كتب أشرف ابوالهول: نظرا لأن الكثيرين يطالبون حاليا بتطبيق قانون الغدر رقم344 لسنة1952 والمعدل بالقانون173 لسنة1953 م وتشكيل محكمة الغدر لمحاكمة قادة النظام السابق. بل وصل الأمر لرفع دعوي قضائية أمام مجلس الدولة وفي محاولة لفهم هذا القانون وأسباب صدوره ومدي ملاءمته للوضع الحالي أجري الحوار التالي مع الدكتور السيد مصطفي أبو الخير استاذ القانون الدولي العام والمحاضر في العديد من الجامعات والمعاهد العربية.. ويقول الدكتور أبو الخير انه رغم أن البعض يري ان ظروف صدور هذا القانون بعد ثورة عام1952 م تتشابه مع الظروف الحالية بعد ثورة25 يناير لأن مصر في الحالتين تمر بمرحلة مابعد ثورة ولكن فات علي هؤلاء أشياء أهمها أن ثورة عام1952 م قام بها الجيش وتبعه الشعب, ولكن ثورة25 يناير قام بها الشعب وحماها الجيش, أي أن ماحدث العكس وهناك اختلاف جذري آخر بين الثورتين هو اختلاف الظروف المحيطة علي جميع الأصعدة الداخلية الوطنية والإقليمية والعالمية وحتي المجتمع الدولي بأشخاصه وآلياته وأزماته فلا وجه للمقارنة بينهما, إلا علي سبيل التضليل السياسي الذي أفسد التكييف القانوني لما نحن فيه. ويشير إلي أنه من الناحية القانونية, فإن تشكيل محكمة الغدر صدر من مجلس قيادة الثورة ولم يصدر من جهة السلطة التشريعية التي تمتلك دون غيرها حق التشريع مما يجعله قانونا استثنائيا طارئا لظروف طارئة لذلك لايجوز تطبيق القانون ولاتشكيل المحكمة لمخالفة ذلك لأصول التشريع لذلك فالقانون والمحكمة انتهيا بانتهاء سبب صدورهما. بالاطلاع علي قانون الغدر نجد أن المادة الأولي منه تتحدث عن جرائم تقع من موظف عام طبقا لقانون العقوبات الحالي بتجريمها وفرض عقوبات عليها سواء في قانون العقوبات ذاته أو في القوانين الجنائية الخاصة التي تختص تجريم جرائم مجال معين من مجالات الحياة فالفقرات الثانية والثالثة والرابعة من المادة الأولي من قانون الغدر, يتم محاكمة مرتكبيها في الباب الثالث من قانون العقوبات المصري والخاص بالرشوة, المواد من(103 حتي المادة111) لأن أركان الجريمة تكاد تكون واحدة في الحالتين وهكذا معظم الجرائم الواردة بقانون الغدر, فضلا عن الباب الرابع من قانون العقوبات المصري بعنوان اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر المواد من(112 119) من قانون العقوبات. والفقرة الأولي من المادة من قانون الغدر تتحدث عن إفساد الحياة السياسية التي تضر بمصلحة البلاد وهي يمكن محاكمة مرتكبيها بالمواد الواردة في قانون العقوبات الحالي الواردة في الباب الثاني الجنايات والجنح المضرة بالحكومة من جهة الداخل, دون الحاجة إلي تطبيق قانون الغدر, أما الفقرة الخامسة من المادة الأولي(120) منه والتي نصت علي( كل موظف توسط لدي قاض أو محكمة لصالح أحد الخصوم أو إضرار به سواء بطريق الأمر أو الطلب أو الرجاء أو التوصية يعاقب بالحبس مدة لاتزيد علي ستة أشهر أو بغرامة لاتتجاوز خمسمائة جنيه). ويقول الدكتور أبو الخير انه ترتيبا علي ماسبق يتبين ان قانون العقوبات المصري الحالي قد جرم جميع الأفعال المجرمة التي نص عليها قانون الغدر, كما أن العقوبات الواردة في قانون العقوبات الحالي أشد من العقوبات الواردة في قانون الغدر بالمادة الأولي منه, لذلك الأولي أن يتم تطبيق قانون العقوبات المصري الحالي بدلا من قانون سييء السمعة, أو إصدار مواد جديدة تجرم إفساد الحياة السياسية تضاف لقانون العقوبات المصري. فيما يتعلق بتشكيل محكمة الغدر ومايصدر عنها يقول أن قانون الغدر نص في المادة الثالثة منه علي( يحكم علي كل من ارتكب فعلا من أفعال الغدر من محكمة خاصة تؤلف برياسة مستشار من محكمة النقض وعضوية مستشارين من محكمة استئناف القاهرة يعينهم وزير العدل وأربعة ضباط عظام لاتقل رتبة كل منهم عن الصاغ يعينهم القائد العام للقوات المسلحة. وبالتالي فهذه المحكمة تعتبر غير قانونية وغير دستورية, مما يؤدي للطعن في أحكامها بالبطلان لأنها تضم في عضويتها ضباطا ليسوا قضاة, كما أن محكمة الغدر تفتقر الي ضمانة أساسية من ضمانات الدفاع حيث نص قانون الغدر بالمادة الرابعة منه علي( ويجوز له الاستعانة بمحام واحد) علما بأن حضور المحامي في قضايا الجنايات وجوبي وليس جوازيا كما تنص المادة السالفة, مما يعني أن حضور المحامي في قضايا الجنايات وجوبي وليس جوازي كما تنص المادة السالفة, مما يعني أن حضور المحامي مع المتهم في هذه المحكمة جوازيا يمكن أن تصرح به أو لا تصرح وإذا صرحت لاتصرح لاتصرح إلا بمحام واحد, وهذا مخالف للدستور المصري في المادة(69) الفقرة الأولي منه التي نصت علي( حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول), ومن ضمانات الدفاع المفتقدة في محكمة الغدر مانص عليه قانون الغدر في المادة السادسة الفقرة الأولي منها والتي نصت علي( لايجوز الطعن في الحكم الصادر في الدعوي بأي طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية). يعني ذلك تحصين كل مايصدر عن المحكمة ضد الطعن وهذا يتعارض مع المبدأ المستقر في جميع الأنظمة القانونية والذي ينص علي أن التقاضي علي درجتين لاستدراك ماقد يفوت علي محكمة أول درجة.