نادر أبو الفتوح : أشارت الكتب السماوية التي أنزلها الله علي رسله وأنبيائه إلي رسول يكون آخر الرسل وخاتم الأنبياء, يرسله الله إلي الناس كافة ليجمعهم علي دين واحد وشريعة واحدة. يقول الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة القاهرة أنه قبيل بعثته كان محمد يعتكف الليالي في غار حراء يفكر في ملكوت الله وكانت تلك الفترة التي هجر فيها مكة ولجأ إلي الغار يقيم فيه وحده بمثابة الإعداد للقيام بأمر السماء يبلغه إلي الناس كافة, ونزل الوحي عليه في الغار وكان في نحو الأربعين من عمره. وفوجئ بجبريل يهبط عليه وفي يده صحيفة سطرت فيها الآيات الأولي من سورة اقرأ فقال ما أنا بقارئ ولم يكن رد محمد علي جبريل يمثل اعتراضا علي طلب القراءة لكن اعترافا بأنه يجهل القراءة, وهنا ضمه جبريل وقال له اقرأ فرد عليه بما قاله أولا, وفي المرة الثالثة ضمه جبريل وقال له اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم. ورجع محمد إلي خديجة يرجف فؤاده وطلب منها أن تهيئ له غطاء, وأخبرها بما جري في الغار وقال لها لقد خشيت علي نفسي فقالت له كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين علي نوائب الدهر, ثم ذهبت به خديجة لابن عمها ورقة بن نوفل وأخبره محمد بما رأي فقال له ورقة بن نوفل هذا هو الناموس الذي كان ينزل علي موسي ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك, فقال الرسول له أو مخرجي هم؟ فقال نعم, لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني قومك أنصرك نصرا مؤزرا. ولقد كان هذا اللقاء الأول بين محمد وجبريل في غار حراء بداية الإقلاع نحو حضارة جديدة لم يكن للبشرية عهد بها من قبل, فهي حضارة تنهض علي دعامة الإيمان بوحدانية الله عز وجل.