التطور المعماري يحدث بالتطور الطبيعي المتدرج في النقل والتعديل في التاريخ والجغرافيا اي من زمن وقطر لآخر, وقد يحدث التطور نتيجة للثورات العقائدية أو العلمية أو التكنولوجية أو السياسية الاجتماعية علي مر التاريخ. وأخيرا وبخطي واسعة نتيجة للتطورات الواسعة في القرنين التاسع عشر والعشرين. وقد كانت أولي الثورات العقائدية ثورة اخناتون التوحيدية علي الديانة المصرية القديمة, والتي نتج عنها ثورة معمارية في تصميم المعابد والمقابر. وفي أوائل القرن التاسع عشر حدثت الثورة الصناعية التي بدأت باختراع وات وبولتن للآلة البخارية وما نتج عنها من ثورة صناعية هائلة في انجلترا والمانيا وفرنسا وبلجيكا, صاحبتها الثورة الفرنسية التي أدخلت قواعد المساواة والحرية والاخاء, ومنحت الناس حقوقهم الاجتماعية الجديدة للسكن والتعليم والصحة والترفيه. وقد ازداد نتيجة للثورة الصناعية الاحتياج إلي السكن بأعداد هائلة وإلي المدارس والمصانع والمتاجر والجامعات وما تبعها من مبان خاصة بالتطور الصناعي من مصانع ومكاتب ومخازن ومعارض. كما تطلب التطوير في وسائل المواصلات في السكك الحديدية والسيارات والطائرات توفير ما تحتاجه من جراجات ومحطات سكك حديد ومطارات وورش صيانة وخلافه. وقد حققت ثورة المواد الانشائية المتلازمة مع الطفرة الصناعية امكانات الاستجابة إلي احتياجاتها في التشييد, وانتقلت امكانات البناء من حدود البناء بالحجارة والخشب إلي البناء بالحديد والصلب والخرسانة المسلحة, هذه الإمكانات في الانشاء تزامنت معها ثورات تكنولوجية في المصاعد ومواد البناء, فحققت امكانات الامتدادات الرأسية لاستيفاء احتياجات المدن, وكذلك امكانات الامتدادات الأفقية لاحتياجات صالات الاجتماعات والمحطات والمعارض والتي ملأت محيط البناء في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين. وحدثت ثورة حسن فتحي المعماري العالمي المصري بأعماله وبأعمال مريديه لتعود للعمارة العالمية انسانيتها في احترام الطابع والمحيط والتكنولوجيات المحلية المتوافقة والتي صاحبت مرحلة موت العمارة الميكانيكية المعاصرة. كما لفتت ثورته الانتباه إلي عمارة الفقراء فعادت إلي العمارة اهتماماتها بالجغرافيا, والرجوع إلي التراث التاريخي والاهتمام بأمنا الارض, وقد حولت الاهتمام إلي مصادر الطاقة المتجددة وإلي الابتعاد عن الاحتراق الزائد عن الحاجة, ووجهت إلي الاهتمام بالعمارة الخضراء والتي تستعين بالوسائل الطبيعية لتوفير الراحة الانسانية وذلك عن طريق الشمس والهواء والسيطرة عليه بتحريكه لصالح استدامة الحياة الصحية المريحة علي جميع أجزاء الأرض. وقد كان لثورة يوليو52 تأثير علي نشأة العمارة الاشتراكية في مصر وعلي عمارة الألف مسكن وعلي التخفيضات المتتالية للايجارات والتي نتج عنها ايقاف حركة البناء الايجاري والاتجاه إلي التمليك للقادرين, وللأسف تحول البناء إلي خدمة الطبقة العليا فنشأت خلسة العشوائيات للطبقة المهمشة الناتجة عن ارتفاع أثمان الاراضي وتكاليف البناء وزيادة الهجرة من الريف والطفرة في عدد السكان, واهمال المطورين العقاريين للتنمية الشاملة الخادمة للغني والفقير. واليوم لدينا ثورة25 يناير آخر الثورات الحضارية التي نأمل أن تتلافي أخطاء الفترة السابقة لها, علي جميع الجهود ان تتجه نحو حل مشاكل السكان محدودي الدخل بدلا من توجهها لعشرات السنين نحو تصنيع واستيراد وتشييد الوحدات الخاصة لاسكان الطبقات فوق المتوسطة, علي مجهودات مراكز البحوث والمحافظات ان تتجه نحو هدف حل مشاكل التخطيط والاسكان علي ان يكون ذلك علي أساس التنمية الشاملة, وليس علي أساس تشتيت المساكن فوق المتوسطة علي بعد في الصحراء, مع عدم توفير العمل والمرافق القريبة, وعلي أطراف المدينة الأخري, وللأسف فوق الاراضي الزراعية نشأت العشوائيات بدون تخطيط لتسكنها الطبقة العاملة. وكل منهم الخادم والمخدوم يقطع عشرات الكيلو مترات كل يوم ليذهب إلي الآخر وإلي عمله أو مدرسته أو مستشفاه خلال شوارع يقفلها المرور المزدحم لساعات. علي المهندسين ان يتجهوا في تصميماتهم إلي الوحدة الاقتصادية الصغيرة في مجتمعات متكاملة بالعمل والمرافق. وعلي الدولة والجمعيات المدنية ان تطرح مشروعاتها لقاطني العشوائيات علي أراضيها أو علي اخري قريبة من مصادر العمل بعد بيع اراضيها الاصلية وذلك باحتياجاتهمDesignBuild, ويتقدم المطورون بتصميمات مصحوبة بأسعار وخدمات تنافسية مع عروض بالصيانة لمدة عشر سنوات. وأن تتجه التصميمات الهندسية لاعطاء الشعور بالسعة مع توفير جميع الاحتياجات الانتفاعية, وذلك بتصغير غرف النوم وتوسيع غرف المعيشة مع حذف كل ماهو تبذير في مساحات الطرقات والمداخل والسلالم والمناور. علي المهندسين بجميع توجهاتهم ان يستغلوا الوحدات الصغيرة مهيأة بأثاث من وحدات نمطية اقتصادية جميلة ببساطتها, يمكن تجميعها في مجموعات رأسية فتغنينا عن عشرات الوحدات في المنزل, وفيها تجتمع في وحدة واحدة لوازم أنشطة متعددة كالأكل والمكتبة والنوم والتخزين, وللمتلقي أن يضيف لها ويحذف منها ويلونها بحسب ذوقه, أو أن يحتفظ بها بلونها الطبيعي. علينا أن نشترط في تقاسيم الاراضي ان يشتمل التخطيط علي مجاورات ذات مستويات ومهن متفاوتة بحيث توفر كل مجاورة للاخري المنتجات والافراد التي تحتاجها مع تكافل المستويات المختلفة في تحمل نفقات الانشاء والنظافة والصيانة والتجديد والإحلال. [email protected] المزيد من مقالات د. على رأفت