شهد المؤتمر السنوي للجنة الشئون العامة الأمريكية-الإسرائيلية إيباكAIPAC وهي كبري جماعات الضغط في الولاياتالمتحدة اهتماما بتطورات الوضع الداخلي في مصر بعد الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك. وقد تباري الخبراء الأمريكيون والإسرائيليون لطرح الرؤي المختلفة لمستقبل السلطة في مصر والعلاقات مع الولاياتالمتحدة واسرائيل علي مدي ثلاث جلسات حضرها المئات من رواد المؤتمر من اليهود الامريكيين والإسرائيليين وقد حلت الثورة المصرية ضيفا طارئا علي جدول الأعمال هذا العام في ظل شغف اليهود الأمريكيين إلي معرفة ما يجري في مصر وتأثيره علي إسرائيل. المشهد المصري بعيون أمريكية قالت ميشيل دن الخبيرة المعروفة بمؤسسة كارنيجي للأبحاث في واشنطن أن مصر تمر بمرحلة وسطية اليوم ما بين الثورة والانتقال أو التحول السياسي حيث مازالت عملية التخلص من النظام السابق مستمرة بتقديم عدد من رموزه للمحاكمة. وأشارت دن إلي أن ما تغير في مصر هو إنتهاء عهد الرئاسة الملكية إلي الأبد ولن يرجع الحزب الواحد مرة اخري وعلي الأرجح سوف تشهد البلاد انتخابات أكثر شفافية ودستورا جديدا فيما أشارت إلي إستمرار بعض مظاهر عدم التغير ومنها إستمرار الجيش في لعب الدور الرئيسي في الحياة السياسية واستمرار النزعة الطائفية التي راهنت الثورة علي التخلص منها بعد52 يناير. واضافت ان تحول مصر إلي نظام رئاسي أو برلماني غير واضح وهو أمر هام لأن النظام الجديد للحكم سوف تبني عليه الكثير من السياسات في المستقبل. وقالت خبيرة كارنيجي ان المعارضة الفعلية تحت حكم مبارك كانت تعني جماعة الإخوان المسلمين أما اليوم فقد ظهرت قوي عديدة من اليمين إلي اليسار, مشيرة إلي أن الخبراء الأمريكيين في الشأن المصري لا يعلمون حقيقية أو حجم شعبية جماعة الإخوان المسلمين في المجتمع المصري ولكن ما يعلمونه أن الجماعة بارعة في عملية الحشد والمناورة وربما تكون خطة حزب العدالة والحرية المنبثق عن الجماعة هو أن يصبح صاحب أكبر كتلة حزبية في البرلمان الجديد. وعن الوضع الاقتصادي قال الباحث ديفيد شانكر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني المقرب من إسرائيل- أن استمرار الوضع الاقتصادي الحالي في مصر يمكن ان يدفع الثورة المصرية في إتجاهات جديدة وقال أن قطاع السياحة هو الأكثر تضررا ووجود 300 رجل أعمال علي قوائم الممنوعين من السفر يؤثر علي مناخ الأعمال, وأشار إلي زيارته للقاهرة الأسبوع الماضي حيث سأل خبير من مؤسسة مورجان ستانلي عن كيفية مقابلة رجال الأعمال الكبار فقال له المسئول المالي مازحا أعتقد الأسهل أن تراهم في لندن.. وليس القاهرة. ودعا شانكر الذي خدم في مواقع رفيعة في البنتاجون في السابق إلي ضرورة التفكير في منح مصر وضعا تجاريا متميزا بالتوقيع علي إتفاقية لتحرير التجارة بين القاهرةوواشنطن في أقرب فرصة وعدم الإكتفاء بحزمة المساعدات الأخيرة. مصر في الاقليم العربي وعن الوضع الإقليمي قال جون ألترمان مدير وحدة الشرق الأوسط في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية إلي أن مصر هي مركز الجاذبية السياسية في الشرق الأوسط والدور الإقليمي لمصر تأثر في السابق بتركيز مبارك علي العلاقات الثنائية مع الولاياتالمتحدة وأشار إلي أن أول من يريد أن تلعب مصر دورا أقليميا رئيسيا هم عرب الخليج في مواجهة قوة إيران وأن القاهرة ربما لا تريد استمرار سيطرة حركة حماس علي قطاع غزة لأن الأوضاع التي تسيطر فيها جماعات خارج نطاق السلطة تكون محفوفة بالمخاطر وهو ربما الدافع وراء توقيع إتفاق المصالحة الفلسطينية وقال أن مسألة غلق الحدود مع قطاع غزة كانت مكروهة تماما في المجتمع المصري. وألمح ألترمان إلي أن استعادة القوة الدبلوماسية والسياسية لمصر تبدو اليوم في عدم القدرة علي الوصول إلي الدبلوماسيين المصريين بسهولة مثل السابق- وهو انطباعه عن زيارته الأخيرة للقاهرة. وتوقع الترمان إستمرار استراتيجية مصر تجاه العلاقات مع إسرائيل بصورة أقرب من الوضع في السابق مع اختلافات في اساليب إدارة العلاقة وقال أن مصر الجديدة لن تشكل تهديدا لإسرائيل في المدي القصير او الطويل. وفي جلسة حول العلاقات بين مصر وإسرائيل والولاياتالمتحدة قال السفير الأمريكي السابق إدوارد وواكر أن مصر هي الدولة الأهم للولايات المتحدة في المنطقة, مشيرا إلي ان علاقة المؤسسة العسكرية المصرية بأمريكا ليست بسبب المساعدات المالية فقط ولكن هناك تاريخ اليوم من التعاون في مجالات التدريب وتوريد قطع الغيار وتحديث الجيش المصري لأكثر من 20 عاما إلا أن وواكر قال ان الأجواء الحالية غير مسبوقة ويصعب التنبؤ بما سيحدث في المستقبل. كما قال الجنرال المتقاعد عاموس جلعاد رئيس مكتب الشئون السياسية-العسكرية والسياسات بوزارة الدفاع الإسرائيلية ان التاريخ في الشرق الأوسط يتغير كل ساعتين تقريبا وسيكون الأمر مدهشا عندما يدرسه الطلبة في المستقبل! وأقر جلعاد أن مصر هي قائد المنطقة وتغيرها يعني زلزالا سياسيا في ربوع الشرق الأوسط وقال ان إسرائيل تقيم الموقف الاستراتيجي بصورة يومية وهي تدرك اليوم أهمية المعرفة والقدرة العسكرية حتي لا تؤخذ بالمفاجأة مما يحدث في مصر.