باسمها وتحت رايتها وفى مقدمتها فئة الشباب. ان أكبر خطأ يمكن أن يقع فيه هؤلاء الشباب أصحاب الدعوات المستمرة للتظاهرالآن - ومعهم بعض العقول المساعدة لهم من الكبار - هو أن يتوقعوا أو يعتقدوا أن الساحة قد أصبحت خالية لهم لتحقيق أهداف الثورة على طريقتهم وحدهم وأن آبائهم وأخوانهم وجيرانهم وشيوخهم ونسائهم وعمالهم وفلاحيهم الذين شاركوا فى الثورة وكان لهم الفضل الأكبر فى نجاحها بخروجهم مع الشباب وإلا كانت ستتحول إلى مظاهرات عادية كما قال غنيم نفسه .. انه قد انتهى دورهم الآن وأن استمرار سلاح الميادين والتظاهرات فى الفترة الحالية سيبقى البديل الأول والأخير لهم فوق رؤوس ورغبة الجميع .. ان هؤلاء يقعون فى وهم كبير عندما يتصورون أن سياسة "التعالى" و"الاستكبار" على رجل الشارع العادى الذى نزل قبلهم ومعهم يوم 28 يناير من المساجد بعد صلاة الجمعة.. من كل الحارات والأزقة.. من المناطق الشعبية والراقية.. من الساحل ومن الصحراء.. سوف يجعلهم الثوريون الوحيدون. هذا الوهم الذى يستغله البعض لتحقيق مآرب سياسية قد يؤدى بالفعل الى الفشل الذى لن يضرهم وحدهم بل سيضر بلدنا كلها ولن يخدم الإ فئة يهمها أن تبقى الأحداث فوق صفيح ساخن لأهداف أخرى لا نعرف كل تفاصيلها حتى الآن. .. على هؤلاء أن يعرفوا أن هذه الأغلبية الصامتة التى تحركت فى وقت الشدة والضرورة وهى كانت على وعى كبير بأن الأحداث ما كان لها أن تتحرك فى إتجاه ثورة بدونها لازالت حية لم تمت وأنها موجودة ولكنها تُعبئ قواها بالصبر منعاً لوقوع فتنة نجح الشعب فى تجاوزها فى أحلك الأوقات ولايريدها حتى الآن لكن نفاد هذا الصبر لن يحقق النجاح المنشود إلا لمن يريد لنا ولثورتنا الفشل ووقوع إنتكاسة لن نقم بعدها أبداً .. ان الذكاء السياسى لدى قطاع الشباب الذى يريد الخير لهذه البلد يتوجب معه أن يضع مثل هذه الآراء التى طرحها غنيم فى الإعتبار لأن هناك دائماً "خط فارق" بين "الصالح والطالح" تستطيع هذه الأغلبية الصامتة دائماً أن تفرق بينهما وقت الجد ..لقدإعتدنا من هذه الأغلبية الصامتة أنها لاتنحاز عبر تاريخها إلا لمن يريد الصالح لهذا البلد لا لأغراض أخرى أو لصالح آخرين أما من يتعالى عليها فمصيره غير مأمون عواقبه ولعل مشهد مبارك ونجليه فى قفص الاتهام أكبر دليل على ذلك!! المزيد من مقالات حسين الزناتى