قالت لي ابنتي: شاهدت زمان فيلم أرض النفاق لفؤاد المهندس, فوجدته فيلما ساذجا سطحيا لا يتسم بالجدية, ولا يعكس واقعا ممكنا أبدا, وعندما كبرت والكلام مازال لابنتي رأيته فيلما جادا جدا ويعبر عن جوهر موجود, وأمل مفقود فعلا للأسف. وكنت في تلك اللحظة أقرأ في الأهرام مقالا للدكتور زغلول النجار بعنوان بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما, وهي آية من آيات سورة النساء تحرم النفاق, وتذم المنافقين, وتؤكد أنهم أخطر علي المجتمع من الكافرين!! لذلك نبه ربنا تبارك وتعالي إلي خطر النفاق والمنافقين بقوله: إن المنافقين هم الفاسقون, فالمنافقون يفعلون من الأمور أقبحها, ويتظاهرون بالورع والصلاح, ويتركون الحق, ويدعمون الباطل.. يأمرون بالمنكر, وينهون عن المعروف!! وهذا يمكن أن نراه في المجتمع الذي ينتشر فيه أمثالهم!! وكيف تصل الأوطان إلي قمة الإصلاح والطريق إليه مفروش بالأغراض الذاتية وليس المصالح القومية!! إن مسايرة الآخر حتي ولو كان علي خطأ, بداية لفساد لا يرجو منه تقدم يخطو بثبات إلي قمة الحضارة!! فالسكوت هنا من فضة!! ومواجهته من ذهب!! وإذا كان المفسدون أكثر خطورة من الفاسدين, فكذلك الحال بالنسبة للمنافقين, فالغاية عندهم تبرر الوسيلة, والخطورة تكمن في أن منهم من يملك قوة التأثير علي المجتمع بسهولة ويسر بغزو الإلحاح خصوصا إذا كان في مركز قيادة, أو يمسك بقلم أو ميكروفون مفروض أنه عليم ببواطن الأمور, أو يطل علي الملايين عبر شاشات السينما ليقذفوا للوطن بأبلغ الرسائل وأنقاها, فهؤلاء أجمعون إطلالتهم مؤثرة, وبالطبع رسمية, والمفترض أن تكون بالغة الاحترام, والدقة, والنقاء الضميري! وبالتالي يستقبل المجتمع آراءهم مثل المريض الذي يقرأ روشتة طبية؟!! وللأسف إن المنافق قادر علي تكوين حجته, وتزيين مفاسده, والنتيجة تدهور وتراجع وضمور في عقل الوطن, وكما قالوا من يقع في خطأ فهو إنسان, ومن يصر عليه فهو شيطان, كل إنسان معرض للخطأ, لكن الإنسان السوي يعدل من سلوكه إذا علم بخطئه, أما المنافق فيصر علي أخطائه لكي يحقق مآربه الشيطانية تدفعه مصالحه فقط. إنهم يدسون السم في العسل الذي يرهق الأوطان, ويخمد من همة التقدم حتي يتوه المعقول والصح فترتبك العقول, ويظهر المنطق المغلوط المتدني الذي شعاره أي كلام فاضي معقول. مثال بسيط جدا.. في أحد البرامج التليفزيونية استضافت المذيعة شاعرة شابة ممكن أن تكون واعدة إذا تخلصت من ركاكة بعض مفرداتها اللغوية, لكن المذيعة قالت لها هائل رائع.. مع أن القصيدة بها كلمات ليست كذلك أبدا.. حتي لو كانت علي إسرائيل.. مثل يا واطية.. يا جزمة تصوروا!! هادية المستكاوي