أوصي هذا الرجل قبل ان يموت بأن يكون قبره بلا أسوار.. لماذا؟ لعلها آخر نكتة أطلقها لانه ما الذي يخافه الميت.. أو ما الذي يخافه أهل الفقيد؟! ولكن الشعب الذي أسعده هذا الرجل طويلا, قد أعاد بناء قبره وجعل له أسوارا وحديقة.. وهو القبر الوحيد الذي يزوره الناس ويتكلمون.. وكلما جلسوا أطول ضحكوا اكثر.. انه قبر جحا.. اشتريت كتابا لجحا لتسلية الصيام.. وجلست علي مقهي: أمامي البوسفور الجميل.. ووراءنا قصر( ضلمة بهجة) أي الحديقة التي أقيمت علي ردم البوسفور..( فالضلمة) هو الحشو المحشي والردم.. و(بهجة) معناها الحديقة.. وجحا اسمه نصر الدين خوجه.. وخوجه يعني المدرس فقد كان مدرسا وكان يطبق مباديء الدراما الاغريقية في أن الضحك يؤدي الي تطهير النفس.. وعاش جحا علي أيام القائد المغولي تيمورلنك! وجحا هو أول من قال: انه في عصر الطغيان لاشيء ينعش الانسان مثل الضحك.. وشر البلية مايضحك.. والطير يرقص مذبوحا من الألم.. ويقال ان تيمورلنك دعاه الي الغداء معه اياما كثيرة وسأله: هل تعجبك هذه الشوربة؟ فقال جحا: طبعا.. وكان تيمورلنك قد ضاق بها فأمر بألا توضع أمامه ثم سأل جحا: ما رأيك في الشوربة؟ فقال جحا: سيئة تماما.. واندهش تيمورلنك من هذا الموقف المتناقض فقال جحا: سيدي إنني أطيعك ولا أطيع الشوربة! وقد نسبت الي جحا ألوف النكات في مصر وفي كل الشرق الاوسط.. والهدف واحد: ان يرسم ابتسامة علي وجهك فالدنيا كئيبة! المزيد من أعمدة أنيس منصور