انذار هام وخطير يتم توجيهه لكل صناع السينما والدراما فى مصر... لا تقتربوا من ثورة يناير... اياكم واقحام الثورة فى اى لقطة او مشهد فى اى فيلم او مسلسل... اياكم والبدء فى اعداد فيلم عن ثورة 25 يناير فى الوقت الحالى ولا بعد عشرات السنين... هذه ليست روح انهزامية وليست بالطلع تقليلا من قدرة السينما على تجسيد احداث الثورة, ولكنها محاولة لانقاذ صناع السينما من الانزلاق فى فخ الثورة حيث ان الثورة تداعب خيال اى مبدع لكى يعبر عن احداثها كل برؤيته ووجهة نظره, فالنتيجة الطبيعية لاى معالجة سينمائية لثورة يناير ستكون نتيجتها الفشل - السبب ببساطة هو ان الفن مرادف الخيال - اى ان الخيال هو المحرك الاساسى للمبدع وللمتلقى ايضا خاصة فى الاعمال التاريخية التى يحاول صانعوها ان يقدموا الوقائع التاريخية مغلفة بنسيج خيالى بحيث لا يستطيع المشاهد ان يفرق بين ما هو حقيقى وما هو خيال وهذه هى المعادلة الصعبة التى تحقق المتعة فى صناعة ومشاهدة الاعمال التاريخية. قد تسال عزيزى القارىء - وماهو الخطر فى تقديم فيلم عن ثورة 25 يناير ؟ الخطر عزيزى القارىء هو ان معظم الاجيال الحاضرة شاهدت احداث الثورة منذ اندلاعها فى صباح 25 يناير وحتى تنحى الرئيس مبارك مساء يوم 11 فبراير لحظة بلحظة - خطوة خطوة - كلمة كلمة - كل تفاصيل الثورة تابعناها من خلال الفضائيات حتى باتت محفورة فى وجداننا... دراما حقيقية تابعناها وتابعنا ابطالها فى حبكة درامية تحمل مفاجأت وتطورات يعجز اى مؤلف ان يتوقعها... حركة الجماهير الدؤبة والمدوية والتى يعجز اى مخرج عبقرى عن التحكم فى تحريها او تصويرها... حتى اداء الرئيس السابق مبارك, اداء يعجز اى ممثل موهوب ان يتحكم فى انفعالاته حتى يظهر غير ما يبطن محاولا ان يخفى جرحه العميق وهو يناور شعبه بخطب فارغة بلا مضمون. لقد وضعت ثورة 25 يناير السينما المصرية فى مأزق حقيقى, فقبل الثورة بسنوات قليلة ظهرت مجموعة افلام كانت تناقش الفساد فى السلطة والشرطة مما جذب اهتمام الناس لينفثوا عن غضبهم, والان وقد سقطت رموز الفساد من راس السمكة فماذا ستقدم السينما... فلا مجال لافلام رومانسية فى مجتمع يعيش مخاض ثورته المجيدة ولا مجال لافلام تعتمد على الرمز السياسى لتداعب زكاء المشاهد فقد سقطط الحواجز واصبح النقد مباح بدون اسقف او محاذير. قد يكون الحظ ملاصقا فى هذه المرحلة للسينما التسجيلية فالمادة المصوّرة التي توافرت في هذه الثورة قد تساعد في إنجاز كمّ من أفلام تسجيلية ذات جماهيرية كبيرة، نظراً إلى عطش الناس إلى المعرفة، ولن يتوقف هذا الإقبال لأن الجمهور يرغب في الاطلاع على ما يحدث في المجتمع والتعرف إلى جوانبه كافة، وهذا ما تؤمّنه السينما التسجيلية.. لم يعد امام صناع السينما سوى العودة الى الافلام الكوميدية... فالجميع بدون شك اصبح فى امس الحاجة لان يضحك المزيد من مقالات وسام أبوالعطا