الانتحار هو أسوأ لغة للاعتراض علي ضغوط الحياة, والاستسلام ليأس النفس.. وحوادث الانتحار في مجتمعنا شهدت أشكالا عديدة آخرها الموت تحت عجلات مترو الأنفاق التي تكررت في الأونة الأخيرة. حيث يقف الشاب في المكان الذي تكون فيه مقدمة القطار, واختيار هذا الموقع تحديدا بالتأكيد له دلالة وهي أن المنتحر يريد الخلاص سريعا دون أن يفكر أو ينازع الموت كثيرا.. وفي محاولة لرصد عدد هذه الحوادث علم أن العام الماضي شهد8 حالات بينما شهد الشهر الحالي حالتين, وعندما حاولنا اللجوء للمصادر الرسمية لمعرفة طبيعة تلك الحوادث وما تسببه من الأضرار اصطدمنا بإجابة تدل علي عدم و عي.. وهي أن وزير النقل الجديد أصدر تعليمات لمختلف المسئولين وبينهم المسئول عن هيئة مترو الأنفاق بعدم إعطاء أية تصريحات وحوارات صحفية! وعموما أيا كانت التصريحات فنحن لسنا بحاجة إليها لأن القضية بها الكثير من الدلالات الاجتماعية الخطيرة والتي تفوق أي عبارات فحالات الانتحار كما رصدتها بعض الإحصاءات ارتفعت إلي أكثر من4 آلاف حالة سنويا. والحقيقة أن هذا الرقم صادم ويحمل الكثير من الرسائل ولكن السؤال الذي يفرض نفسه لماذا مترو الأنفاق تحديدا؟! يقول الدكتور يسري عبدالمحسن أستاذ الطب النفسي: إن الاكتئاب وفقدان الانسان لإحساس التمتع بالحياة هو الدافع الأساسي للانتحار, والاكتئاب بسبب نوعين من التغيرات الكيميائية في المخ التي يمكن أن تجعل الشخص يشعر بعدم رغبته في الاستمرار بالحياة. ويضيف: أن هناك انتحار مفاجئا نتيجة إصابة الشخص بلوثة عقلية مفاجئة وفقدان القدرة علي التميز فيندفع بقرار مفاجيء لإنهاء حياته وغالبا فإن هذا ما يحدث لمن يختار الانتحار أسفل عجلات المترو. وطرق الانتحار معدية فبمجرد أن يسمع مريض الاكتئاب عن طريقة ما للانتحار يلتفت إليها ويحاول تقليدها, وهذا ما شهدناه من تكرار حوادث الانتحار بالشنق أو السقوط من أعلي أسطح العقارات ثم أسفل عجلات المترو. واختيار هذه الوسيلة الأخيرة يرجع إلي أن المنتحر قد يتصور أنه يقتل نفسه بطريقة مباغتة وأن هذا قد يرحمه من العذاب أو المعاناة, فكلما اشتدت المعاناة وزاد الاكتئاب يشتد العنف في إختيار وسيلة الانتحار, ولقد تقدم الطب النفسي في علاج حالات الاكتئاب ولابد أن يعي الانسان ضرورة التعامل مع مشكلاته والتأقلم مع ضغوط الحياة المختلفة.