الثورة والفوضي! تثبت اعتصامات8 يوليو قدرة شباب الثورة رغم تفرقهم إلي فرق وفصائل عديدة علي دعوة مظاهرة مليونية ضخمة تملأ ميدان التحرير حتي حافته, دون مباركة جماعة الإخوان المسلمين أو أي من القوي السياسية الأخري.. وبصرف النظر عن صحة أسباب الدعوة إلي تظاهرة 8 يوليو, فإن هذا النجاح أضفي علي الفصائل المشاركة في اعتصام التحرير قدرا من الثقة بالنفس وأنهم لا يقلون أهمية وقدرة وتنظيما عن الآخرين ويستطيعون تحقيق نوع من توازن القوي داخل الميدان يعطي لمطالبهم وزنا مؤثرا ويحفز المجلس الأعلي علي أن يحافظ علي مسافة متساوية مع جميع قوي الثورة, لكن يبدو أن هذه الثقة الزائدة أغرتهم علي ارتكاب بعض الأخطاء! وما من شك في أن الخطوة التصحيحية التي اتخذها المجلس الأعلي لضمان تشكيل اللجنة التأسيسية المكلفة بوضع الدستور علي نحو يضم كل قوي الأمة وعناصرها, أيا كانت الأغلبية التي تسفر عنها الانتخابات البرلمانية, وتزيل كثيرا من المخاوف التي عبرت عنها قوي وتيارات سياسية عديدة تخشي أن تسيطر الأغلبية البرلمانية علي عملية كتابة الدستور, وبالمثل يأتي قرار رئيس مجلس الوزراء د.عصام شرف بإعادة ترتيب الأوضاع في وزارة الداخلية بما يضمن تنحية الضباط المتهمين في الاعتداء علي شهداء الثورة دون الافتئات علي المبدأ الصحيح الذي يعتبر المتهم بريئا إلي أن تثبت إدانته. ومن هذا المنطلق فإن المجتمع يقبل بالتظاهرات والاحتجاجات متي صحت أهدافها باعتبارها عنوانا علي حرية الرأي ونوعا من الجدل حامي الوطيس بين ثلاثية الثورة, المجلس الأعلي والحكومة وثوار الميدان, الذي ربما يكون مطلوبا لتصحيح أخطاء واردة تصدر عن أي من الأطراف الثلاثة, لكن غالبية المصريين يجمعون علي رفض تهديدات اللجوء إلي العنف, والسعي إلي استخدام وسائل غير مشروعة تهدد الأمن الوطني وتعيق مصالح الناس لتحقيق مطالب مشروعة, ولهذا كان الرفض الشعبي جامعا وسريعا لدعاوي إغلاق مجمع التحرير والتهديد بوقف خطوط المترو والمساس بالملاحة في قناة السويس باعتبارها خطوطا حمراء, تضع حدودا فاصلة بين الحرية والفوضي لا ينبغي أن يعاود ثوار الميدان تجاوزها. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد