يترقب الجميع محاكمة الرئيس السابق مبارك مع رموز نظامه السابق في التهم الموجهة إليهم من استغلال النفوذ له لأسرهم وللمقربين والتربح إلا أن التهم التي وجهت له ويحاكم عليها الآن هي الأبشع وهي القتل العمد للمتظاهرين أثناء ثورة25 يناير. التي أطاحت به بعد ثلاثين عاما قضاها في حكم البلاد. ويعد مبارك حلقة في سلسلة الرؤساء السابقين الذين تمت محاكمتهم بتهم ارتكبوها ضد شعوبهم ومنهم رئيس بيرو السابق ألبرتو فوجيموري الذي حكم بيرو خلال الفترة من عام1990 وحتي عام2000, وفي بداية حكمه ارتكب مجازر ضد المدنيين في عامي1991 و1992 لسحق تمرد قامت به حركة الدرب المضئ وحركة أمارو الثورية, كما شهدت فترة حكمه حالة من الفساد وإستغلال النفوذ جرت البلاد إلي فقر إقتصادي عاني منه أبناء الشعب. وفي عام2000 إنهارت حكومة فوجيموري وتم نفيه إلي اليابان وقامت النيابة العامة في بيرو بتوجيه إتهامات القتل العمد والتخطيط لقتل المتظاهرين إليه وطالبت بتسليمه لمحاكمته علي جرائمه وكان وقتها قد إنتقل إلي شيلي. وبعد التأكد من جرائمه صدر أمر دولي بإعتقاله وكافح فوجيموري للحيلولة ضد القرار بتسليمه ولكن أصدرت المحكمة العليا في شيلي قرارا بتسليمه إلي بيرو بعد التأكد من صحة الإتهامات الموجهه إليه. ووصل فوجيموري إلي بلاده بعد سبع سنوات قضاها في المنفي وتم تقديمه للمحاكمة وسط إجراءات أمنية شديدة وأدين وحكم عليه بالسجن25 عاما علي الجرائم التي شهدتها البلاد في عهده. وفي أمريكا الجنوبية أيضا شهدت شيلي أحد الحكام الطغاة وهو أوجوستو بينوشيه الذي جاء إلي الحكم بإنقلاب عسكري عام1973 وإستمر في حكم البلاد حتي عام1990 شهدت خلاله شيلي فسادا ماليا وسياسيا وعاني الشعب من التعذيب والقتل لكل من حاول معارضة الديكتاتور بينوشيه. وكان بينوشيه قد بدأ حكمه بقتل الرئيس الشرعي للبلاد والمنتخب من الشعب سلفادور الليندي ومارس أبشع الجرائم ضد شعبه. وحاول بينوشيه إصدار قانون يتيح له البقاء في الحكم مدي الحياة ولكن وقف الكونجرس في شيلي ضد هذا القرار ومع الضغوط الدولية إضطر إلي ترك الحكم للرئيس الذي تم إنتخابه في ذلك الوقت ولكنه إحتفظ بقيادة الجيش حتي عام1998. وتم اعتقاله خلال زيارته الي بريطانيا عام2002 بناء علي قرار من محكمة إسبانية بمحاكمته علي جرائمه التي إرتكبها في حق شعبه. وفي عام2004 تم الحكم بإدانته بتهم القتل وخطف المعارضين خلال عملية عرفت بإسم' كوندور' وتم الكشف عن حسابات سرية خارجية عديدة له تثبت أنه كان يستغل نفوذه لنهب أموال الشعب وتم وضع بينوشيه قيد الإقامة الجبرية ولكن نظرا لكبر سنه وتدهور حالته الصحية تم نقله إلي العناية المركزة وتوفي في ديسمبر2006, وفي كمبوديا شهد عام2006 تقديم أربعة من قادة الخمير الحمر ممن مازالوا علي قيد الحياة إلي المحاكمة وهو ما يعادل ربع تعداد الشعب خلال الفترة من عام1975 وحتي عام1979. وهم خيوسمفان رئيس كمبوديا السابق ويانج ساري وزير الخارجية ويانج ثيريث وزيرة الشئون الإجتماعية وتون تشيا مرشد النظام, والذين تتراوح أعمارهم ما بين79 و85 عاما هذا إلي جانب كاينج جيك إياف رئيس سجن توول سليج الذي شهد تعذيب15 الف شخص قبل إعدامهم بتهمم الإبادة الجماعية والقتل والإعدام لنحو مليون و700 ألف كمبودي. وفي