البعض يحاول ألا يري انه يوما بعد يوم تتفتح زهرة وليدة في حديقة الدولة المصرية, غراسها أرواح ودماء شباب مصر وفتياتها, ومن خلفهم تاريخ ناصع لبعض الآباء الأحرار الذين وقفوا في وجه الفساد والظلم, في ميدان التحرير وميادين أخري بطول البلاد وعرضها, اتسعت ساحاتها لتحتوي مطالبهم بالعدل والحرية والمساواة. في 25 يناير بدأت المسيرة, وقبل ان تمر خمسة أشهر بدأت ملامح الحياة السياسية تتشكل علي أسس جديدة, فخرجت إلي النور أحزاب وتحالفات من المحتم أن تقود مسيرة هذا الوطن علي قواعد بناها الثائرون وحافظت عليها قواتهم المسلحة. رغم العناء والعثرات والكبوات والتربص من الداخل حينا ومن الخارج أحيانا إلا أن الروح الجديدة التي تسري في الجسد المصري تشع نورا سيضئ للأجيال القادمة طريقها الذي افتقدته أجيالها عقودا طويلة سابقة. ورغم الجدل المثار حول الأدوار التي تلعبها القوي السياسية المختلفة الضعيفة والقوية إلا أن ذلك لاينفي اننا علي الطريق الصحيح فمهما كان مدي القوة التي تتمتع بها أي جماعة أو حزب إلا انه في النهاية سيسعي الجميع إلي أن يحصل علي صوت أفقر مواطن في أضيق حارة في أبعد منطقة عشوائية علي أطراف أصغر مدينة وهنا مايحيي الأمل في النفوس في إجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة تدافع عنها إرادة شعب ثائر ويحمي استقلالها رجال القوات المسلحة الذين دافعوا دائما عن الأرض والعرض, وتبقي ملحمة المجلس العسكري الذي قيل انه يحكم ولايدير خلال الفترة الانتقالية إلي أن يتم تسليم الأمانة إلي الرئيس المدني المنتخب بإرادة شعبية حرة. في الفترة الانتقالية الحرجة في أي عمل مهما يكن صغيرا أو كبيرا دائما مايثور اللغط وتختلط المفاهيم وتعلو أصوات وتتواري أخري وتزداد حدة حملات التشكيك في أي شئ وفي كل شئ هذا حقيقي وموجود وربما بعضه مشروع. الدستور أولا, انتخابات الرئاسة, حل المجالس المحلية, إقالة وزراء ومحافظين, احتجاجات ومظاهرات, مطالب فئوية وبلطجة, كل هذا قيل وسيقال, وللحق فهو متوقع بل احيانا كان مطلوبا وربما تكون الاستجابات غير كافية ولكن ورغم ذلك فلا شك ان المصريين قادمون. فعلي المدي البعيد وكما يبدو للمراقب فإن المجلس العسكري ورجال القوات المسلحة الذين نجحوا باقتدار في الحفاظ علي استمرارية وجود الدولة المصرية ككيان مكتمل, كما قدموا للوطن مالم تستطعه قوي أخري مسلحة في دول مرت بنفس ظروفنا, فالحفاظ علي وحدة القوات نفسها, وايضا القضاء المدني والخطط التنموية الموروثة التي توفر بداية ممكنة للاصلاح هي انجازات كبري, وسيأتي الوقت الذي سيصبح الكلام عنها متاحا امام كل ذي عينين. مصر قادمة هذه هي الحقيقة والمصريون علي الطريق الصحيح رغم أن البعض يريد الآن وفورا رؤية حصاد ما غرسته الأيدي الشريفة. مصر قادمة رغم عدم خبرة البعض ورغم محاولات البعض الآخر لتعميم الخاص علي العام وطمس حقيقة ما فعله ثوارها وجيشها! المزيد من مقالات ابراهيم سنجاب