«الأعلى للجامعات»: إنشاء مكتب النزاهة العلمية بالجامعات    1800 كرتونة لحوم ومواشي.. كيف تستعد مديرية التموين في جنوب سيناء لعيد الأضحى؟    محافظ الجيزة: حظر نقل وحفظ جلود الأضاحى دون تصريح.. و5000 جنيه غرامة للمخالف    وزير المالية: نعمل على خفض زمن وتكلفة الإفراج الجمركي لتقليل أعباء الإنتاج وتحفيز الاستثمار والتصدير    الصحف العالمية: تفاؤل حذر في البيت الأبيض حول مقترح ترامب لوقف إطلاق النار فى غزة.. الغرب ساعد موسكو فى تمويل حربها ضد أوكرانيا بشراء النفط والغاز.. وسلوفاكيا تثير الجدل بعد السماح للمطاعم تقديم لحم الدببة    بن غفير: حان الوقت للتدخل في قطاع غزة بكل قوتنا    رامي ربيعة يتوجه للإمارات لإتمام انتقاله للعين بعد انتهاء علاقته بالأهلي    ضبط 507 مخالفات مرورية لعدم ارتداء الخوذة في 24 ساعة    بصوت مروة ناجي.. حفل كامل العدد في حب كوكب الشرق أم كلثوم (تفاصيل وصور)    بعد «come back to me» الشعبية.. يوسف جبريال يشكر تامر حسني عبر السوشيال ميديا (فيديو)    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    خطيب الحرم المكي يحث الحجاج على الالتزام.. ويشدد: لا حج دون تصريح    ألم الجانب الأيسر من الظهر.. إليك 7 أسباب    أول تعليق من أسامة نبيه بعد قرعة كأس العالم للشباب    جامعة قناة السويس تواصل تمكين طلابها.. الملتقى التوظيفي السادس ب"السياحة والفنادق" يجمع كبرى المؤسسات    ضبط 9 عناصر إجرامية بحوزتهم 33 كيلو مخدرات ب«أسوان ودمياط»    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    أوكرانيا تُعلن استعدادها لحضور الجولة الثانية من مفاوضات إسطنبول    أجرت مقابلة تلفزيونية بعد يومين من الولادة.. ريا أبي راشد تتحدث عن زواجها والأمومة (فيديو)    ديو "إهدى حبة" يتصدر التريند.. ديانا حداد والدوزي يشعلان الصيف    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    نائب وزير الصحة يتفقد عددا من المنشآت الصحية فى البحر الأحمر    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يستقبل وفد اتحاد المستشفيات العربية    نقابة المهندسين تبدأ فى تسفير أفواج الحجاج إلى الأراضي المقدسة    سعر الخضار والفاكهة اليوم الجمعة 30 مايو 2025 فى المنوفية.. الطماطم 12جنيه    جيش الاحتلال يعلن انضمام لواء كفير إلى الفرقة 36 للقتال في خان يونس    الجامعات الخاصة والأهلية تفتح باب التقديم المبكر للعام الدراسي الجديد.. قائمة بالمؤسسات المعتمدة.. ووزير التعليم العالي يوجه بسرعة إعلان نتائج الامتحانات    في ذكرى رحيله.. "جوكر الكوميديا" حسن حسني بوصلة نجاح الشباب    إمام عاشور يحسم الجدل: باقٍ مع الأهلي ولا أفكر في الرحيل    رئيس التنظيم والإدارة يستعرض التجربة المصرية في تطبيق معايير الحوكمة    تكبير ودعاء وصدقة.. كيف ترفع أجرك في أيام ذي الحجة؟    ماسك يكشف عن خلاف مع إدارة ترامب    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    ذكرى رحيل "سمراء النيل" مديحة يسري.. وجه السينما المبتسم الذي لا يُنسى    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    ملاكي دخلت في موتوسيكل.. كواليس مصرع شخص وإصابة 3 آخرين بحادث تصادم بالحوامدية    رئيسة القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف    "الشربيني": بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ب"سكن لكل المصريين 5" بنتيجة ترتيب الأولويات    غدا.. وزير الصناعة والنقل يلتقي مستثمري البحيرة لبحث التحديات الصناعية    القومي للبحوث يرسل قافلة طبية إلى قرية دمهوج -مركز قويسنا- محافظة المنوفية    المضارون من الإيجار القديم: مد العقود لأكثر من 5 سنوات ظلم للملاك واستمرار لمعاناتهم بعد 70 عامًا    ضبط كيان مخالف لتصنيع الشيكولاتة مجهولة المصدر بالمنوفية    ماكرون يتحدث مجددا عن الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماذا قال؟    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    رئيس وزراء اليابان يحذر من التوتر بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية    مصرع شاب و إصابة أخر في تصادم موتوسيكل بأخر في المنوفية    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    بعد أنباء رحيله.. كونتي مستمر مع نابولي    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة‏..‏ والمستقبل

ازعم ان ثورة‏25‏ يناير في حاجة ماسة إلي ثورة من نوع آخر‏,‏ نعم‏,‏ زلزلت المجتمع المصري‏,‏ قلبت صفحات عهد طال حتي ضقنا به ذرعا‏,‏ القت بذور الحرية والامل‏,‏ هزت التقاليد البالية والفكر العقيم‏,‏ ذلك كله قد تحقق‏,‏ ولكن الحياة‏,‏ وعيش الملايين لايستقيم امرهما بالافكار والنظريات والاحلام‏.‏ ان الامر خطير اذا سارت الامور كما تبدو في بطء ورتابة, وفي كثير من القلق والاضطرابات والفوضي تكاد الرؤية للمستقبل تبدو باهتة او ضائعة, وان لم يزل التفاؤل والامل متوهجا بشباب الوطن فإن كانت الثورة جاءت بالحرية وحطمت حاجز الخوف, ففي الوقت ذاته احاطت نتائجها المجتمع بالقلق وعدم الامان, وان كانت قد هزت الفكر القديم فإنها اطلقت العنان لمن كانوا في كبت وحرمان وطفا علي سطح المجتمع تطرف ينبيء بالكوارث, ولامبالاة قد تدمر كل حلم جميل, ان الثورة في حاجة الي ثورة من نوع اخر.
ثورة توقف نزيف الاقتصاد, واختصار التنمية, هل فلت زمام القانون فأضحي في قدرة الف شخص او ثلاثة آلاف ان يقطعوا السكة الحديدية ويعطلوا حركة الحياة لثمانين مليونا, او ان في قدرة اعداد قليلة تعتصم اياما وأسابيع في مشهد لم تعرفه مصر, ولايحدث في الامم الراقية, فللاضراب قانون وللاعتصام قانون, وللاحتجاجات قانون, وإلاصارت الحياة معاناة وشقاء.
ثورة تطرد الخوف من همجية تنهش امن الوطن بلا رادع او عقاب صارم, كثرت حوادث السرقات والاغتصاب والتعدي علي الآمنين, وأصبح السير في الطرق السريعة محفوفا بالمخاطر والذهاب الي الحدائق والاندية والمصايف, امرا مرعبا. هل تحول المجتمع إلي غابة بلا قانون الا قانون القوة, كيف يمكن ان نبني مستقبلا, ووطنا متحضرا في زحمة من تدهور الاستقرار والامن, ألسنا في حاجة الي ثورة تحقق مباديء ثورة يناير في استعادة كرامة الفرد, وامن المجتمع, وسيادة القانون..
