أفكار كثيرة ورؤي متنوعة طرحتها القوي السياسية والمنظمات المختلفة حول المباديء الحاكمة للدستور, فهناك وثيقة الأزهر ومجموعة المثقفين ووثيقة إعلان مباديء الدستور المصري التي أعدها المجلس الوطني, ووثيقة دستور اللجنة الشعبية, ووثيقة مؤتمر الوفاق الوطني وأخري للتحالف الديمقراطي ووثيقة إعلان مباديء المواطنة والدولة المصرية, وأخري باسم مستقبل مصر وحقوق المرأة الدستورية وأخيرا وثيقة الدكتور محمد البرادعي لحقوق الانسان... كل هذه الوثائق حملت زخما وأفكارا وأحدثت تفاعلا مجتمعيا لكن هناك من يرفضون الانضمام إلي دعاة هذه الوثائق ويطالبون بقصر المسألة علي الجمعية التي سوف تنتخب لاعداد الدستور ومنهم الاخوان المسلمون والسلفيون وتيارات أخري الفكرة طرحها المجلس الاعلي للقوات المسلحة باعتبارها مخرجا لحالة الجدل حول الدستور أولا أم الانتخابات وكان لافتا للنظر أن يجتمع معدو هذه الوثائق لتقريب وجهات النظر ونقل خلاصة أفكارهم في صورة مباديء نهائية حاكمة إلي المجلس العسكري. تحقيقات الاهرام تناقش فكرة المباديء الحاكمة للدستور حتي يتسني لنا وضع تشكيل صحيح للجمعية التأسيسية للدستور, وحسم كل نقاط الجدل حوله. غير قابلة للتعديل تهاني الجبالي: نسعي جاهدين لبناء توافق وطني في إطار المصلحة العليا للبلاد د. محمد نور فرحات: فكرتها ليست جديدة ودستور23 كانت به نصوص حاكمة كتبت - ماري يعقوب ثماني وثائق لجهات متعددة الرؤي مشتركة الهدف, عكفت علي مناقشة المبادئ الدستورية بهدف الخروج منها بوثيقة موحدة للدستور المصري القادم ومحددة من خلال مستقبل البلاد. ولكن.. لماذا الآن التحدث بشأن مبادئ فوق دستورية؟ وماذ تعني؟ وما أهميتها؟ وهل وجودها يغني عن وجود دستور دائم للبلاد؟ بداية يقول الدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون بجامعة الزقازيق ورئيس الأمانة العامة للمجلس الوطني.. إن المبادئ فوق الدستورية هي مبادئ لا يجوز تعديلها في أي دستور لاحق, وفكرتها ليست جديدة وكانت موجودة فعلا في دستور23 بالمادة156 والتي كانت تشير الي مجموعة من المبادئ تحكم تداول العرش والحكم النيابي والحقوق والحريات العامة. ونحن هنا نقصد بها المبادئ التي يتفق المجتمع علي أنها مبادئ أساسية غير قابلة للتعديل مثل وثيقة الحقوق الأمريكية, أو مبادئ الحقوق الفرنسية, وهي مستمدة من ضمير المجتمع لأنها تتعلق بمقومات المجتمع وبالحقوق والحريات العامة للمواطنين ولا تخضع للتعديل. وحول احتياج المجتمع المصري لها يضيف.. بالطبع نحن في احتياج لها لأنها المرة الأولي التي يضع فيها الشعب دستوره بنفسه, لذلك كان من المطلوب أن نتفق علي مجموعة من الركائز الأساسية وبعدها لايهم نتفق أو نختلف علي ما عداها. وهنا كل المبادئ الخاصة بالحريات العامة وحقوق الإنسان اعتبرناها من المبادئ فوق الدستورية لأنها غير موضحة في الإعلان الدستوري علي أنها غير قابلة للتعديل, وبهذا نريد أن نلزم لجنة وضع الدستور الجديد بالأخذ بها. كما يتم وضع فقرة عن عدم جواز تفسير أو تأويل أي نص من النصوص الدستورية علي نحو يخل بمبدأ المواطنة أو مبدأ المساواة أمام القانون, أو الحريات العامة وحقوق المواطنين المنصوص عليها أو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, ويضيف دكتور فرحات لقد توصلنا الي توافق فعلي وشكلت لجنة صياغة للوثيقة الموحدة أوشكت علي الانتهاء من عملها, وسوف تقدم للمجلس العسكري. .. وعن أهمية التوقيت.. يقول هذا عمل يتوازي مع الإعداد للانتخابات ثم لجنة تعديل الدستور, كما أنه عمل سوف يزيل كثيرا من المخاوف حول أيهما أولا الانتخابات أم الدستور, ولكن ما يجسد المخاوف فعلا هو تصريحات الاخوان التي تتحدث عن عدم الاقتناع بفكرة المبادئ غير الدستورية وتصريحات مرشح الرئاسة عن الاخوان في ذلك.. وما يثير الدهشة أن نسمع عن تحضير لمليونية ضد المبادئ فوق الدستورية, وهي أول مرة نجد أناسا يقفون ضد حقوق الإنسان والحقوق العامة للمواطنين. وفي نفس السياق, يري عصام الاسلامبولي المحامي وعضو لجنة المناقشة, أن مواد فوق دستورية هي مجموعة مبادئ إرشادية لا يحيد عنها أي أحد عند وضع مبادئ الدستور الجديد.. الذي من المفروض أن تضعه سلطة مستقلة