بزيادة 87.5%.. قيمة واردات مصر من الغاز ترتفع إلى 6.3 مليار دولار خلال 9 أشهر    الثورة الرقمية في أرض النيل: كيف تُشكّل التكنولوجيا مستقبل العمل في مصر؟    برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة..التدخل الخارجى يهدد باستمرار الحرب في السودان    المغرب والأردن في مواجهة الحسم.. التشكيل المتوقع لنهائي كأس العرب 2025    التشكيل الرسمي لمواجهة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025    جوارديولا: لو كان مرموش معنا لما لعبت بهذه الطريقة أمام برينتفورد    تصادم أتوبيس وملاكي بالطريق السياحي الدائري| الصحة تكشف أعداد الإصابات    ضبط سيارة زيت طعام غير صالح وفول مصاب بالسوس بساقلته قبل توزيعها على المطاعم    مكانش قصدى أموته.. اعترافات طالب 6 أكتوبر بقتل زميله بقطعة زجاج    المشدد 15 سنة لمتهم بقتل شخص فى مركز طما بسوهاج    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    إقبال ملحوظ على لجان الاقتراع بالسويس في اليوم الثاني لانتخابات الإعادة    التعليم العالي: انضمام 11 فرعا جديدا إلى قائمة الجامعات الأجنبية بمصر    اسعار الفاكهه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى أسواق المنيا    وزيرة التنمية المحلية ومحافظ قنا يفتتحان محطة مياه الشرب بقرية حجازة بحري    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    وزير الاتصالات يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي بمحافظة الجيزة    سد النهضة وتسوية الأزمة السودانية تتصدران قمة السيسي والبرهان اليوم بالقاهرة    إخماد حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم.. وتحرير محضر بالواقعة    تجديد حبس 4 سيدات بتهمة ممارسة الأعمال المنافية للآداب في التجمع    إصابة 4 أشخاص والبحث عن مفقودين في انهيار عقار من 5 طوابق بالمنيا    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    صحة الدقهلية نجاح فريق طبي بمستشفى السنبلاوين فى إعادة بناء وجه وفكين لمصاب    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    أنشطة مكثفة لصناع الخير عضو التحالف الوطنى فى محافظات الوجهين البحرى والقبلى    محافظ كفر الشيخ يعلن فتح اللجان الانتخابية في ثانٍ أيام جولة الإعادة بانتخابات النواب 2025    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 3 أشخاص    مصدر بالصحة: الدفع ب10 سيارات إسعاف في حادث مروري بدائري المنيب صباح اليوم    وزير العمل يلتقي رئيس اتحاد الحِرَف والمنشآت الصغيرة الإيطالي لتعزيز التعاون في التدريب المهني وتشغيل العمالة المصرية    انطلاق تصويت المصريين في اليوم الثاني لجولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    السفير السعودي: شراكة مؤسسية وتعاون دبلوماسي بين المملكة ومصر في خدمة اللغة العربية    عام استثنائي من النجاحات الإنتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    سنوات من المعاناة والغياب عن الأضواء في حياة نيفين مندور قبل وفاتها المأساوية    الكوكي: الأهلي المرشح الأبرز للدوري وبيراميدز أقرب منافسيه    بعد تداول منشور حزبي.. ضبط متطوعين خارج اللجان بزفتى بعد ادعاءات بتوجيه الناخبين    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    أمريكا توافق على مبيعات أسلحة بقيمة 11.1 مليار دولار لتايوان    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: انطلاق اليوم الحاسم لجولة الإعادة وسط تصويت محسوب واستقرار أمني    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    من تخفيض الفائدة إلى مكافأة المحارب.. أبرز وعود ترامب لعام 2026    انخفاض ملحوظ، درجات الحرارة اليوم الخميس في مصر    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    إدارة ترامب تسخر من بايدن بلوحة تذكارية على جدار البيت الأبيض    راشد الماجد يشعل حفله في مصر ويهدي أغنية ل ملك السعودية: "عاش سلمان" (فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    النواب الأمريكي يرفض مشروع قرار لتقييد صلاحيات ترامب    خالد أبو بكر يدعو الجماهير والأندية لدعم الزمالك.. جزء من تاريخ مصر    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    سوليما تطرح «بلاش طيبة» بالتعاون مع فريق عمل أغنية «بابا» ل عمرو دياب    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    أبناء قراء القرآن يتحفظون على تجسيد سيرة الآباء والأجداد دراميًا    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    باريس سان جيرمان وفلامنجو.. نهائي كأس الإنتركونتيننتال 2025 على صفيح ساخن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الميزان

ما بين الموت والخيال يتوقف القلم لأول مرة عند بداية السطر محتارا مثقلا غير قادر علي التنقل برشاقة كما كان من حرف إلي حرف, من كلمة إلي كلمة, من سطر إلي سطر.. والسبب ؟ طعنة الموت!!
