كان النبي صلي الله عليه وسلم أجود الناس بالخير, وكان أجود ما يكون في رمضان, فإذا جاء رمضان كان مع جبريل يدارسه القرآن, وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة, وعن كرم النبي صلي الله عليه وسلم في رمضان يقول الدكتور مبروك عطية, الأستاذ بجامعة الأزهر, الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم حديث تطيب به الأوقات, وتطهر به النفوس, وتثمر به المعاني, وتتآلف عليه القلوب, وترقي به النفوس, وتتهذب به الطباع, لأن لنا في رسول الله صلي الله عليه وسلم الأسوة الحسنة, وقال الله عز وجل لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا والمعهود عنه صلي الله عليه وسلم أنه كان أجود الناس وكان أكرم الناس, وكان أجود ما يكون وأكرم ما يكون في رمضان, كان أسبق بالخير من الريح المرسلة, وذلك حين ينزل عليه جبريل عليه السلام يدارسه القرآن, ومعني ذلك أنه صلي الله عليه وسلم كريم طوال العام, فإذا جاء رمضان كان أكثر كرما, وما كان ذلك إلا شكرا لله عز وجل أن بلغه الشهر الكريم, وحبا منه لمدارسة القرآن الكريم, التي تعني تلاوته علي تدبر, وما أشد حاجتنا إلي هذا المعني وتلك المدارسة, أما المعني فهو معني زيادة الكرم التي لا تعني بالضرورة ذلك الكرم المادي وحده, وإنما تعني الكرم العام, الذي يشمل كرم الخلق إلي جانب كرم العطاء, وأما المدارسة التي من شأنها أن نتدبر كلام الله علي نحو عملي بأن نعرض واقع حياتنا عليه, فما وافقه منه حمدنا الله عليه وسألناه أن يثبتنا عليه, وما تعارض منه معه راجعنا فيه أنفسنا, ومن أمثلة ذلك أننا نقرأ قول الله تعالي في سورة النساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام فمن كان واصلا رحمه فليحمد الله, ومن كان قاطعا إياه فليرجع إلي كلام الله, وليصل رحمه حتي يكون وقافا عند كتاب الله, كما كان الناس زمان رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن ثم فازوا, فرضي الله عنهم, ورضوا عنه, لكننا مع الأسف نتدارس القرآن, ولا نفعل شيئا, والله يقول: كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون. ويؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم, عضو مجمع البحوث الإسلامية, ان هذا الحديث الذي ورد في الصحيحين عن رسول الله صلي الله عليه وسلم انه كان أجود الناس, يبين حال نبينا الكريم مع الإنفاق في رمضان, وهو القدوة والأسوة, وشهر رمضان موسم المتصدقين, وفرصة سانحة للباذلين والمعطين, والصيام يدعونا إلي إطعام الجائع, وإعطاء المسكين, وإتحاف الفقير, وفي تضاعف جوده صلي الله عليه وسلم في رمضان بخصوصه فوائد كثيرة منها, فضل الزمان ومضاعفة أجر العمل فيه, وإعانة الصائمين والذاكرين علي طاعتهم, فيستوجب المعين لهم مثل أجورهم, والجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إن في الجنة غرفا يري ظهورها من بطونها, وبطونها من ظهورها فقال أبو موسي الأشعري: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن طيب الكلام, وأطعم الطعام, وأدام الصيام, وصلي بالليل والناس نيام وهذه الخصال كلها تكون في رمضان, فيجتمع فيه للمؤمن الصيام, والقيام, والصدقة, وطيب الكلام, فإن الصائم ينهي فيه عن اللغو والرفث, ومن حكم الصوم تذكر البطون الجائعة, والأجواف الخالية والعطف علي الفقير, والحنو علي المسكين, والإحسان إلي المعدمين, فمن لم تكن هذه حاله في رمضان فإنه لم يحقق كثيرا من مقصود الصيام. والدعوة إلي السخاء والكرم والبر, هي من صميم مبادئ الإسلام المقررة, ومن أهم ما يقوم عليه بناء المجتمع الإسلامي, ولهذا كانت إجابة الدعوة إلي الإنفاق, والبذل والعطاء ضرورية وهامة, بحيث لا يصح التهاون فيها, ولا التباطؤ أو التسويف, قال تعالي: وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلي أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون, والسخاء والكرم والبذل والإنفاق, من أهم أركان التكافل الإسلامي الذي يقوي به المجتمع, ويتعاون به الأفراد, ويسعون لصالح الفرد والجماعة متعاونين علي البر والتقوي, وبه يقترب الإنسان من ربه ويقترب من قلوب إخوانه المسلمين ويقترب من الجنة ويبعد عن النار.