مؤشر مريب في كل دول العالم يقيسون اداء البورصات بعدد النقاط التي تفقدها او تجنيها مؤشرات الاسهم الرئيسية في نهاية تعاملات اليوم.. الا عندنا, فقد استحدثت عوامل المنافسة والاثارة بين الصحف مقياسا جديدا لأداء البورصة هو احتساب حجم المكاسب اوالخسائر المالية الكلية التي تحققت لكل الاسهم في السوق بمافيها الاسهم التي لم يجر عليها تعامل اصلا, ففي بورصة وول ستريت مثلا يقولون ان مؤشر داو جونز خسر امس 100 نقطة وعندنا يقولون ان البورصة المصرية خسرت امس 7.5 مليار جنيه برغم ان تعاملات اليوم كله لم تتجاوز 500 مليون جنيه, ولكنهم يقصدون القيمة السوقية لكل الاسهم المسجلة في السوق ونحن لدينا نحو 630 شركة يجري تداول اسهمها في البورصة, ولاسباب فنية تتعلق بالتقييم الشامل يتم احتساب معدل التغير في القيمة السوقية لكل الاسهم كقيمة دفترية لاغراض تتعلق بقياس الاتجاهات وتبسيط المقارنات بين البورصات وبعضها البعض او لقياس اداء الاسهم في فترات متعاقبة, وعادة مايتم الاستعانة بمسألة القيمة السوقية هذه في مقارنات شهرية او فصلية اما التداولات اليومية فلاتعني القيمة الاجمالية للاسهم شيئا لتوضيح التعاملات اللهم الا ترويع الناس العاديين الذين يروعهم ان البورصة خسرت 7 او10 مليارات جنيه في يوم واحد برغم ان احدا لم يخسر شيئا, فهذه قيم دفترية ولم تتحقق الخسارة الا لمن اختار بيع السهم بسعر اقل من سعر شرائه له, وهذه مسألة فردية غير قابلة للحساب الجماعي. أخيرا وتحديدا خلال ثورة يناير وبعدها جري التوسع في ذكر خسائر القيمة الدفترية في عناوين الصحف, وقد كانت عناوين غاية في الاثارة لانها وصلت الي عشرات المليارات من الجنيهات في يوم واحد نتيجة لتراجع مؤشر البورصة الرئيسي نحو 10% في الايام الاولي لاستئناف التداول بعد الثورة, وبرغم ان التعاملات كانت محدودة للغاية وهو مايؤشر علي محدودية الخسائر التي لحقت بالمتعاملين, الا ان صدي الخبر كان مفزعا حتي في اروقة البورصة نفسها فقد رأي الجميع, علي غير الحقيقة, وكأن الاقتصاد كله ينهار بأرقام مفزعة دون ان يفطنوا الي انها شكل من اشكال الاثارة الصحفية لاتنطوي علي معني حقيقي. المزيد من أعمدة عماد غنيم