امتد الغضب الشعبى الجارف بسبب أحداث العباسية أمس الأول إلى ميدان التحرير ، حيث انتشر الجدل بين المعتصمين – بينما كانوا يداوون المصابين خلال المصادمات - حول جدوى المسيرة وتداعياتها. وما نجم عنها من حالة استياء غذتها وسائل الإعلام «بحقائق مغلوطة ?» حسب قولهم، وسط توافق عام حول ضرورة عدم الخروج فى مزيد من المسيرات ووقف التصعيد على جميع المستويات والتحرك المحسوب وتوخى الحذر الشديد إزاء المحاولات المستمرة لتشويه صورة المعتصمين مع استمرار الاعتصام فى الميدان ورفض دعاوى الوقيعة بين الجيش والشعب بكل أشكالها. وأسفرت الأحداث عن حالة من الاحتقان غير المعلن بين عدد من القوى والكيانات السياسية من حركة 6 ابريل وسط قناعة عامة بأن مسيرات من هذا النوع من شأنها تعقيد الموقف دون تحقيق نتائج فعلية . وقد شهد الميدان حالة استنفار إثر انتشار شائعات عن فض اعتصام الميدان بالقوة كما كثف أمن الميدان وجوده عبر مداخل الميدان كما قامت الدراجات البخارية بدوريات مكثفة حول الميدان للاستطلاع . وفى تطور منح زخما جديدا للاعتصام وصل الميدان أكثر من 30 متظاهرا من أبناء السويس إضافة إلى اعداد أخرى من الاسماعيلية تضامنا مع المعتصمين بالميدان ، وبمجرد وصول المتظاهرين تعالت الهتافات المرحبة بين المعتصمين المنهكين جراء ليلة العباسية القاسية. وأوضح محمد عبده أحد أبناء السوايسة أن هذه المشاركة الرمزية تأتى تأييدا للمعتصمين فى التحرير تحت نفس المطالب وتحقيقا لنفس الأهداف ، مؤكدا أن أحداث العباسية التى وقعت أمس الأول لن تؤثر على روح الثوار فى مختلف أرجاء مصر «ومشاركتنا فى اعتصام التحرير تعد أبرز دليل على ذلك». وفى السياق ذاته أصدر المركز الإعلامى لمعتصمى التحرير بيانا عما أسماه «موقعة الجمل الثانية» أو أحداث العباسية أوضح فيه أن «الاعداد لهذه الأحداث بدأ منذ الصباح الباكر حين تم إعداد المتاريس من خلال الأسلاك الشائكة ووضع ثلاثة صفوف خلفها من الشرطة العسكرية والأمن المركزى والصاعقة تحميهم مدرعات وفى الخلف سيارات إطفاء مع الاستعانة بالبلطجية من عزبة أبو حشيش بمنشية الصدر والذين أطلق عليهم «لجان شعبية». وأضاف البيان أن «عناصر بثت شائعات بأن ثوار التحرير سيقومون بالتعدى على سكان العباسية. وتم التحضير لعمل كمين للعدوان على الثوار وجرى الاحتكاك بالمتظاهرين الذين كانوا يهتفون « سلمية سلمية .. يا أهالى العباسية» وتم الاعتداء عليهم بالحجارة وزجاجات المولوتوف والزجاجات الفارغة والأسلحة البيضاء مما أحدث إصابات بين المتظاهرين». وأضاف أنه استشهد خلال هذه الأحداث الشاب محمد محمد محمود 25 سنة من البدرشين كما قدرت أعداد المصابين فى الأحداث بأكثر من سبعمائة مصاب غير أن التقديرات الرسمية أشارت إلى نحو 308مصابين نظرا لأن أغلب المصابين اختاروا الاسعاف فى مستشفيات خاصة خوفا من إلقاْء القبض عليهم مما زاد من صعوبة حصر أعدادهم . واشار البيان إلى أن «المعتصمين قاموا بتحديد موعد المسيرة سلفا لإبلاغ المجلس العسكرى رسالة واضحة مفادها استمرار الشرعية الثورية» مؤكدا أن «أن القوى الثورية تنأى عن نفسها الدفع باتجاه أى انقسام بين الجيش والشعب وتدعو إلى إجراء تحقيق للوقوف على حقيقة ما حدث في ميدان العباسية». ومن جانبه اعتبر أحمد عبدالله مسئول التثقيف والتدريب بحركة 6 ابريل – جناح أحمد ماهر- أن الحركة لم تهدف من وراء المسيرة إلى الاحتكاك بالجيش مطلقا وإنما كانت مسيرة سلمية للتأكيد على مطالب الثورة والتعبير عن رفض الحركة للبيان الصادر عن المجلس. وقال أحمد غمراوى - شاهد عيان شارك فى المسيرة – أن الصورة التى عكستها وسائل الإعلام كانت عارية تماما من الصحة حيث أن المشاركين فى المسيرة لم يعتزموا إطلاقا مهاجمة وزارة الدفاع وإنما كانو يهدفون لإيصال رسالة سلمية تماما للمجلس العسكرى باعتبار المسيرة خطوة تصعيدية من جانب المعتصمين . وفى سياق مقابل ، أكد خالد المصرى المنسق العام والمتحدث الاعلامى لحركة صمود أن الحركة كانت منذ البداية رافضة لأى شكل من أشكال التصعيد. وأضاف أنه كان لزاما علي حركة 6 ابريل أن تدرك أن الوقت لم يكن ملائما أبدا للتصعيد وأن هذه المسيرات من شأنها أن تؤثر بالسلب على مسار الاعتصام. ومن جانبه اعتبر محمد فواز عضو ائتلاف النهوض بالأزهر أن المسيرة كانت مفيدة رغم الاعتراضات التى واجهتها.