تخطئ القيادة السورية الآن مثلما سبق لها الخطأ من قبل عندما أدعت علي غير الواقع أن سوريا ليست مصر ولا تونس, أما في هذه اللحظة فإنها تعتقد انطلاقا من عقلية مريضة أن إبادة الشعب هي الطريق لإنقاذ النظام السوري الذي يوشك علي الرحيل. إلا أن الحديث عن الممانعة والمؤامرة الدولية لم يعد يجدي, بل إنها لم يعد ينطلي علي أحد لا في سوريا أو بقية العالم العربي. فإذا كانت هناك مثل هذه المؤامرة فإن بشار الأسد عليه أن يبطلها فورا باحتضان شعبه, واطلاق سراح المعتقلين, وإجراء إصلاحات سياسية جذرية, وتلبية مطالب الشعب في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية, وتفكيك بنية الدولة البوليسية القمعية التي احتجزت السوريين في سجن كبير علي مدي عقول حكم البعث. وإذا لم يفعل بشار ذلك فإن من حق السوريين اتهامه بأنه هو الذي يسعي إلي خراب البلاد, وتدويل القضية السورية, ويستدعي التدخل الأجنبي في بلاده. وكأن لم يكفه أن تحتل إسرائيل الجولان, والآن يسهم هو وزمرته الطائفيةالحاكمة في أن تقع سوريا فريسة أجندات خارجية. وفي هذه اللحظة يتم امتهان النظام السوري بقسوة, وفيما يبدو فإن الطريق بات مسدودا أمام بشار, ومالم تحدث معجزة فإنه من الواضح لايستطيع إلا الهروب إلي الأمام, والرهان علي مزيد من القمع! وفي الوقت نفسه فإن النظام الرسمي العربي سقط بأمتياز, ويشعر السوريون مثلهم مثل بقية الشعوب العربية الثائرة بأنها وحيدة أمام آلة القتل الجهنمية, ولا أحد يجيب صرخاتها. وأثبتت الأحداث أن الجيش المصري العظيم وحده هو الذي نجح في الاختبار العسير الذي تجتازه النخب والمؤسسات الحاكمة في العالم العربي, فقد أثبت الجيش المصري علي الدوام أنه حامي الدولة المصرية, والأمين علي مطالب الشعب المشروعة, والأهم أنه جيش الشعب المصري لا جيش مرتزقة يحمي مصالح طاغية أو فئة ضد بقية المواطنين. وهذا هو الدرس الذي علي بشار وجيشه أن يتعلموه لو أرادوا أن تكتب لهم فرصة أخري!