عن السلطات الثلاث في الدولة وهي ليست بدعة كما يدعي البعض, حيث إن المادة156 من دستور23 تقول بأن هناك قواعد غير قابلة للتغيير وهي الخاصة بعدم تغيير نظام الحكم. وما نحن بصدده الآن عبارة عن مبادئ عامة تتعلق بالحريات والدولة المدنية.. وعن غياب التيار الإسلامي يقول الاسلامبولي, إن الدعوة قد وجهت لكل القوي منذ اليوم الأول للجلسات ولكنهم هم الذين قاطعوا وعن الخطوات التي تلي مناقشة الوثائق يقول تأتي لجنة الصياغة المكونة من خمسة أفراد ومهمتها دمج الأفكار التي خرجت ضمن الوثيقة ثم يتم إعلانها وتقديمها للجهة المختصة باعتبارها تمثل سلطة رئيس الجمهورية ولها سلطة دعوة البرلمان وامكان تطبيقها والاستفادة بها. وفي ذات السياق, تري المستشارة تهاني الجبالي وهي صاحبة الجهد الكبير في تجميع الوثائق الثمانية والخروج منها بالمبادئ الموحدة. المجلس الأعلي للقوات المسلحة في بيانه الأخير بصدد إعلان دستوري يضع مبادئ ومعايير انتخاب اللجنة التأسيسية للدستور. وتضيف.. في تصوري أن هذا المطلب يمكنه أن يشكل حلا مقبولا يضع أسسا لمقومات الدولة والحقوق والحريات للمواطنين التي تشكل فيما نقول جوهرة التاج للدستور, ولكي لا تكون الفكرة خاضعة لمنطق الأغلبية أو الأقلية في هذه المرحلة التي يجب أن يكون عنوانها التوافق الوطني وحسب مثل هذه المبادئ تسمي حاكمة أي فوق دستورية, حين ينص علي أنها غير قابلة للإلغاء أو التعديل أو التنازل أو التقييد, وهذا هو جوهر ما يجعلها ترتفع لمرتبة الحاكمة في نصوص الدستور. المسار الانتقالي من هذا المنطلق تبدو المبادئ الحاكمة التي يجب أن تلزم سلطة تأسيس الدستور القادم جزءا من تأمين المسار الانتقالي في اطار محصن دستوريا, وهنا علينا أن نسعي جاهدين لبناء التوافق الوطني في اطار كون المصلحة العليا للبلاد هي أكبر من أي فصيل سياسي أو اتجاه فكري أو ثقافي, وفي هذا يصبح تحمل السلطة الفعلية للبلاد مسئولية وجزءا لا يتجزأ من المسئولية التي فوض فيها الشعب المصري بعد ثورته العظيمة المجلس العسكري للقوات المسلحة لقيادة البلاد وهو باستجابته لهذا الحل الوسط قد ساهم بقراره في فتح الباب نحو تجاوز هذه الأزمة السياسية التي يمكن أن تعطل مسار المرحلة الانتقالية ولا تدفع بها الي الأمام في أجواء من الاحتشاد الوطني الذي يعد مفتاح بناء الدولة والأوطان في اللحظات الفارقة التي تمثل الثورة أحد تجلياتها, خاصة أن الثورة المصرية رفعت شعار الحرية العدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان وهي في حد ذاتها أهداف تؤسس لدولة مدنية ديمقراطية تحترم مسئولياتها تجاه مواطنيها وتعيد ترتيب مجمل الأوضاع السياسية والاجتماعية والسياسية والثقافية من أجل هذه الأهداف.. ثم يأتي بعد ذلك السياق السياسي, سواء البرلمان أولا أو الدستور فلن يكون هناك فارق مادام هناك مبادئ حاكمة تحمي مقومات وحقوق الدولة المصرية وتضع معالم كيفية تشكيل الهيئة التأسيسية التي سوف تضع الدستور القادم لمصر. ويري سمير مرقس عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان, أن صياغة الدستور لن تترك للقانونيين وحدهم ولكن لابد أن تضم لجنة الصياغة اجتماعيين وحقوقيين وكل التيارات الوطنية والخبرات العلمية والمعرفية, واذا ما قارنا بتجارب دول كبري مرت بثورات في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية نجد أنه من المفيد جدا أن تعطي الفرصة للمواطنين للتعبير عن أنفسهم ولهذا كانت فكرة المواد الحاكمة وهو يعبر بنا بعيدا عن خطورة وضع دستور في وجود غلبة سياسية لأي تيار يمكن أن يخرج به النص تعبيرا عن هذه الغلبة. ويضيف.. لا يوجد بين كل الوثائق المقدمة خلاف جذري فهناك اتفاق علي أن النظام الجمهوري هو الأساس سواء برلمانيا أو رئاسيا, أيضا فكرة الدين موجودة, وهي التي تعبر عن مبادئ الشريعة الإسلامية مع مراعاة غير المسلمين في تطبيق شرائعهم, كذلك أهم ما جاء بالوثيقة هو التحدث عن النيل نيل مصر وأيضا تحديد هوية مصر كدولة عربية إفريقية, وكذلك مراعاة منظومة الحقوق الجديدة الرقمية والملكية الفكرية الي جانب وثيقة خاصة بالمرأة تتكلم عن حقوقها, ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية.