إسلام عزام يبدو الوقت مبكرا جدا لتقييم برامج الفضائيات المختلفة التي انتجت خصيصا لشهر رمضان.. لكن هذا لا يمنعنا من رصد ملامح عامة لبعض هذه البرامج التي امتلأت بها ساعات البث معوضة انخفاضا طفيفا في ساعات البث الدرامي الرمضاني هذا العام. أول ما يلفت الانتباه هو التنوع في افكار البرامج علي الرغم من ان محتواها العام يكاد يكون واحدا. فقد شهد هذا العام ابتكارا واضحا في شكل البرامج, والاكثر بروزا هو الفخامة الظاهرة في ديكورات هذه البرامج لا سيما الحوارية منها,ووضوح دور مخرجيها بشكل اكبر كما يظهر في طريقة توزيع الاضاءة درجة صعود او هبوط موسيقي الخلفية. من اوضح الامثلة علي ذلك كان برنامج طوني خليفة الشعب يريد الذي استوحي اسمه من روح الثورات العربية علي حد قوله في الحلقة الافتتاحية لبرنامجه, وكذا برنامج الديكتاتور الذي يقدمه ابراهيم عيسي ويخرجه ابراهيم حمودة اتلذي اتبع اسلوبا اخراجيا مميزا في تقديم برنامجه حيث يقسم الكادر بحيث نتابع ردود افعال الضيف باستمرار اثناء سؤاله واثناء تحليل شخصيته, بالطبع فإن البرنامج لم يكتف بمناقشة الضيف ومحاولة تقديم صورة للمتفرج عن تركيبته النفسية بل ايضا قدم ذلك في اطار علمي عبر استضافة طبيب نفسي يقوم بتحليل الشخصية, بهدف العثور علي الديكتاتور الصغير المختفي داخل كل منا لنطالبه في النهاية بالرحيل. تبدو فكرة الديكتاتور قريبة جدا من الإسقاط السياسي لكن في الحقيقة قد يكون هذا البرنامج الوحيد الذي ابتعد فعليا بمحتواه عما هو سياسي قدر المستطاع بكل تأكيد. لأن الملحوظة الاهم التي يمكن ان تكتشفها بسهولة استسلام كافة البرامج لسطوة الحدث السياسي الذي زلزل العالم كله وليس مصر وحدها ثورة25 يناير. بل ان برامجا بعينها اعتمدت السياسة بطلا اوحدا لهاكما حدث في برنامج مثل من انتم الذي تقدمه الجميلة بسمة وبرنامج الصحفي الكبير عادل حمودة كل رجال الرئيس و كذا الكاتبة لميس جابر وبرنامجها دستور يا اسيادي. المدهش حقا هو ان جميع هذه البرامج لم تكن معنية بتحليل الوضع السياسي سواء قبل الثورة في فترة حكم الرئيس السابق مبارك بقدر عنايتها بتشريح النظام وإظهار ما يظن مقدمو هذه البرامج انه كان خافيا علي المواطن العادي وعليه اليوم ان يعرفه, فالكاتب عادل حمودة خصص حلقتيه الاولي والثانية للحديث عن سوءات زكريا عزمي الرئيس السابق لديوان رئيس الجمهورية. الغريب ان ما يذكره حمودة من معلومات غير موثقة فمثلا ما ذكره عن محاولات زكريا عزمي التقرب من الفنانة المعتزلة ايمان الطوخي نافيا ذات التهمة عن مبارك هو يقع في طائلة الكلام المرسل خصوصا وان الفنانة نفسها لم تدلي بتصريح حول القصة التي صرنا نتعامل معها علي انها واقعة تاريخية حقيقية تماما. وعلي العكس تماما تظهر لميس جابر لتطالعنا بتخوفاتها وهواجسها حول الثورة وجمعيات حقوق الانسان والاهداف التي قد تكون خفية لدي الثوار. المفارقة ان ضيوف البرامج الرمضانية لا يتغيرون من عام لآخر فهم انفسهم ضيوف العام الماضي من نجوم المجتمع والسياسة والفن الا انهم جميعا لا يتحدثون الا في السياسة والأكثر اثارة هو ان بعض البرامج جاءت ليغسل مقدموها وضيوفها ايديهم من تهمة معاداة الثورة. فمثلا شاهدت حلقة من برنامج انت وضميرك استضاف فيها مقدم البرنامج الصحفي مجدي الجلاد ممدوح الليثي نفي فيها الليثي ارتباطه الوطيد برئيس مجلس الشوري السابق صفوت الشريف مؤكدا انها كانت علاقة فنية فقط. وغسل فيها مجدي يديه مما كان يكتبه قبلا عن جمال مبارك. وهو مختلف قليلا عما تفعلي لميس الحديدي في برنامجها نصف الحقيقة فهي تبدو مهتمة اكثر بإبراز روح التصالح بين الثورة وبين من كانوا يرتبطون بمصالح وطيدة مع النظام السابق, فقد استضافت يوم الاثنين المديرة السابقة للإعلام للحملة الانتخابية للرئيس المخلوع الفنانة ليلي علوي زوجة منصور الجمال الذي تجمعه علاقة نسب بجمال مبارك. واتفقت الاثنتان علي اهمية العدالة الاجتماعية وحتمية الحرية وضرورة الثأر للشهداء وكذلك رفض محاكمة مبارك لأنه تجاوز الثمانين من العمر.