التغيير.. والفرصة السانحة (1) إذا كنا نسلم بقوة الحاجة إلى إحداث تغيير جذرى فى مناهج وأساليب عملنا لكى نكون عند مستوى أحلام وأهداف ثورة 25 يناير فإنه ينبغى أن يكون التركيز حول أهداف التغيير واستحقاقاته بأكثر من الانغماس فى المفهوم الضيق للتغيير لكى نحصره فى دائرة ضيقة تتمحور حول الأشخاص والمواقع فقط. وليس معنى ذلك أن تغيير الوجوه أمر غير مطلوب، لكننى أقول: إن عمق التغيير لا يمكن أن يقاس بحجم من ينبغى إزاحتهم من الواجهة ومن يستحقون أن يتصدروا المشهد الراهن بدلا منهم، وإنما عمق التغيير يتحدد أساسا بالقدرة على تحقيق أهدافه، وبمدى قدرة من ينالون شرف المسئولية الوطنية على ضخ الدم فى دورة العمل الوطني، والإسراع بمعدلاته: حجما وكيفا وتوقيتا.. ثم إن عمق التغيير ودلالاته الحقيقية يتضح من مدى انعكاساته على نبض الرأى العام وهل فتح أبوابا للأمل أم لا.. وهل بعث تحفيزا للهمم أم لا.. وهل.. وهل .. وهل؟ وباديء ذى بدء لابد أن نتفق على أن التغيير لمجرد التغيير هو نوع من الإلهاء الذى لا تتحمله ظروف وأوضاع الوطن الراهنة حيث نواجه كما تراكميا من التحديات والمشكلات الرهيبة. لابد فى البداية أن نتفق على أن التغيير الصحيح هو الذى يكون فى إطار الضرورات الموضوعية وبالفهم الصحيح أن التغيير هو سنة الحياة وقانونها الصارم، وأنه بقدر ما تعى الأمم والشعوب قواعد التغيير المطلوب فى إطار التطور المنشود بقدر ما تتحدد القدرة على البقاء والصمود كأرقام صحيحة فى المعادلة الكونية، بدلا من القبول بواقع التهميش خلف الخانات الصفرية وبدء العد التنازلى نحو الانقراض والزوال! والتاريخ يعلمنا أن الذين فاتهم اللحاق بقطار التطور الإنسانى وعجزوا عن ملاحقة ومواكبة إيقاعاته فى أى مرحلة من مراحل التطور لم يكن تخلفهم تخلف عجز عن الإمساك بأدوات العصر فقط، وإنما كان تخلفهم - فى أساسه - عجزا عن الإدراك الصحيح فى التوقيت الصحيح لمتطلبات التغيير الذى هو مدخل التطور والتجديد والتحديث! وربما من هذا المنظور نستطيع أن نفسر كيف أن الشعوب والأمم التى كانت لها القوة فى عصور ما قبل الزراعة لم تكن هى نفسها سيدة الموقف عندما نشأت حضارة المجتمع الزراعي.. ثم تكرر السيناريو نفسه عند التطور من العصر الزراعى إلى العصر الصناعى إلى عصر البخار والكهرباء، ثم ما أعقب ذلك من تطورات حضارية متلاحقة فى العصر النووى والتكنولوجيا الرهيبة بأدواتها المعرفية الجبارة. لقد كانت أسباب التخلف دائما تعبيرا عن العجز عن الإمساك بالفرصة السانحة فى التوقيت الصحيح ... وظنى أن مصر اليوم لن تكرر أخطاء الماضى وتعجز عن الإمساك بالفرصة السانحة. وغدا نواصل الحديث خير الكلام : لا ضرورة للشمعة فى ضوء القمر ولا فائدة لصنع المعروف فى غير أهله ! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله