حذر آلان جريش رئيس التحرير السابق لجريدة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية, من خطر إهمال النمو الاقتصادي في مصر في الفترة المقبلة, مؤكدا أن تحسين الوضع الاقتصادي لمصر كفيل بإعطائها استقلالية سياسية واتخاذ قرار سياسي حر. وأعطي تركيا كمثال فهي دولة لديها موقف قوي وواضح تجاه اسرائيل نظرا لتمتعها باستقلالية سياسية نتجت عن اقتصادها القوي. وأعرب جريش في الندوة التي نظمها مركز الدراسات الاجتماعية والتاريخية بالأهرام, والتي أدارها الاستاذ نبيل عبدالفتاح مدير المركز عن تفاؤله إزاء الوضع الحالي في مصر, فما يحدث في مصر يعتبر أمرا طبيعيا يعقب أغلب الثورات, حتي مع تردي بعض الأوضاع, واستطرد قائلا رغم عدم وجود قيادة واضحة أو برنامج واضح للثورة في مصر أو تونس من قبلها, فهو أمر لا يدعو للقلق, فبالنظر للتاريخ نجد الثورة الفرنسية علي سبيل المثال قامت دون وجود قائد أو برنامج محدد لها, ومع هذا حققت أهدافها, واعتبر رئيس تحرير الصحيفة الدولية ما يحدث في المنطقة العربية من ثورات, أمرا جيدا لايمكن أن يعود للوراء مهما حدث ومهما واجهت هذه الثورات من مصاعب. وأشار الي أن أحد الصعاب الي تواجهها مصر حاليا, هو الحوار الدائر حول ما اذا كان الأنسب قيام دولة مدنية أو إسلامية, ووصفه بأنه حوار لا معني له, في الوقت الذي يجب أن تركز فيه القوي السياسية المختلفة علي إيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والصحة وغيرهما. وردا علي تبني وجهة نظر أن جميع الأحداث التي شهدتها المنطقة أخيرا ما هي إلا خطة وضعتها القوي الأمريكية والغربية, قال جريش إن وقت هيمنة أمريكا وأوروبا علي السياسة العالمية انتهي بالفعل منذ فترة طويلة مع دخول لاعبين جدد للساحة الدولية مثل الصين والبرازيل والهند وجنوب افريقيا, وقد تكون مصر مستقبلا احدي القوي علي الساحة الدولية. ورفض جريش فكرة تبني نموذج للديمقراطية نظرا لتمتع كل دولة بظروف تختلف عن أي دولة أخري, فلايمكن مثلا اتخاذ النموذج التركي وتجربتها في الديمقراطية مثالا يجب أن يحتذي به في مصر, خاصة أنه مع مرور الوقت بدأ الشعب التركي نفسه في الشعور بأهمية التغيير ومطالبة الجيش بتقليص دوره. وأكد أنه لا مفر من محاولات الولاياتالمتحدةالأمريكية واسرائيل التدخل في المنطقة ومصر تحديدا, نظرا للمكانة التي تحظي بها مصر وهو أمر طبيعي, إلا أن التجربة أثبتت أن الشعوب هي صاحبة القرار في النهاية وأن المستقبل في يد الشعوب وهو الدرس الذي تعلمناه من الثورة العربية.