بعد رحلة استغرقت ساعة واحدة بالطائرة من إسطنبول الى برشتينا عاصمة كوسوفا استقبلنا وفد رفيع من الخارجية بالحفاوة والترحاب وفى الصباح التقينا رئيسة الجمهورية السيدة.. عاطفة يحيى أغا والذى تركز على ضرورة وأهمية الاعتراف باستقلال كوسوفا وكان هذا الحديث. كيف رأيتم ثورة الشعب المصرى ضد نظام مبارك وماهى مكانة مصر بالنسبة للشعب الكوسوفى ؟ الشعب الكوسوفى تابع باهتمام بالغ ثورة المصريين فى يناير الماضى وحتى سقوط النظام السابق بل وحتى الآن، لأن مصر تعنى لنا الكثير فهى دولة قوية ولها تاريخ طويل وحضارة عريقة وتتميز فى العالم بالجدية، والشعب الكوسوفى أيد الثورة وكنا نشعر أننا معكم فى الشوارع والميادين حيث كنا جميعا نتابع الأحداث لحظة بلحظة من خلال الفضائيات العالمية وليس هذا بغريب على الشعب الكوسوفى وموقفه من الشعب المصرى، فالشعبان لهما علاقات تاريخية قديمة ومشتركة ويكفى أن محمد على باشا أصله من هنا من ألبانيا. كذلك فإن العلاقات الثقافية بين مصر وكوسوفا علاقات قوية وقد لعب الأزهر دوراً كبيراً فى تعليم وتخريج الدعاة والعلماء الكوسوفيين الذين كان لهم الأثر الكبير فى الحفاظ على هوية كوسوفا الاسلامية فنحن دولة مسلمة عدد المسلمين فيها 95% ونحن نعتز بديننا الاسلامى وبسببه كان استقلالنا. ومن بين الأسباب التى جعلتنا نهتم بمصر الثورة أننا نعيش هموماً مشتركة فنحن جربنا حياة الديكتاتورية والقهر والتعذيب وإن كانت على يد عدو خارجى وكذلك الشعب المصرى عانى من الاضطهاد والظلم على يد النظام السابق وكلانا قام بالثورة والحرب من أجل الحرية وحقوق الانسان والاستقلال. هذه الأسباب وغيرها تجعلنا نقدر مصر ونحترم شعبها ونطالبه بأداء دوره العالمى الذى يستحقه من الريادة والقوة وأول ما نطالب به الشعب المصرى والحكومة المصرية هو الاعتراف باستقلال كوسوفا فى أقرب وقت، ونحن ننتظر هذا الموقف بفارغ الصبرلأنه يعنى لنا الكثير، يعنى تقويتنا وتأثير مصر على الدول العربية والاسلامية فى الاعتراف أيضاً باستقلالنا لمالمها من ثقل سياسى فى المنطقة العربية لهذا فإن نجاح الثورة المصرية واسقاط النظام السابق ثم استقرار مصر يعد هذا استقراراً ودعما لكوسوفو وتقوية لنا ولغيرنا من الدول الاسلامية. كيف ترون موقف الدول الاسلامية خاصة مصر من استقلال كوسوفا ؟ لم نتلق رفضاً واضحاً للاستقلال من مصر لكن كانت ردودهم قبل الثورة نحن نتشاور ونحتاج الى الوقت الكافى لدراسة الموقف النهائي، ولاشك أن السياسيين لهم ردودهم ورؤيتهم الخاصة ونحن لن ولم نيأس لأن الموقف المصرى لم يعلن أنه ضد الاستقلال وهذه خطوة وكان يجب أن يعقبها خطوة الاعتراف خاصة بعد إعتراف 77 دولة من دول العالم على رأسها أمريكا وأكثر دول أوروبا وللأسف أن أكثر الدول الاسلامية والعربية لم تعترف بعد وهذا موقف غريب ومثير للدهشة خاصة من مصر لما لها من تاريخ وثقافة وحضارة مشتركة فضلا عن ريادتها وقوتها.. وذلك