تلك الطعنة المباغتة النافذة تنقض علي الأحياء والأموات علي حد سواء بسلاح له مذاق,تتفاوت مرارته بحسب الطعنة في الأفواه فذاك مصاب في أعز الناس, وذاك أيضا مصاب في واحد من الناس.. مجرد واحد من الناس, ولتظل الطعنة ولو بعيدة ذات مذاق!!
فإذا كان الموت بالنسبة لهذا مصيبة, فإن نفس الموت بالنسبة لذاك تذكرة,ولقد كانت مصيبتي منذ أيام في أعز الناس أخي!!
ومن اكبر نعم الله التي لا تعد ولا تحصي هو تلك الآلة العملاقة غير المحدودة القادرة علي التحليق في كل مكان وكل زمان بلا أدني حاجة إلي وقود إنه الخيال, ينتزعك بسرعة الضوء أو ربما أسرع إلي ما تشتهيه نفسك وأنت الجالس وسط أنقاض واقعك الأليم, يطوف بك مثلما شئت وكيفما أردت بدون حساب, يعيد إليك ما لم يعد في متناول يديك وهذا أضعف أنواع الخيال!! ذلك لأنه يحلق في حدود متطلبات الجسد, كمثل الجوعان الذي يحلم بسوق العيش, أو الفقير الذي يزغلل خياله شبح المال,أو المكلوم الذي يمني النفس برؤية من فارقه!!
ولكن تري الخيال علي هذا الحال وهو رحمة من رحمات الله قادرا علي أن يشبع الحواس ويعوض الإنسان ؟ أم تراه سرابا يحسبه الظمآن ماء يمني النفس بما لا يسمن ولا يغني من جوع ؟
أعتقد أنه سراب, صحيح أنه ضروري, ولكنه ليس مشبعا لجوع النفس وعطشها لتحقيق الرغبات, وهكذا الإنسان شديد الارتباط بكل ما هو مادي دائما!!
أما الخيال القوي فهو في رأي ذلك الخيال القادر علي انتزاعك من صغائر ما ترنو إليه نفسك علي النطاق الشخصي منطلقا بك إلي ما هو إنساني عميق وليس ما هو شخصي فإذا بك تقترب من جوهر الحقيقة الملثم دائما وراء الأحداث; تحدث الأحداث وتتلاحق, ويظل جوهر ما قابع خلف ما يحدث.. أيا كان ما يحدث!! فإذا بالخيال يساعدك علي أن تتفهمها الحقائق!!
واليوم أجدني لست أنتوي الخوض في الحديث عن مصابي الشخصي فليس من حقي أن أفرضه عليك, وإنما سأنطلق بك قدر ما أستطيع إلي ما هو ملثم خلف الحدث الموت نفسه!!
الموت.. حديث متصل يكره الناس الاقتراب منه; وكأن في الحديث عنه استدعاء لشيء قد يأتينا وقد لا يأتينا, والحقيقة أنه آت آت!!