ثورة صريحة واضحة تعلنها في غير تردد او مواربة اننا في حاجة الي دولة مدنية, حرة, ديمقراطية لاسلطة فيها الا للقانون والعدل, لا مكان فيها لدعاة التخلف و التطرف والطائفية ولاحرب بين العقائد والمذاهب, تلك نيران احرقت شعوبا بكاملها, والتاريخ شاهد بفشل صبغة السياسة بالدين, وانتساب الدين للسياسة, والخلط بين القوانين الالهية و القوانين الدنيوية والانسان اعلم بشئون دنياه, من يذكر ان الامة بأسرها في خشية من تنامي التيارات المتشددة التي تريد ان تحكم القرن الحادي والعشرين بعقلية العصور الوسطي, ولم تدرك ان اي شرع الهي انما هو نور لكافة العصور ومنهج للضمير في وجدان الانسان, وكم تغيرت الدنيا وتغير الانسان وتغيرت سبل الحياة, اما الثابت الذي لايهتز ولاينقص فهو ضمير كل انسان يظل ينبض بالرغبة في اكتشاف الحق والخير والجمال بقدر ما ينال من التربية والثقافة والامان, وكل عصر له تفسيره وله علماؤه وله انسانه وله ضميره, فالحقيقة المطلقة ثابتة متوهجة يتأملها كل عصر بمفهومه وظروفه وقدرات انسانه فالدين نور, والنور يتسرب الي القصور والاكواخ والشوارع والازقة والعقول والحضارات.
ثورة تعيد الكرامة الحقيقية للانسان لكل انسان, لاي انسان, والمعني الحقيقي لرسالة الحياة, ان كرامة الانسان هي في ذاته فهو نفخة الهية لا في جنسه او لونه او دينه, يكفي انه الانسان خليفة خالقه, والانسان ليس حزمة من الغرائز, يمده المجتمع بالغذاء والكساء والسكن, وليس آلة في ماكينة صماء, وليس نسخة مكررة من اي انسان آخر, ومنذ بداية الخلق حتي يرث الله الارض ومن عليها, وليس صندوقا من لحم ودم تملؤه بما شئت من ايديولوجيات لتحركه كلعبة, ان الانسان قبل كل شيء لن يكون انسانا الا اذا شعر بكرامة انسانيته, المستمدة من خالقه, ومن تكوينه الجسدي والروحي والعقلي, اننا في اشد الحاجة لتعميق معني كرامة الانسان وقيمته فهو البداية لقيام نهضة وحضارة ورقي دون اكراه او اذلال او استعباد او استيلاء فقد كان للانسان كرامته والله رعاه قبل الاديان وقبل الوحي.
اننا في حاجة الي ثورة في مناهج التعليم كافة, بل وفي ثقافتنا الاجتماعية والوطنية, ثورة تحقق خصوصيتنا من جهة وتضمنا إلي ثقافة انسانية شاملة فأصل البشرية واحد, وغايتهم واحدة, ومصيرهم الي واحد, وكرامتهم واحدة, ثورة تخرجنا من مبدأ درسناه يقول: ان نأخذ من كل علم بطرف, لندخل في مبدأالتخصص وخلق علماء اكفاء, لقد ظلت اوروبا حتي القرن الخامس عشر, غارقة في ثقافة دينية سجنتها وقيدتها وسلطت عليها رجال الدين الذين في نظر الشعوب العلم والحكمة والسلطة وسرقوا بذلك عقول وضمائر هذه الشعوب, التي عاشت في خوف من المجاعات والأمراض, حتي تفجر تيار العلم وجلس العقل علي عرشه, بالعلم حاربت الشعوب الجهل والجوع والأمراض والكوارث, ولو لا العلم لظل الغرب والشرق حتي اليوم اسير الاساطير والسحر والشعوذة, وحتي عهد قريب في الصعيد كان يطلق علي التماثيل الأثرية الغالية كلمة المساخيط دون ان يدري الناس أنها حضارة وفنون وتراث وتاريخ.. وكانت أوروبا قبل القرن الخامس عشر تطلق علي المحيط الأطلسي بحر الظلمات تسكنه العفاريت والجنيات.
نريد ثورة25 يناير ان تتصل بلا انقطاع, لقد تحقق الهدف الأول, وهو التغيير وبداية عصر جديد, وإنها لمعجزة كبري, وبقي ان نمضي للبناء, للحياة, وفي إيجاز, ان نصبح شعبا جديدا اهلا لأن يكون شعبا لمصر كنانة الله.
المزيد من مقالات د‏.‏ الأنبا يوحنا قلته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.