عبدالوهاب حامد : لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم بالمؤمنين رءوف رحيم فلم يأمر أمته بتأخير صلاة العشاء علي الدوام, حتي لا يكون ذلك ملزما ويتسبب في مشقة للمسلمين, ولكنه عليه السلام كان يحب تأخير صلاة العشاء, عن أبي برزة الاسلمي أن النبي عليه السلام كان يحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة, حيث كان عليه السلام يفضل تأخير صلاة العشاء إلي نصف الليل أو إلي ثلثه, وقد أخر رسول الله العشاء ذات ليلة إلي نصف الليل أوالي ثلثه, ولولا أن الرسول يخشي كما سبق أن قلت علي أمته لأمرهم بتأخير العشاء كما صرح بذلك فقال: لولا أن أشق علي امتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلي ثلث الليل أو نصفه وذلك مراعاة للضعيف, والمريض وذي الحاجة, ومن قال بتفضيل التقديم قال: لو كان التأخير أفضل لواظب عليه ولو كان فيه مشقة, واحتج بأن العادة الغالبة للرسول تقديمها, وإنما أخرها في أوقات يسيرة لبيان الجواز. الذين يقولون بالتأخير يحتجون بحديث التفضيل ولكن نظرا للمشقة والتشدد التي لا يقرها الإسلام لم يرد ما يوجب التأخير خشية أن يواظبوا عليه فيفرض عليهم ويتوهموا إيجابه, لهذا فقد تركه الرسول كما ترك صلاة التراويح وعلل تركها خشية افتراضها والعجز عنها, وأجمع العلماء علي استحبابها لزوال العلة التي خيف منها وهذا المعني موجود في العشاء. ولأن الاسلام صالح لكل زمان ومكان فقد جاء الاختلاف بين العلماء في أفضلية التأخير, والرسول فعل الأمرين ليترك للمسلم حرية الاختيار حسب ظروفه, ولذلك يقول ابن بطال: لايصلح ذلك الآن للائمة لأنه عليه السلام أمر بالتخفيف وقال: إن فيهم الضعيف وذا الحاجة ولذلك كان الحكم أن ترك التطويل علي المصلين في الانتظار أولي.