الوجوه تتلاحق وتكاد تتشابه وهي تشد علي يدي في عزاء مهيب, مئات من الناس أو قل آلاف أراها جهارا أمام ناظري, وأجزم أنهم وقوف وأحيانا جلوس من حولي, ولكني للأسف لا أشعر سوي بشخص واحد أخي الذي فقدته!!
غريب هذا الشعور: أيطمس الخيال كل ما هو مادي إلي هذا الحد ؟ من منهما الأقوي إذن: الخيال أم الواقع ؟ من منهما إذا ما تحركت آلته دهس الآخر وجعله ركاما ؟ كنت أظنه الواقع المادي الملح بأدوات الحواس حتي وقت قريب, ولكن يبدو أن الخيال يتفوق دائما ما إن تدفعه الأحداث إلي حافة الإلحاح, أو ربما ما إن تعرف أنت مفاتيحه فتأججه وهذا هو الأهم!!
وأسأل نفسي الصامتة الحائرة وأنا الواقف وسط الجموع: حتي أحبائي الذين لم يفارقوني بعد, أتري حواسي المادية تدركهم في كل ثانية من ثواني العمر, أم تراهم مجرد صور أيضا في خيالي كلما أردت استدعيتها.. فارتويت ؟
يا إلهي, نحن جميعا مجرد أفكار في مخيلة بعضنا بعضا, أفكار داله علي أجسام مادية موجودة ولكن حواسك نفسها التي تسعي أنت كل السعي من أجل إرضائها لا تجعلك محيطا بكل هذا البشر أو مشبعا به حتي ولو اجتمع حولك كل البشر!!
أما الأهم فهو أن كل حياتنا, عودة من تلك اللحظة إلي عشرات سنين مضت, ما هي إلا أفكار تعيش في مخيلتنا بحلوها ومرها.. كل شيء نمر به سرعان ما يترجم إلي أفكار في جعبة الخيال لا ندركه بالحواس أبدا, بل هو مجموعة متراصة متراكمة من لحظات ماتت.. وهكذا الناس التي عرفناها أو سنعرفها كل شيء وأي شيء هو في الحقيقة مجرد خيال!! نحن نعيش في الخيال أصلا ولا نشعر, نجني بالحواس الخمسة في كل ثانية من عمر الزمن رصيد رهيب من الخيال نعيش فيه ويعيش فينا طفولتنا الآن خيال, وشبابنا خيال, ودراستنا خيال,وزواجنا خيال,وميلاد أطفالنا خيال واستدعاء دائم لأحداث ماتت فعليا ولا يمكن أن نعيشها أبدا سوي في الخيال!! يا إلهي, إن الخيال هو الواقع الأشمل وما الواقع إلا حصاد لمزيد من الخيال!!
أننا نفقد كل شيء في الواقع بما في ذلك الواقع نفسه.. ولكننا أبدا لا نفقد الخيال!!
أنت شخصيا بالنسبة لنفسك خيال, فلست أنت الذي ينظر إلي المرآة الآن هو نفس الشخص الذي نظر إلي نفس المرآة بالأمس البعيد أو حتي القريب!! فالذي كان هو شخص أخر بملامح مختلفة تتبدل وتتغير في كل لحظة علي نحو بطئ ولكنها تتغير!!
ألا تصدقني ؟
إذهب الآن إلي ألبوم صورك الشخصية منذ خمسة سنوات فقط وأمعن النظر ثم قارن شكلك في الماضي بشكلك الآن, لقد تغيرت يا عزيزي وصارت صورتك القديمة مجرد خيال!!
نصف عمرك نفسه خيال; فأنت منقسم ما بين استيقاظ ومنام, بينهما برزخ لا يبغيان,فإذا بغي هذا علي ذاك اختلت معادلة الإنسان!!
فاللهم لا تحرمنا من نعمة الخيال وأقرر اعيننا برصيد الذكريات وارحم موتانا وأعنا فأنت وحدك المستعان.
المزيد من أعمدة أشرف عبد المنعم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.