عام2010 حكم علي كاينج بالسجن35 عاما علي الجرائم التي إرتكبها ضد المعتقلين لديه ومازال القادة الأربعة يخضعون للمحاكمة التي قد تستمر سنوات وهو ما جعل الكمبوديين يخشون من وفاتهم قبل أن تدينهم المحكمة وتصدر ضدهم الأحكام التي يستحقونها. وفي إندونسيا شهد عام2002 تقديم الرئيس الأندونيسي الأسبق سوهارتو إلي المحاكمة بتهمة استغلال النفوذ ونهب أموال الشعب وذلك بعد القرار بوضعه تحت الإقامة الجبرية عام2000 ولكن تم تأجيل محاكمته نظرا لحالته الصحية المتدهورة ثم أعيدت محاكمته مرة أخري عام2006 ولكن وافته المنية عام2008 عن عمر يناهز87 عاما قبل أن ينال العقوبة التي يستحقها. وكان سوهارتو قد حكم البلاد نحو30 عاما في الفترة من عام1968 وحتي عام1998 عاني خلالها الشعب من القمع والإستبداد والإغتيالات ووصلت البلاد إلي حالة من الفقر الشديد بسبب سياساته وتلاعبه في المال العام ونهب أموال الشعب هو وأسرته وقد قدرت ثروته بنحو16 مليار دولار. وكان سوهارتو قد أعاد إنتخاب نفسه رئيسا عام1998 للمرة السابعة علي التوالي ولكن إجتاحت البلاد مظاهرات رافضة له وأجبرته علي التنحي عن الحكم. وأمام إصرار الشعب علي الإنتقام منه تم تقديمه للمحاكمة علي جرائم الفساد والإستبداد الذي شهدته أندونسيا في عهده ولكن حالته الصحية المتدهورة ثم وفاته عام2008 سبقت ذلك, وفي رومانيا شهدت البلاد خلال15 عاما حالة من الإستبداد والفساد من عام1974 وحتي عام1989 وهي الفترة التي حكم فيها نيكولاي تشاوشيسكو البلاد تحكم خلالها كذلك في وسائل الإعلام والصحافة وتعامل بيد من حديد مع كل معارضيه وشهدت البلاد خلال السنوات الخمس الأخيرة من حكمه أزمة إقتصادية طاحنة جعلت أبناء الشعب يخرجون في مظاهرات في جميع أنحاء البلاد ضده وضد زوجته التي كانت تتمتع بنفوذ كبير وتشاركه في الحكم. وحاول تشاوشيسكو إرضاء الشعب بخطب يحاول فيها إسترضاءهم ولكن بعد فوات الأوان ورفض الشعب محاولاته وأصروا علي اسقاطه ومحاكمته وأمام الغضب الشعبي حاول تشاوشيسكو وزوجته الهروب من البلاد ولكن تم القبض عليهما وقدموا إلي محاكمة صورية في أحد ميادين رومانيا الرئيسية أمام الشعب, وتمت إذاعتها تلفزيونيا وحكم علي تشاوشيسكو وزوجته بالإعدام رميا بالرصاص عام1989 وشهد الشعب إعدامهما لتنتهي حقبة من أسوأ الحقب التاريخية في تاريخ رومانيا. وتشهد المنطقة العربية الآن حالة من الغضب والرفض للحكام المستبدين والرغبة في القصاص ممن حاولوا إستغلال بلادهم ونهب ثرواتهم. ممن حكموهم بالقوة لفترات طويلة وكانت شرارة الغضب الاولي قد إنطلقت من تونس علي يد الشاب التونسي البسيط بوعزيزي الذي رفض القهر والظلم الذي تعرض له وقام بإشعال النار في نفسه لتنطلق نيرانه في كل أرجاء تونس من خلال المظاهرات التي شهدتها البلاد وأجبرت الرئيس التونسي السابق علي الهروب من البلاد خوفا من بطش الثوار وإمتدت نيران الغضب إلي مصر التي تشهد الآن محاكمة رئيسها السابق بعد تنحيه أمام الغضب الشعبي وتواصل نيران الغضب إشتعالها لتصل إلي اليمن وسوريا وليبيا التي يحاول ثوارها إسقاط حكامهم بعد الظلم والفساد والإستبداد الذي شهدته بلادهم. ومازالت نار الغضب الساطع مشتعله وتنتشر لتحرق كل حاكم مستبد وفاسد فرض نفسه علي شعبه ونهبهم واستباح دماءهم.