أهم ما أفرزته محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، بخلاف إثلاج صدور الأمهات الثكالي لشهداء الثورة، إرساء سابقة قانونية جديدة علي المجتمع العربي، تقضي بمحاكمة الرؤساء الذين أجرموا في حق شعوبهم . هذا الامتياز تمتعت به العديد من الدول بعضها ينتمي للعالم الثالث. فقد تمكنت بيرو من محاكمة رئيسها ألبرتو فوجيموري بعد خلعه من الحكم ونفيه من البلاد عام 2000 لما شاب حكمه من فساد واستغلال للنفوذ وارتكاب مجازر ضد المدنيين ليصدر ضده حكماً بالحبس 25 عاما. وفي إندونسيا تم تقديم الرئيس الأندونيسي الأسبق سوهارتو إلي المحاكمة بتهمة استغلال النفوذ ونهب أموال الشعب وذلك بعد قرار وضعه تحت الإقامة الجبرية ولكن المنية وافته عام 2008 قبل أن ينال العقوبة التي يستحقها. وهناك عدد آخر من الرؤساء الذين خضعوا لمجاملة شعوبهم لقضايا مختلفة ولأسباب متنوعة. فالعدالة تقتضي ان يقدم للمحاكمة كل من يفسد ويخون الأمانة العامة ويعتبر أموال الشعب ملكية خاصة دونما النظر الي جنسيته , لذلك فان ما تم الكشف عنه من أموال وحسابات لرؤساء عرب كالخمسة مليارات يورو التي يمتلكها الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين وما أشيع عن ثروة مبارك التي تجاوزت بعض التقديرات لها السبعين مليار دولار، وما نشر عن امتلاك معمر القذافي وابنائه لمائة مليون يورو، بالاضافة الي الجرائم التي اقترفها هؤلاء وأمثالهم بحق شعوبهم، كل ذلك يجعل من محاكمتهم حقاً واجب التنفيذ للشعوب التي نهبوها ودمروها. والرسالة هنا واضحة لا يمكن لأي رئيس أن يقتل أبناء شعبه ويسرق قوتهم ثم يفلت من العقاب القانوني، مهما احتمي بالقوانين ومهما استعان بالمحامين. فأفضل محامي الدفاع في العالم لا يستطيعون تحويل القضايا الخاسرة إلي قضايا رابحة والا كان فريق الدفاع عن صدام بما ضم من »جهابذة« تمكن من انقاذه من حبل المشنقة.. ان جرائم هؤلاء الحكام المستبدين ثابتة وموثقة والحكم الذي يستحقه قتلة الشعوب اما الاعدام أو السجن المؤبد.