لأسباب موضوعية منها أن استقلالنا لم ولن يضر أحد وقد حصلنا عليه بعد معاناة طويلة ومجازر بشعة ولهذا نستحق الحرية والاستقلال بعد مواجهتنا وصمودنا ومقاومتنا لهذه المجازر والحروب. والأهم من هذا على المستوى السياسى أن القوانين الدولية أيدت استقلالنا حيث أصدرت المحكمة الدولية فى لاهاى حكمها بحقنا فى الاستقلال وملاحقة مجرمى الحرب وغيرها من الأحكام التى تؤيد قضيتنا، ولهذا فإن الأمور باتت واضحة لكى تأخذ مصر موقفاً واضحاً من الاعتراف بكوسوفا دوليا وهذا ماننتظره من مصر، وسيكون أسعد الأخبار على الشعب الكوسوفى مثل سعادتنا يوم إعلان الاستقلال تماماً.. وحقيقة إن مصر الآن تمر بمرحلة انتقالية بعد الثورة ونحن نقدر ظروف هذه المرحلة كما أننا على ثقة أن الموقف الشعبى فى مصر مؤيد لاستقلالنا ولكن الموقف الرسمى مازلنا فى انتظاره ونتمنى أن يكون قريبا بعد تجاوز مصر لهذه المرحلة الانتقالية وتشكيل حكومة دائمة وليست مؤقتة أو لتسيير الأعمال. إننا كثيرا ما نواجه سؤالا صعبا فى المؤتمرات واللقاءات هو أن أغلبية الدول التى أيدت واعترفت باستقلال كوسوفا هى دول غير مسلمة وأكثر الدول العربية والاسلامية لم تعترف بعد لماذا؟! وهذا السؤال يزعجنا وليس لدينا إجابة محددة عليه بل نلجأ الى الهروب والالتفاف الدبلوماسي.. لأن الأمر الطبيعى أن تسارع الدول العربية والإسلامية الى الاعتراف لما بيننا من ترابط الدين والثقافة المشتركة كذلك فإن كوسوفا تسعى الى الانضمام للإتحاد الأوروبى فى المستقبل ومن مصلحة الدول الإسلامية أن تكون لها نافذة على الاتحاد الأوربى من خلال كوسوفا هذا فضلا عن أن مستقبل كوسوفا يتطور بسرعة وتخطو خطوات واسعة نحو الاستقرار الاقتصادى والسياسى والتجارى ولهذا يجب أن نسعى جميعا نحن الدول المسلمة الى التعاون المشترك ودعم قضايا شعوبنا المشتركة. ماذا عن موقف منظمة التعاون الإسلامى من إستقلال كوسوفا؟ منظمة التعاون الاسلامى التى تضم كل الدول العربية لم يعترف منها إلا خمس دول فقط، وهى السعودية والإمارات وقطر والبحرين والأردن.. وباقى الدول لا نعلم سببا لتأخر إعترافها. وقد بدا ذلك فى موقف مصر من كوسوفا فى المؤتمر الأخير حيث دعمت مصر كوسوفا للانضمام الى البنك الدولى وتساندنا الآن للانضمام الى بنك التنمية وهذه كلها إشارات تطمئننا الى أن الأمور تسير فى طريقها الى الأفضل. ماذا تقولون للشعب المصرى وماذا تتوقعون منه؟ الشعب المصرى قدم أعظم وأنبل نموذج للثورة من أجل الحرية وحقوق الانسان والديمقراطية حيث كانت الثورة سلمية ولا عنف فيها، وصبرت الثورة على كل المحاولات ولم تنحرف الى مبادلة ومواجهة العنف بالعنف ولكن تجاوزت المرحلة بالسلم وهذا يعنى الكثير ، يعنى أن الشعب المصرى لديه مقومات الحضارة والرقى الذى يؤهله لعمل الكثير فى المستقبل بعد استقرار الثورة ونحن نتوقع منه الكثير والكثير وأهم ما تتوقعه استعادة مصر لمكانتها الإسلامية والعالمية.