قد يتورط المرء منا في الكذب مرة أو أكثر, طبيعة البشر هكذا, لا أحد معصوم, والكمال لله وحده, والبشر يخطئون وخير الخطاءين التوابون هذا معلوم لكن غير المفهوم هو ما الذي يدفع البعض منا إلي اجترار الكذب والتمادي فيه حتي يصبح الشخص هو نفسه لا يفرق بين ما يردده في كلامه من حقائق وبين ما يدعي من أكاذيب, ويظن أنه ينجو. الكذب آفة تسحب من الإنسان فطرته وتجعله مختلفا, عن طبيعة البشر من كثرة ما ينطق به من قصص مختلقة وحكايات مفتعله, قد تستمع له في المرة الأولي وربما الثانية دون أن تكتشف. وعندما تدرك أنه يكذب تحس من داخلك بشيء غريب تفقد معه صلة الأمان به والاطمئنان إليه.وتتعجب من كونه يكرر الكذب في حكايات بسيطة. يصعب علي النفس أن يأتي الكذب من أناس هم في موقع القدوة, في اللحظة الحرجة التي يمر بها الوطن تزداد الظاهرة بشكل مخيف, غالبية من يدعي الفراسة الآن ويمتطي صهوة جواد الثورة الجامح, كانوا من قبل يركبون جياد السلطة المطلقة وتشهد علي ذلك أقلامهم وكتاباتهم وكلامهم الفاضح علي الهواء, لكنهم يتمادون الآن في خداع الناس بمواقف بلون الثورة وطعم العهد الجيد, وبنفس الأسلوب الباحث عن المجد الشخصي ولا سواه والوجاهة الاجتماعية ليس إلا, والصور الضخمة التي تكذب ولا تتجمل وتملأ الشوارع والميادين بنظرات من عيون لا تبصر, كل الديانات والفضائل تنهي عن الكذب. قال تعالي:(إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) وكان علي بن الحسين رضي الله عنه يقول لولده: اتقوا الكذب, الصغير منه والكبير, في كل جد وهزل, فإن الرجل إذا كذب في الصغير, اجترأ علي الكبير, أما علمتم أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: ما يزال العبد يصدق حتي يكتبه الله صديقا, وما يزال العبد يكذب حتي يكتبه الله كذابا) وقال عيسي بن مريم( عليه السلام):( من كثر كذبه ذهب بهاؤه) والحكمة تقول إن كان الكذب ينجي فالصدق أنجي.